المؤسسات الثقافية الجنوبية بين التدمير وعودتها للعمل..

النظام اليمني.. كيف دمرت حرب 1994م  دمرت كل هذه المؤسسات الثقافية الإبداعية والإعلامية

لم تكن مثل هذه العمليات التدميرية لمؤسسات الجنوب الا عبر منهجية منظمة ارادت افراغ الذاكرة الجنوبية من تاريخها الثقافي، واحلال اليمننة الثقافية في ذاكرة الأجيال وبالذات التي جاءت بعد 1990م

مبنى مكتب الثقافة في العاصمة عدن - أرشيف

نجمي عبدالمجيد
كاتب وباحث ومؤرخ لدى مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
عدن

 قبل عام 1990م عرفت في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عددت ومؤسسات ثقافية لعبت عددت أدوار في تكوين الوعي الفكري لشعب الجنوب وهذه المؤسسات هي امتداد لذلك التاريخ في عهد الحقب البريطانية والذي كانت فيه عدن اول منطقة في جزيرة العرب تعرف المسرح والفرق الموسيقية الحديثة ودور عرض الأفلام والاذاعة والتلفزيون والإذاعة والمكتبات والأندية السياسية والثقافية والمطابع وغيرها من الركائز التي قام عليها المجتمع المدني.

وبعد قيام الدولة الجنوبية في عام 1967م عملت الدولة الجنوبية على توسيع هذه المؤسسات الى معظم مرافق الجنوب وقد عملت هذه المؤسسات على ارسال مفاهيم وسعت افق المعرفة لذا شعب الجنوب وكانت المنح الدراسية التي ترسل العديد من الطلبة والطالبات الى بعض الدول العربية ودول المنظومة الاشتراكية لدراسة الفنون المختلفة قد اوجدت أجيال متسلحة بأعلى الدرجات العلمية مما عزز دور المؤسسة الثقافية في حركة التنوير .

لكن بعد عام 1990م ومن تم بعد حرب 1994م  دمرت كل هذه المؤسسات الثقافية الإبداعية والإعلامية وتحولت اما الى مساكن شخصية او بقالات او تم هدمها بالكامل وبناء عمارات محلها ومنها ما وقع تحت سطوة الاحتلال مثل إذاعة وتلفزيون عدن و وصحيفة 14 أكتوبر ومطابع دار الهمداني للكتب .

ولم تكن مثل هذه العمليات التدميرية لمؤسسات الجنوب الا عبر منهجية منظمة ارادت افراغ الذاكرة الجنوبية من تاريخها الثقافي، واحلال اليمننة الثقافية في ذاكرة الأجيال وبالذات التي جاءت بعد 1990م .

لكن اليوم وبعد ان انهارت فرضية اليمننة وسقطت رهانات العقل الجنوبي ظهرت مؤسسات ثقافية وإعلامية جنوبية مدعومة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي عملت على استعادة المكانة عدن الثقافية والإعلامية بشكل عام ، حيث ظهرت العديد من الأقلام الشابة في مختلف المجالات الاذاعية وكذلك في عالم الصحافة الالكترونية وفي قناة عدن المستقلة وإذاعة عدن وعبر المواقع التواصل الاجتماعي وكذلك قيام مركز التدريب والتأهيل الاعلام الجنوبي والهيئة والعامة للأعلام الجنوبي واتحاد وادباء  كتاب الجنوب وصدور مجله فنار عدن الثقافية وغيرها من الإصدارات الجنوبية والتي استطاعت بفترة زمنية قصيرة فرض الهوية الثقافية الجنوبية في المشهد السياسي العام .

ان هذه العودة للهوية الثقافية جنوبيا قد اكدت ان الوعي الجنوبي بالرغم من كل محاولة التخريب والتدمير وأوضاع القهر والادلال التي مرت على المثقف والمبدع الجنوبي لم تكسر إرادة هذه الامة بل شكلت المحن والتجارب القاسية المختبر الذي امتحن في المعدن الجنوبي ليؤكد انه اكتر اصاله وقوة ومقدرة على تجاوز المحن مهما كانت.

واليوم نرى كيف تعززت المؤسسة الثقافية الجنوبية الإعلامية وأصبحت جزء من سلاح المواجهة ضد الطرف المعتدى، وهذا يؤكد على ان الأجيال الجديدة في الجنوب قد استوعبت الكثير من مفاهيم العصر وادركت ان لثقافة والاعلام مكانة كبرة في تحديد المستقبل السياسي .

ونحن ندرك اننا في مرحلة تتطلب المزيد من العمل والامكانيات في هذا الاتجاه فالمسائل لا تقف ابعادها عن حدود الراهن، بل هي في افق المستقبل الراهن الأكبر