"حرس المنشآت النفطية يهددون بالإغلاق"..

تحذيرات من قرارات حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا.. "قد تؤدي إلى انفجار الشارع"

حرس المنشآت النفطية جهاز تابع لوزارة الدفاع يتولى مسؤولية تأمين منشآت النفط والغاز في ليبيا، ووقع في الكثير من المراحل ضمن الانقسامات التي تعانيها المؤسسات الليبية، جراء الصراعات السياسية في البلاد

أعضاء حراسة المنشآت النفطية يقفون داخل مقر المؤسسة الوطنية للنفط الليبية في طرابلس، ليبيا، 14 يوليو 2022. (رويترز)

مراسلون
مراسلو صحيفة اليوم الثامن
طرابلس

هدد حرس المنشآت النفطية في ليبيا يوم الأحد، بإغلاق جميع منشآت النفط والغاز في المنطقة الغربية للبلاد بعد انتهاء مهلة مدتها 10 أيام أمام السلطات لتنفيذ مطالبهم، التي تشمل زيادة رواتبهم 67%، وفق ما أوردته وكالة رويترز.

وكان قطاع النفط، المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا، هدفا لاحتجاجات سياسية محلية وأخرى أوسع نطاقا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011.

ونشر منتسبون لحرس المنشآت النفطية، وهي مجموعة عسكرية مهمتها حماية المنشآت النفطية، التهديد في مقاطع مصورة نُشرت على الإنترنت الأحد.

وأظهرت اللقطات التي نُشرت على منصتي إكس وفيسبوك أفرادا من حرس المنشآت النفطية يرتدون زيا عسكريا ويغلقون صمام تغذية لمجمع مليتة النفطي غرب طرابلس.

ومجمع مليتة هو مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا وشركة إيني الإيطالية. وسيؤدي إغلاق المجمع إلى تعطيل إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب (جرين ستريم) بين ليبيا وإيطاليا.

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط عبر حسابها على منصة إكس إن رئيس مجلس إدارتها ناقش مع رئيس حرس المنشآت النفطية مطالبهم وأبدى "تفهمه" لتلك المطالب، لكنه شدد على "ضرورة إبعاد المنشآت النفطية عن أي تجاذبات".

وقال كريم القمودي، أحد منتسبي جهاز حرس المنشآت النفطية، لقناة ليبيا الأحرار إنهم أغلقوا البوابة المؤدية إلى مصفاة الزاوية الواقعة غرب طرابلس أيضا، مضيفا أن الإمدادات تسير بصورة طبيعية ولكن "ببطء بسبب الحشود عند البوابة".

وذكر "ليس هناك سوى وعود زائفة، ونريدهم (السلطات) أن يستمعوا لمطالبنا".

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصفاة الزاوية النفطية 120 ألف برميل يوميا، وهي متصلة بحقل الشرارة النفطي الذي تبلغ طاقته 300 ألف برميل يوميا.

وفي كانون الثاني، أغلق محتجون من منطقة فزان في الجنوب حقل الشرارة، مما دفع المؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان حالة القوة القاهرة في الحقل الذي أعيد فتحه بعد بضعة أيام.

وقال منتسبون في حرس المنشآت النفطية في بيان آخر مصور "نحن آسفون وغير راغبين في إغلاق المنشآت النفطية".

وطلب حرس المنشآت النفطية من حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة زيادة الرواتب 67% على غرار الزيادة الممنوحة لموظفي المؤسسة الوطنية للنفط.

كما طلب من حكومة الوحدة الوطنية ضمهم إداريا وماليا إلى المؤسسة الوطنية للنفط، وفنيا إلى وزارة الدفاع.

وكانت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط قد أصدرت في 13 فبراير الجاري بياناً بالموافقة على ائتلاف الشركات الأجنبية التي ستعمل على الاستثمار والتنقيب وتطوير حقل حمادة الحمراء جنوب العاصمة طرابلس، ليضم كلا من شركة "إيني" الإيطالية، شركة "توتال" الفرنسية، شركة "ادنوك" الإماراتية وشركة الطاقة التركية. وجاء ضمن القرار زيادة عدد العمال الاجانب في قطاع النفط الليبي مع التنفيذ فور صدوره.

