الوثائق الأمريكية المسربة..

تقييم أمريكي يكشف استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا حتى 2024.. السيناريو الحاسم

ستكثف أوكرانيا على الأرجح اعتمادها على الضربات في الأراضي الروسية، بحسب الوثيقة، وهي ديناميكية أقلقت بعض المسؤولين الأمريكيين الذين يخشون أن تجبر مثل هذه الهجمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصعيد الصراع أو أن تعطي روسيا سببا لبدء تزويد قواتها بدعم فتاك.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين

كييف

مصير حرب أوكرانيا التي أرهقت العالم ومدى إمكانية حدوث سلام بين موسكو وكييف تنبأت به وثيقة أمريكية مسربة.

حيث أرسلت بريطانيا وعدد من الدول الأخرى قوات عسكرية خاصة تعمل داخل أوكرانيا، بحسب وثيقة من بين عشرات الوثائق السرية التي تم تسريبها مؤخرا من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون.

وترسم الملفات المسربة، وبعضها يحمل علامة "سرية للغاية"، صورة مفصلة للحرب في أوكرانيا، وتعرض تفاصيل حساسة عن استعدادات أوكرانيا لهجوم مضاد ضد القوات الروسية في الربيع.

وجاء في وثيقة حديثة مؤرخة في 23 مارس/آذار، أرسلت بريطانيا أكبر مجموعة من القوات الخاصة إلى أوكرانيا بعدد (50 جنديا)، تليها لاتفيا العضو في حلف الناتو بحوالي (17 جنديا) وفرنسا (15 جنديا) والولايات المتحدة (14 جنديا) وأخيرا هولندا ولديها جندي واحد هناك.

وقد تكون أعداد هذه القوات صغيرة، وقد ترتفع أو تقل بلا شك. لكن القوات الخاصة بطبيعتها تكون فعالة للغاية. من المرجح أن تستغل موسكو وجود هذه القوات في أوكرانيا، خاصة أنها طالما أعلنت في الأشهر الأخيرة بأنها لا تواجه أوكرانيا فحسب، بل تواجه الناتو أيضا.

وتماشيا مع سياستها المتبعة بشأن مثل هذه الأمور، لم تعلق وزارة الدفاع البريطانية، لكن في تغريدة يوم الثلاثاء قالت إن تسريب معلومات سرية مزعومة أظهر ما وصفته بـ "مستوى خطير من عدم الدقة".

وأضافت: "يجب أن يتوخى القراء الحذر في التعامل مع ادعاءات قد تبدو لها قيمة التي من المحتمل أن تنشر معلومات مضللة".

ولم تقدم الوزارة أية تفاصيل كما لم تشر إلى وثائق محددة. ومع ذلك، نُقل عن مسؤولين في البنتاغون قولهم إن الوثائق حقيقية.

لكن يبدو أن إحدى الوثائق، التي ذكرت بالتفصيل عدد الضحايا الذين سقطوا في الحرب من كلا الجانبين، قد تم التلاعب بها.

وتتكون القوات الخاصة في بريطانيا من عدة وحدات عسكرية نخبوية ذات مجالات خبرة متميزة، وتعتبر من بين القوات الأكثر قدرة في العالم.

تنتهج الحكومة البريطانية سياسة عدم التعليق على عمليات قواتها الخاصة، على عكس الدول الأخرى ومنها الولايات المتحدة.

وكانت بريطانيا نشطة في دعمها لأوكرانيا، وهي ثاني أكبر مانح بعد الولايات المتحدة للمساعدات العسكرية لكييف.

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إن وزارة العدل فتحت تحقيقا جنائيا وإنه مصمم على معرفة مصدر التسريب.

وأضاف: "سنواصل التحقيق ونقلب كل صخرة حتى نجد مصدر ذلك ومن خلفه".

تقييم لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية كشف عن أنه من المتوقع استمرار الحرب الطاحنة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا حتى 2024، مع عدم تأمين أي من الجانبين للنصر، بل ورفضهما التفاوض على إنهاء الصراع.

التقييم ضمن وثيقة من بين عدة مواد حكومية أمريكية حساسة للغاية تم تسريبها عبر الإنترنت، وحصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وخلص التقييم إلى أنه حتى إذا استعادت أوكرانيا مساحات "كبيرة" من الأراضي وإلحاق "خسائر غير محتملة بالقوات الروسية"، وهي نتيجة تجدها الاستخبارات الأمريكية غير محتملة، لن تؤدي مكاسب البلد إلى محادثات سلام.

وأضافت الوثيقة، التي لم يكشف عنها سابقا: "مفاوضات إنهاء الصراع غير مرجحة خلال 2023 في جميع السيناريوهات المدروسة".

