"رشاد العليمي عاجز عن عزل سلطان العرادة"..
السعودية ومجلس القيادة الرئاسي المؤقت.. تحديات قد تفكك "سلطة اليمن الشرعية"
تراجعت الرياض عن دعم توجهات جماعة الاخوان، لمطالبة بفصل حضرموت عن محيطها، بعد ان خرجت تظاهرات حاشدة في المحافظة رفضت كل اشكال التدخلات السعودية، لكنها في ذات الوقت تعمل مع منظمات يمنية من بينها منظمة نعمة التابعة للعلمي للاستحواذ على العمل الانساني والاغاثي في مدن الجنوب المحررة.
يواجه مجلس القيادة الرئاسي اليمني المؤقت المولود، من رحم مشاورات الرياض (7 من أبريل نيسان 2022م)، تحديات عديدة، على الصعيد المحلي والإقليمي، وسط انفصال طائفي بات يتشكل في العاصمة اليمنية صنعاء، برغبة إيرانية ورضى إقليمي واضح.
في الـ7 من ابريل نيسان العام 2022م، دعمت السعودية، الأطراف اليمنية بما في ذلك جماعة الحوثيين في صنعاء، إلى الحضور والمشاركة في مشاورات أقيمت تحت قبة مجلس التعاون الخليجي، غير ان الاذرع الإيرانية في صنعاء، رفضت تلك المشاورات، واشترطت ان تكون هناك مفاوضات مع الرياض طرف فاعل في الحرب، وهو ما تحقق لاحقا بوساطة عمانية.
لكن السعودية مضت في تلك المشاورات التي نتج عنها، تنحية عبدربه منصور هادي، ونائبه علي محسن الأحمر، وتعيين مجلس قيادة رئاسي، ترأسه شخصية يمنية شمالية، هو اللواء رشاد محمد العليمي، وعضوية شخصيات أخرى من حزب المؤتمر الشعبي العام وتنظيم الإخوان المسلمين المتحالف مع الرياض، في حين مثل الجنوب المحرر في ثلاث شخصيات "رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، ومحافظ حضرموت فرج سالمين البحسني، وقائد قوات العمالقة الجنوبية، اللواء عبدالرحمن المحرمي.
على الرغم من تحفظ الجنوبيين، على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، الا المجلس الانتقالي الجنوبي، اعتبرها خطوة مهمة لإعادة تصويب الحرب ضد الاذرع الإيرانية في اليمن، خاصة وان جماعة الاخوان المدعومة سعودياً، شنت حربا على مدن الجنوب المحرر بغية السيطرة عليها، لكنها خسرت تلك الحرب في نهاية المطاف، الامر الذي استدعاء إعادة لملمة القوى المناهضة للحوثيين في مجلس القيادة الرئاسي، بحسب وجهة نظر سعودية.
كانت جماعة الاخوان قد سيطرت في أغسطس (آب) 2019م، على محافظة شبوة النفطية، وتقدمت صوب أبين محاولا الوصول إلى العاصمة عدن، لكنها انكسرت بعد مواجهات عسكرية استمرت لأكثر من عامين، بعد ان تمركزت تلك القوات في ميناء شقرة الساحلي، ومنعت قوات مكافحة الإرهاب الجنوبية، من مواصلة عملياتها ضد تنظيم القاعدة المفترض في جبال مودية ولودر والمحفد، وقد وجهت القوات الجنوبية اتهامات لقوات الإخوان باحتضان عناصر من تنظيم القاعدة الإرهابي، او ان التنظيم يقاتل في صفوف تلك القوات، خاصة بعد ظهور قيادات بارزة في التنظيم تعلن دعمها للحرب على أبين، ومن تلك القيادات الأمير السابق في تنظيم القاعدة عادل موفجة المقيم في سلطنة عمان.
وعلى الرغم من ان مجلس القيادة الرئاسي، ظهر متماسكا خلال تأديته اليمين الدستورية في العاصمة عدن، الا ان الخلافات بدأت تظهر للسطح، مع اصدار العليمي (رئيس المجلس)، جملة من قرارات التعيين، لشخصيات يمنية بعضها على ارتباط وثيق بالحوثيين، الأمر الذي دفع المجلس الى رفض تلك القرارات، غير ان العليمي، وبضوء أخضر سعودي، اصدر قرارا بتشكيل قوات درع الوطن، نص القرار على ان تلك القوات ستكون تحت إدارته دون أي تدخل من أعضاء المجلس، مقدما نفسه انه القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية، وقد اثير جدلا واسعا حول تلك القوات التي تشرف عليها السعودية "تدريبا وتسليحا وتمويلا".
