"بعد مرور (98) عاما من تأسيسها"..
كهرباء العاصمة عدن بين التوظيف السياسي والواقع المتأزم
استهداف مصادر انتاج الطاقة منذ عامين اسهم في تأزيم الازمة وقد ترتب على ذلك ارتفاعُ ساعات انقطاع الكهرباء واعتمادُ العديد من الأهالي على مولدات الطاقة الأهلية ما أدى إلى خلق ظاهرة تُجار المولدات الصغيرة المتربّحين والمستفيدين من أزمة الكهرباء، وربما يُعَد الاستهداف المُمنهج لمنظومة الكهرباء من خلال انقطاع المشتقات التشغيلية لمنظومة الكهرباء.
تعد الطاقة الكهربائية واحدة من الركائز الأساسية للبناء الاقتصادي والاجتماعي في المجتمعات المعاصرة؛ بل ويتوقف عليها النهوض بمستويات الأداء الاجتماعي لذلك تولي الدول هذا القطاع أهمية كبيرة أثناء عملية التخطيط الاقتصادي بحيث يتم إيجاد حالة من التناسب بين عمليات البناء والطاقة المطلوبة لتسيير هذه العمليات.
لقد تعرّضت منظومة الشبكة الكهربائية في الجنوب بشكل عام والعاصمة على وجه الخصوص للتدمير والتعطيل والانهيار، وقد تم تدميرها تدميرا شبه تام ؛ مما أدى إلى عجزٍ كبير في إنتاج الكهرباء وسبب بحدوث أزمةٍ متواصلة منذ سنوات وصار إنتاج الشبكة الكهربائية ضعيف جدا؛ نتيجةَ انقطاع عدم الصيانة والإهمال والتحميل الزائد والعشوائي؛ ليُخيَّم الظلام على العاصمة عدن وكل مديرياتها، وهو ما أثار مخاوفَ من تجدّد الاحتجاجات الحاشدة وانتشار الاضطرابات الأمنية في مديريات العاصمة عدن في ظل تجاوز درجات الحرارة نصف درجة الغليان.
لقد كشف عدد من المصادر عن أعقد الأزمات التي تواجهُها العاصمة عدن، وتلك الأزمة التي شكَّلت اختبارًا حقيقيًّا أمام الحكومات المتعاقبة، وتزداد شدّتها في فصل الصيف نظرًا للارتفاع الشديد في درجات الحرارة والتي تصل أحيانًا إلى 40 درجة مئوية في الظل، بالإضافة إلى تفاقم العجز الشديد الناتج عن نقص الكمية المعروضة من الكهرباء مقابل زيادة الطلب من الاستهلاك الكهربائي في فصل الصيف وزيادة عدد السكان والمهاجرين والنازحين الذين تجاوز الملايين.
وبعد مرور 98 عاما من تأسيس كهرباء عدن وخلال تلك الفترة عاشت عدن والجنوب احتلالين، الاحتلال البريطاني والاحتلال اليمني، وما بين الاحتلالين تعرضت كهرباء عدن للتدمير والانهيار وفي هذا التقرير سوف نتناول مراحل تطور منظومة الكهرباء في العاصمة عدن وما هي التحديات التي واجهتها خلال ستون عاما، وكذلك سنتناول عميلة التدمير الممنهج الذي تعرضت له منظومة الكهرباء بعد صيف 94م.
وهو ما يستدعي النقاش حول أبعاد هذه الأزمة، وحجم الدور الحكومة والتحالف في تعقيدها وسبل مواجهتها، وما هي الدور المناط على الجهات المعنية لحلحلة هذه الازمة المعقدة التخفيف من حجمها.
المطلب الأول: لمحة عن منظومة الكهرباء في العاصمة عدن
1- مراحل التأسيس
أفتتح اللواء الركن جيه. أتش. كيه. ستيوارت المقيم السياسي بمعية صاحب السعادة سلطان لحج محطة كهرباء عدن في 11 فبراير 1926م وقد حضر حفل الافتتاح جمع غفير من الضباط المدنيين والعسكريين وسكان عدن من كافة الطبقات والطوائف.
