قراءة في رواية..

"متاهات النقاش" في ستاريكس تأليف علي لفتة سعيد مؤسسة ابجد

كل يريد ان يفتح بابا لنقاش هو يريده ليلقي الكلام الذي يلائمه رأيا وفكرا ليتحول النقاش الى جدال وصراع وتوتر دون فائدة.

الدرهم يلعب بحمران العيون - أرشيف

بغداد

الى احفادي الثمانية

حلم ان تكون حياتكم بلا حروب

حين تكبرون

يرد الظل......ان الحروب مأوى الوطن

فلا تخاف على الساحات المحيطة بالأنهار

تصرخ بك الدرابين...ان الرصاص خرم كحلتها البيضاء)

كان ذلك اهداء الكاتب للرواية، التي تحكي احداث رحلة في وطن ،من الناصرية  وكربلاء في حافلة نقل نوع ( ستاريكس) تسع احدى عشر راكبا مختلفي الاعمار وغرباء عن بعضهم برفقة عائلته وبعضهم وحيد هناك عائلة مكونة من اب وام وابن صغير وفتاة ثلاثينية وطفلتها ذات الثمانية أعوام فقدت يأحدى يديها في صراع عشائري وشاب عشريني جريح ، كان قد غادر راجعا الى الناصرية بعد مشاركته في مظاهرات تشرين شيخ ورجل دين يسافر وحيدا،

تنشأ علاقات وقتية من طول مسافة السفر ويحدث ان تتفوه الالسن باحاديث طويلة.

بدأت حين دخلت العجلة الامامية للسيارة في حفرة صغيرة اركت حركة السيارة وادت الى تصادم الركاب مع بعضهم البعض وكانت مفتاحا للتحرش خصوصا بين الشاب العشريني والفتاة الوحيدة بعد وفاة زوجها اثارت حركتهم الغير اخلاقية انتباه الركاب الذين اخذهم فرط الفضول بالمراقبة.

الجميع لم يكن راغبا في خوض او الدخول في متاهات النقاش وثمة نعاس اقوى من مشاركة الحديث يغفو بعضعهم فيما تدور نقاشات تطفو فوق النعاس وفوق متاعب السفر ،كأنها تفرض فرضا استغفار والالتزام بالعبادة.

فالطريق للناصرية طويل ولابد من حوارات للرؤوس المتمايلة على اكتاف من يجاورها يقطع الصمت صوت دخول الريح من نافذة السائق ليستسلم الركاب الى الكلام فهو سيد الساعات في الطريق الطويل، هكذا حكم الطريق الخارجي ان تعلو اصوات النقاش حول مظاهرات تشرين واسبابها وعن ما قيل عنها من صدق او افتراء من مخالطتها لعوامل سياسة خارجية او داخلية متنفذة، لتربط بالأحداث والاحزاب المتنفذة بالدولة، متذكرين الحروب المريرة التي عانى منها العراقي  وما اكثر ما ولد من ارامل وايتام وشهداء وابرياء وما اشده على الفقراء والتعساء، كيف لا والعراقي مر بالإرهاب وعانى الامرين منه وتدخل الاحتلال والفاسدين والسراق به كان انفجار الكلام في جوف السيارة كل منهم يريد الحديث، بعضهم يمجد نظاما وبعضهم يذكر مساؤه.

كل يريد ان يفتح بابا لنقاش هو يريده ليلقي الكلام الذي يلائمه رأيا وفكرا ليتحول النقاش الى جدال وصراع وتوتر دون فائدة.

تناول علي لفته في ( ستاريكس)، جدل الماضي والحاضر للعراق الجريح الذي لطالما تمنى ابنائه ان تشفى وتختفي اثار جراحه وتناول سيطرة العقل الباطن على حركات وسكنات ابنائه فهم ابناء الحرب والصراع والالم والجوع، هذا الحديث الذي يجيد النقاش به الطفل المفطوم والشاب وشيخهم الكبير، نكبات الحرب وما خلفته من ايتام وارامل ومجاعات وفقر .

انعطف في الحديث عن المرأة العراقية الطفلة والشابة الارملة والكبيرة السن نظرة المجتمع الظالمة لها ومدى تقديرها له. عزة المرأة وكرامتها وتضحيتها المستمرة وماورثوه لهم من بحر متلاطم الامواج من ذكريات مؤلمة،

اشار الى تحليل شخصية الفرد العراقي الذي عجن وخبز الالم وطاوعه وشكله ليعيش .

قابلية الشاب وجرأته في تحدي الظروف الصعبة وتخطيها مخترقا القانون والسلطة والاحزاب والدولة كارها الاذعان وثائرا مخلصا لقضيته.