اخذ الصراع يتوسع، حيث دفعت السعودية برشاد العليمي، لزيارة ساحل حضرموت، وهي الزيارة التي اثير حولها الجدل، خاصة وان العليمي قد أعلن انه سيمنح حضرموت "إدارة ذاتية"، لكن ذلك لم يتحقق، فالهدف من الزيارة، كما تقول وسائل إعلام محلية "الشرعنة لمجلس حضرموت الوطني"، أداة السعودية الجديدة في السيطرة على منابع النفط والنفوذ البحري في كبرى محافظات الجنوب.
تراجعت الرياض عن دعم توجهات جماعة الاخوان، لمطالبة بفصل حضرموت عن محيطها، بعد ان خرجت تظاهرات حاشدة في المحافظة رفضت كل اشكال التدخلات السعودية، وحذرت قوى سياسية جنوبية في حضرموت، من مغبة جر المكلا الى الصراع.
على الرغم من اعلان المبعوث الأممي الى اليمن السيد هانس غوردنبرغ، قرب التوصل الى تسوية سياسية بين الرياض وصنعاء، برعاية من مسقط، إلا ان السعودية كانت تخوض مارثون طويل في حضرموت والمهرة، الأمر الذي جعل الحوثيين يرفعون من سقف شروطهم للموافقة على تسوية سياسية، من بينها تسليمهم ما نسبته 82 % من موارد النفط في حضرموت وشبوة، وهو ما رفضه المجلس الانتقالي الجنوبي، على اعتبار ان تلك الموارد حق سيادي لشعب الجنوب، وهو ما عثر التوصل الى توقيع التسوية السياسية.
واعتبرت السعودية، رفض المجلس الانتقالي الجنوبي، بانها خطوة مناهضة، الا ان الأخير أكد على عمق العلاقة مع الرياض، وبانه جزء من التحالف الذي تقوده السعودية لمحاربة الحوثيين، لكن رشاد العليمي ظهر ضعيفا في مواجهة الجماعة الحوثية، على الرغم من إصداره قرارا باسم مجلس الدفاع الذي يرأسه، وضع تلك الجماعة على قوائم الإرهاب، الا ان العليمي سرعان ما تراجع عن القرار، وأبقى على كافة التعاملات التجارية والبنكية مع الاذرع الإيرانية في صنعاء.
حالة الضعف التي ظهر فيها العليمي، كان لمحافظة مأرب الدور الأبرز فيها، فالعليمي الذي أصدر قرارا بإقالة عضو مجلس القيادة فرج البحسني، من منصب محافظ حضرموت، فشل في اقالة سلطان العرادة محافظ مأرب، والحاكم الإخواني في أغنى المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة حلفاء السعودية.
مأرب تبدو سلطة منفصلة تماما عن أي إجراءات او قرارات يقوم بها سلطان العرادة، فالقيادات العسكرية والأمنية يتم تعيينها من قبل سلطان العرادة، منذ بداية حكم الرئيس المتنحي عبدربه منصور هادي، في فبراير شباط 2012م.
شدد المجلس الانتقالي الجنوبي في أكثر من مناسبة على أهمية إعادة تصويب جهود الحرب ضد الحوثيين على اعتبار انهم جماعة إرهابية تهدد الجميع، الا ان رشاد العليمي لا يمتلك قدرة على تحريك القوات اليمنية في وادي وصحراء حضرموت، ناهيك عن عدم قدرته على إصدار توجيهات لتحريك قوات الجيش في مأرب، والتي تقع تحت إدارة "سلطان العرادة".
ومع فشل العليمي في مأرب، وكذا غياب التأثير السعودي على تنحية سلطان العرادة - المحافظ منذ أكثر من عشر سنوات-، الا ان رئيس المجلس استخدم نفوذه جنوبا في الاستحواذ على المؤسسات الحكومية في عدن، فقد أصدر جملة من قرارات التعيين لشخصيات يمنية موالية، وامام هذه التحركات قوبلت برفض شعبي في الجنوب، "ان تسعى محافظة يمنية -يتقاسم الحوثيون والاخوان النفوذ فيها- لانفراد بالحكم"؛ رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس الحكومة ومحافظ البنك ورئيس البرلمان، بالإضافة الى عدة وزارات ومؤسسات سيادية، كلها تحت إدارة شخصيات تنتمي الى محافظة تعز.