هذا القرار اثار موجة غضب واسعة لأسباب عديدة كونه يسمح للشركات الأجنبية الاستفادة من ناتج الحقول النفطية الليبية بنسبة 40% ناهيك عن انه قرار جاء بالتزامن مع مطالب العديد من العاملين في قطاع النفط الليبي بزيادة رواتبهم وصرف مستحقاتهم المتأخرة على.

واعرب منتسبو جهاز حرس المنشآت النفطية في المنطقة الغربية عن رفضهم لقرار المؤسسة الوطنية للنفط، بإيقاف خط الصمام الرئيسي لخط الغاز بمجمع "مليتة" النفطي خلال الساعات القادمة تدريجياً، حال عدم تنفيذ مطالبهم. 

وطالب منتسبو الجهاز ومتدربيه بتعينهم وتحسين أوضاعهم المعيشية وضمان بقاءهم في وظائفهم، مؤكدين أن السلطات سبق وأن وعدتهم بتنفيذ مطالبهم أكثر من مرة دون جدوى.

وفي السياق ذاته هدد منتسبو حرس المنشآت النفطية في مصراته يوم السبت بإقفال مستودع مصراته وأمهلوا في بيان لهم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة 10 أيام لتنفيذ مطالبهم، من زيادة مرتبات وتسوية ومستحقات سابقة، وعدم نقل المنتسبين إلى الأجهزة الأخرى، وأكد على أن الإقفال سيطال الحقول والمجمعات النفطية والإدارات على مستوى ليبيا.

الخبراء والمراقبون للمشهد السياسي الليبي يرون إن قرار زيادة عدد العمال الأجانب في قطاع النفطي الليبي هو تمهيد لقرارات سيتخذها الدبيبة في القريب العاجل بإقالة عدد كبير من العمال الليبيين في قطاع النفط واستبدالهم بأخرين أجانب بحجة زيادة كفاءة وإنتاجية الحقول النفطية الليبية.

وفي هذا السياق يرى الكاتب الصحفي، محمد خليل، ان قرارات رئيس حكومة الوحدة الوطنية والمؤسسة الوطنية للنفط ستؤدي إلى انفجار الشارع الليبي سخطاً وغضباً على الوضع الاقتصادي المتدني في البلاد، والمظاهرات الرافضة لهذه القرارات ستقود إلى اشعال الوضع الأمني وبالتالي تقويض أي مسار دبلوماسي يقود نحو توحيد مؤسسات الدولة واستفادة الشعب الليبي من خيرات بلدهم.

الجدير بالذكر أنه في ديسمبر العام الماضي كشف وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية محمد عون عن تفاصيل اعتراض وزارته على اتفاقية عبد الحميد الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط مع الشركات الأجنبية.

وإقترح وزير النفط والغاز للمساهمة في توفير كميات الغاز لمحطات الكهرباء على الحكومة بإنشاء جهاز خاص يتبع وزارة النفط والغاز لتطوير حقل حمادة الحمراء وحقل عروس البحر، وتمت الموافقة بالإجماع على المقترح في أبريل 2022 ولكن تم حجب إجراءات البدء في المشروع من قبل الدبيبة دون ذكر أسباب.

وإغلاق المواقع والحقول النفطية، أمر متكرر في ليبيا، خاصة في منطقة الجنوب الغنية بالنفط والفقيرة في الخدمات، كان آخرها إغلاق محتجين في الجنوب الليبي، مطلع يناير الماضي، حقلي الشرارة والفيل احتجاجاً على انقطاع الوقود والغاز وضعف الخدمات العامة والأساسية، قبل الوصول الى تسوية بين المحتجين والحكومة، توسطها وزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، ونائب رئيس الحكومة عن الجنوب، رمضان أبوجناح، تم بموجبها إعادة تدفق النفط من الحقلين.

وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في دخلها الأساسي بنسبة تزيد عن 95 في المئة، يذهب أكثرها إلى رواتب الموظفين ودعم المحروقات والسلع والخدمات الأساسية.

وشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة كان أبرزها إغلاق العام الماضي الذي بدأ في أبريل واستمر أكثر من شهر كامل عندما قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين آنذاك من البرلمان في فبراير 2022.

وتكبدت ليبيا حينها خسائر قدرت بـ60 مليون دولار يوميا جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو 600 ألف برميل من الإنتاج النفطي يوميا (بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي محمد عون)، في وقت عرفت أسعار النفط انتعاشا غير مسبوق، ولم يخف خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة بخاصة أن الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح إلى رفعها إلى أكثر من 1.20 مليون برميل يوميا (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).