وقد يحفز التقييم، الذي يستند لتقييم أمريكي دقيق بأعداد قوات الجانبين والأسلحة والمعدات، منتقدي الحرب الذين طالبوا القوى العظمى مثل الولايات المتحدة والصين بالدفع من أجل توصل كييف وموسكو إلى تسوية وإنهاء صراع تسبب في نزوح الملايين وخلف آلاف القتلى أو الجرحى.

وقال مسؤول أمريكي، لدى سؤاله بشأن تقييم وكالة استخبارات الدفاع، إن القرار بشأن توقيت التفاوض يرجع إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والشعب الأوكراني، مؤكدا على نهج عدم التدخل في الوساطة التي تبنتها الإدارة منذ بدء الحرب الروسية الشاملة في فبراير/شباط 2022.

وأكد المسؤول أن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب كييف وتزويدها بالمعدات والأسلحة التي ستعزز موقفها على طاولة المفاوضات، متى ما يحين هذا اليوم.

وبحسب "واشنطن بوست"، قدّم تسريب الوثائق، التي لفتت انتباه السلطات الأسبوع الماضي، نظرة ثاقبة على أنشطة الاستخبارات الأمريكية بشتى أنحاء العالم، وكشفت الشكوك العميقة لدى مؤسسة الأمن القومي بشأن مسار الحرب.

ويرجع تاريخ العديد من التقييمات السرية التي ظهرت للعلن حتى الآن إلى فبراير/شباط ومارس/آذار، حيث ظهرت للمرة الأولى على منصة "ديسكورد" للتراسل قبل الانتشار بمنصات أخرى عبر الإنترنت.

وبالإضافة إلى نزاع مفتوح مكلف، تتنبأ الوثيقة التي تم الكشف عنها حديثا بكيف سيرد القادة العسكريون الأوكرانيون والروس حول تحديات ساحة المعركة، وتوقعت أن ينتهي العام بتحقيق الجانبين مكاسب إقليمية "هامشية" فقط نتيجة "القوات والإمدادات غير الكافية للعمليات الفعالة".

ومثل هذا الجمود، حيث لا يحقق أي جانب أفضلية حاسمة، يوصف في الوثيقة بـ"السيناريو الأكثر ترجيحا".

وبالنسبة للجانب الأوكراني، بحسب الوثيقة، ستؤدي حرب استنزاف مستمرة إلى إحباط داخل البلاد و"انتقادات" بشأن كيفية إدارة الحرب، "مما يجعل تغييرات القيادة أكثر احتمالا".

ومن غير الواضح ما إذا كانت الوثيقة تشير إلى تغييرات القيادة في السياق السياسي أو العسكري. ولايزال زيلينسكي يحظى بشعبية واسعة في أوكرانيا، لكن هناك توترات بين مكتبه والجنرال فاليري زالوجني قائد القوات المسلحة الأوكراني، الذي يعتبره البعض في كييف تهديدا سياسيا.

وتتوقع الوثيقة أن يؤدي الجمود أيضًا إلى قيام أوكرانيا "بتعبئة كاملة" لباقي سكانها المؤهلين، وإرسال المزيد من الشباب إلى الخطوط الأمامية.

وفي الوقت نفسه، ستكثف أوكرانيا على الأرجح اعتمادها على الضربات في الأراضي الروسية، بحسب الوثيقة، وهي ديناميكية أقلقت بعض المسؤولين الأمريكيين الذين يخشون أن تجبر مثل هذه الهجمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصعيد الصراع أو أن تعطي روسيا سببا لبدء تزويد قواتها بدعم فتاك.

وبالنسبة للجانب الروسي، سيجبر الجمود موسكو على استخدام "الاحتياطي المتدهور بسبب تضاؤل القوة القتالية". ومن المرجح أيضا أن "يسرع" الكرملين جهود ضم الأراضي التي تم السيطرة عليها إلى روسيا.

وقالت هيذر كونلي باحثة أوروبية ورئيسة صندوق مارشال الألماني: "لطالما كان صراعا لرؤية من تنفذ موارده أولا". وقالت إنها تتفق مع رأي الاستخبارات الأمريكية بشأن أن التفاوض لن يبدأ سوى بعد "استنزاف" أحد الجانبين، وهو احتمال يبدو بعيدا.

وفي السيناريو حيث تكسب أوكرانيا أفضلية حاسمة، تعتقد الاستخبارات الأمريكية أنه من المرجح أن "تشن كييف عمليات هجومية تنطوي على مخاطر أكبر لتحقيق مكاسب إضافية". وردا على ذلك، قد يكون من المتوقع من روسيا "زيادة الهجمات غير التقليدية على أوكرانيا، لكن الأهم من ذلك، "يظل استخدام الأسلحة النووية غير مرجح"، بحسب الوثيقة.