نجح المجلس الانتقالي الجنوبي في الضغط على الرعاة الإقليميين، لتغيير رئيس الحكومة معين عبدالملك، واستبداله بشخصية من أبناء عدن، وهي المرة الأولى التي يكون فيها رئيس الحكومة "شخصية من عدن، هو أحمد عوض بن مبارك، وزير الخارجية السابق والدبلوماسي المعروف.
وقالت مصادر حكومية لصحيفة اليوم الثامن إن تغيير رئيس الحكومة، سيعقبه تغييرات طفيفة في بعض الوزارات، الأمر الذي يؤكد وجود تفاهمات لترضية كل أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، حيث يطالب أعضاء ومنهم عثمان مجلي ان يكون لهم تمثيل في الحكومة، في حين ترى الأطراف الجنوبية، ان مفهوم الشراكة لا يزال غائبا، مقارنة بالأرض المحررة، فالجنوب محررا بالكامل، باستثناء "مكيراس ووادي حضرموت والمهرة"، في حين ان الجزء المحرر في اليمن الشمالي "مركز محافظة مأرب وجزء من تعز وميناء المخأ"؛ والأخيرة حررتها قوات العمالقة الجنوبية قبل سنوات، قبل ان يتم تسليمه لقوات طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي.
وأكدت المصادر الحكومية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، سوف يوقع خلال الأيام القادمة على تغييرات حكومية، لكنه يشترط ان تكون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تحت إدارة شخصية موالية له، والاسم المطروح "مريم الدوغاني"، التي تقول وسائل إعلام محلية انها كانت موالية للحوثيين، والاسم الأخر، القيادية المستقيلة من تنظيم الاخوان ألفت الدبعي، ويهدف رشاد من خلال هذه التغييرات السيطرة على الدعم الذي تقدمه المنظمات الدولية العاملة في اليمن، ناهيك عن رغبته في خلق صوت حقوقي مناهض لتطلعات الجنوبيين الذين يسعون لاستعادة دولتهم السابقة.
وأوضحت المصادر أن د. عبد الناصر الوالي سيكون نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتخطيط والتعاون الدولي،، وسيتولى د. واعد باذيب حقيبة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أما وزير الشؤون الاجتماعية والعمل د. محمد الزعوري، سيكون وزيراً للخدمة المدنية والتأمينات، مقابل تولي مرشحة العليمي "مريم الدوغاني" حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في التشكيلة الحكومية الجديدة.
وسيحصل عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي، تعيين شقيقه "عمر مجلي" سفيراً مفوضاً لدى المملكة العربية السعودية، بدلا من شائع محسن الذين أصبح وزيرا للخارجية خلفا لرئيس الحكومة الحالي أحمد عوض بن مبارك.
وتأكيدا على سعي رشاد العليمي للاستحواذ على الدعم الدولي لليمن، باسم المنظمات اليمنية، وقعت أبنته "فاطمة رشاد محمد العليمي"، اتفاقا مع السعوديين، لتوزيع زكاة الفطر في محافظات الجنوب واليمن، حيث وقالت وسائل إعلام سعودية إن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وقّع، اتفاقية تعاون مشتركة مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني، لتنفيذ مشروع زكاة الفطر في اليمن للعام 1445هــ، حيث وقع الاتفاقية مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج المهندس أحمد بن علي البيز"؛ في اشارة الى مؤسسة نعمة التي ترأسها ابنة العليمي، حليف السعودية في عدن.
وبحسب صحيفة عكاظ السعودية "فأن الاتفاقية تهدف إلى إيصال زكاة الفطر لمستحقيها من الأسر الأكثر احتياجاً في محافظات الحديدة، وتعز، ولحج، وعدن، ومأرب، وحضرموت، والمهرة، وحجة، ليستفيد منها 31.333 أسرة، بواقع 219.331 فرداً؛ وذلك بهدف دعم وزيادة الأمن الغذائي للفئات الأكثر احتياجاً هناك خلال أيام عيد الفطر المبارك.