فقد أُنشئت محطة بخارية بطاقة 3 ميجاوات، لسد احتياجات قواعدها العسكرية الاستعمارية ومناطق سيطرتها من التيار، ثم أحدثت بعض التوسعات فيها وأتبعتها بتأسيس محطة حجيف البخارية وبعض المحطات الصغيرة الأخرى التي أوفت نسبيا.
وبعد حفل الافتتاح مباشرة أضاءت الكهرباء في مناطق عدن وتم تركيب السراجات والمراوح في المكاتب العامة والمعسكرات والمستشفيات والمساكن وإضائتها تلك اللحظة كانت دول شبه الجزيرة العربية في ظلام دامس.
عقب رحيل المستعمر البريطاني وتحقيق الاستقلال وإعلان الدولة الجنوبية، وتحديدا في العام 1975م تم إنشاء محطة خور مكسر الكهربائية بقدرة 25 م. و.
2- مرحلة التحديث
ونظرا للتوسع السكاني والمعماري وكثرت المصانع والمؤسسات الإنتاجية والتجارية أعلنت السلطات المحلية بالعاصمة عدن في العام 1982م كانت مواقف الامارات مع شعب الجنوب حاضرة منذ اول لحظة لتأسيس دولة الجنوب الفتية.
ففي هذه التقرير الموجز سنقف عند مواقف الرئيس المؤسس لدولة الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله.
تعرض عدن والجنوب في مطلع الثمانيات لأزمة في مجال الكهرباء فحصل عجز كبير في كهرباء عدن بسبب تهالك معظم المحطات التي أسست في زمن الاستعمار البريطاني، فكانت يد الخير الإماراتية حاضرة وبقوة فتم شراء محطتين للكهرباء الأولى في خور مكسر والثانية في المنصورة عدن بدعم من حكيم العرب الشيخ زايد رحمه الله.
- توسعة محطة خور مكسر لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة توسعت بقدرة إضافية 16 م. وات..
- بناء محطة المنصورة لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 64م.
- تشغيل 3 مولدات بطاقة 75م.و. من أصل 125م.و. في محطة الحسوه البخارية في الأعوام 1986م، 1987م، 1989م.
- تقوية وتوسيع شبكة عدن خلال الأعوام 1975م ،1987م ، 1977م وذلك بمد كابلات جهد 33 ك.ف. بالإضافة إلى زيادة قدرات محطات التوزيع الرئيسية والفرعية بالإضافة إلى بناء محطة حجيف التحويلية الرئيسية في العام 1985م.
- محطة المنصورة الكهربائية
أسست محطة المنصورة الكهربائية والمكونة من محطتين إحداهما يابانية في عام 1982 م، وتتكون من 8 مولدات، قدرة كل مولد 8ميجاوات، انتهى عمرها الافتراضي ومازالت تعمل بقدرة 10 ميجاوات باثنين مولدات، قدرة كل مولد 5 ميجاوات.
- محطة خور مكسر الكهربائية
في عام 1975م تم إنشاء محطة خور مكسر لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة (25) ميجاوات، ثم تبعتها توسعة إضافية بقدرة 16 ميجاوات لاحقا.
- بناء محطة الحسوة "الكهروحرارية"
في نهاية ثمانينات القرن الماضي تم بناء محطة الحسوة الكهرحرارية وبقدرة توليدية بلغت 166 م.و. الأمر الذي حقق اكتفاء ذاتي وطفرة بالغة في التيار الكهربائي بالعاصمة عدن، استمرت حتى مطلع التسعينات وتحديدا عقب إعلان الوحدة الاندماجية المشؤومة مع نظام صنعاء والتي بدأت فيه مرحلة التدمير الممنهج لتلك المؤسسة العملاقة شأنها في ذلك شأن كل ما هو جميل وعظيم صنعه أبناء الجنوب وبات هباءً منثورًا.