ويتوقع المسؤولون أنه، بدلا من الاستسلام، سيختار الكرملين إعلان "تعبئة وطنية جديدة" لمواصلة عمليات قتالية أخرى.

وتقر الوثيقة التي تم الكشف عنها حديثا بأن الجمود الذي تصفه بالسيناريو الأكثر ترجيحا لن يستمر إذا "كانت هناك تحسينات جوهرية بالقدرات العسكرية الأوكرانية أو الروسية".

وقد كشفت الوثيقة الأمريكية 4 سيناريوهات سرية تستشرف مسار حرب أوكرانيا ونهاية محتملة بمقتل فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تتضمن سيناريوهات الوثيقة -وهي من بين وثائق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) المسربة- إزاحة القيادة داخل القوات المسلحة الروسية، وضربة أوكرانية على الكرملين.

وتقول الوثيقة إن الحرب ستظل على الأرجح مستمرة، لكنها تصف كيف يمكن لكل سيناريو أن يسفر عن تصعيد في أوكرانيا، أو نهاية تفاوضية للصراع، أو دون تأثير جوهري على مسار الحرب.

وتقدّم الوثيقة الاستخباراتية التي حصلت عليها الصحيفة نظرة ثاقبة على التخطيط لحالات الطوارئ بعد عام على الحرب في أوكرانيا.

ويحدد تحليل أجرته وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية أربعة سيناريوهات "غير متوقعة"، وكيف يمكنها التأثير على مسار الصراع في أوكرانيا.

بوتين وزيلينسكي

وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، تتضمن السيناريوهات الافتراضية مقتل بوتين وزيلينسكي، وإزاحة القيادة داخل القوات المسلحة الروسية، وضربة أوكرانية على الكرملين.

وتقول الوثيقة إن الحرب ستظل على الأرجح مستمرة. لكنها تصف كيف يمكن لكل سيناريو أن يسفر عن تصعيد في أوكرانيا، أو نهاية تفاوضية للصراع، أو دون تأثير جوهري على مسار الحرب.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن وثيقة السيناريوهات عبارة عن منتج نموذجي أعدته وكالات الاستخبارات، وهي مصممة لمساعدة الضباط العسكريين، أو صناع السياسات، أو المشرعين للتفكير بشأن النتائج المحتملة للأحداث الكبرى فيما يقيمون خياراتهم.

وتحمل الوثيقة تصنيف "ريليدو"، ما يشير إلى أن قرار الإفراج عن المعلومات -لشركاء أجانب، على سبيل المثال- يعود إلى مسؤولين كبار بعينهم. وتحمل تاريخ 24 فبراير/ شباط، وتحمل علامة "عام واحد"، مما يرجح أن التحليل جرى بعد عام من بداية الحرب.

ضرب الكرملين

أحد السيناريوهات الافتراضية أوضح ما يمكن أن يحدث إذا ضربت أوكرانيا الكرملين، وتم تحديد مجموعة واسعة من التداعيات المحتملة.

ويمكن أن يؤدي الأمر إلى تصعيد، مع رد بوتين على الغضب الشعبي بإطلاق تعبئة عسكرية واسعة النطاق ودراسة استخدام الأسلحة النووية، أو قد تدفعه المخاوف الشعبية إلى التفاوض على تسوية للحرب.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قلقة بشكل خاص حيال ضربة محتملة تشنها أوكرانيا على موسكو، لأنها قد تتسبّب في تصعيد دراماتيكي من جانب روسيا.

وتعتبر مخاطر مثل هذا الهجوم من جانب أوكرانيا أحد أسباب تردد الولايات المتحدة في تزويد كييف بصواريخ ذات مدى أطول.

وامتنع مسؤولون أمريكيون عن الإفصاح عما إذا كانت الوثيقة حقيقية، لكنهم لم يشككوا في صحتها. وتشبه الوثيقة وثائق أخرى أنتجها فريق البنتاغون المشترك والتي أقر المسؤولون بأنها حقيقية.

كما حذر المسؤلون الأمريكيون من أن الوثائق المسربة قديمة، وفي العديد من الحالات لا تمثّل التقييمات الحالية لعدة وكالات استخباراتية.

وتتضمن وثيقة سرية للغاية أخرى حصلت عليها "نيويورك تايمز" تفاصيل عن المفاوضات بشأن أسعار الوقود الروسي في أفريقيا.