3- مرحلة الانهيار
عقب سيطرة القوات اليمنية على مقدرات الدولة الجنوبية، كانت مؤسسة الكهرباء في العاصمة عدن إحدى أهم تلك المؤسسات الخدمية التي تسلط عليها وقام بنقل آليات التحكم فيها من العاصمة عدن إلى صنعاء اليمنية وأعاد توزيع الطاقة الموجودة على كل محافظات الشمال، واكتفى خلال فترة حكمه بما هو موجود من محطات الكهرباء في الجنوب ولم يقم بتأسيس أو إنشاء أي محطة جديدة، بل قام بتخريب وإهمال صيانة الموجود منها بقصد تدميرها والقضاء عليها.
وبعد الاحتلال الثاني للجنوب وعدن من قبل القوات اليمنية الحوثية والعفاشية والاخوانية تم تدمير ما تبقى من منظومة كهرباء عدن، وبعد تحرير عدن في عام 2015م تم إعادة إصلاح ما يمكن إصلاحه من خطوط نقل التيار وصيانة وترميم محطات التوليد والمحطات التحويلية، وبذل المحافظ الشهيد اللواء جعفر محمد سعد جهدا كبيرا في إعادة التيار الكهربائي تدريجيا لعموم أحياء ومناطق مديريات العاصمة عدن.
وفي فترة تولي اللواء/ عيدروس قاسم الزُبيدي قيادة السلطة المحلية في العاصمة عدن، خلفا للشهيد جعفر، كشرت قوى الشر الحاقدة على الجنوب وأهله أنيابها، وبدأت استئناف أعمالها التخريبية الخبيثة وافتعال المشاكل لتعطيل خدمة الكهرباء.
- أولاد زائد الخير وقطاع الطاقة في الجنوب
في قطاع الطاقة تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً حثيثة لتنفيذ العديد من مشروعات ترميم وإعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء وشبكات التوزيع، من أجل إنهاء أزمة انقطاع التيار الكهربائي في المحافظة. وجري تخصيص 800.7 مليون درهم (218 مليون دولار أمريكي) لدعم قطاع الطاقة والكهرباء، إذ تكفلت دولة الإمارات بدفع النفقات التشغيلية لتوليد الطاقة الكهربائية وخدمات الإمداد الكهربائي.
وقدمت دولة الإمارات 466.1 مليون درهم لدعم قطاع النقل، حيث وفرت آليات وسيارات مدنية للنقل، ومركبات لنقل الماء والوقود.
وتعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بتوفير محطة توليد كهرباء بقدرة 440 ميجاوات، لمحافظات عدن ولحج وأبين والضالع، كما تعهدت بتوفير مواد صيانة وتشغيل لشبكة الكهرباء في محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وغيرها.
كما وفرت الإمارات الوقود والغاز لمحطات توليد الطاقة، إضافة إلى مولدات كهربائية، والتعاقد مع شركات محلية لتشغيلها وصيانتها في كل من محافظات عدن وأبين والضالع ولحج وتعز وشبوه وحضرموت والمهرة. وأنشئ نحو خمس محطات لتوليد الطاقة الكهربائية، منها محطتان جديدتان في محافظة عدن، وتوفير نفقات الصيانة وقطع الغيار، كما وفرت دولة الإمارات الديزل والوقود والغاز لمحطات توليد الطاقة والمستشفيات والمدارس، والمباني العامة في محافظات المحررة.
وهذه الحزمة من المساعدات التي قدمتها الإمارات إلى قطاع الكهرباء في تأتي في إطار جهودها الشاملة في تقديم المساعدات الإنسانية لهذا البلد الشقيق، تلك الجهود التي تشارك فيها جميع مكونات المجتمع الإماراتي، قيادةً وحكومةً ومؤسساتٍ وطنيةً وشعباً.
تأسيس محطة الطاقة الشمسية 120 ميجا وات المقدمة من دولة الامارات العربية المتحدة كان من المقرر لها أن تدخل الخدمة في هذا الشهر وبحسب تقرير الشركة المنفذة تأخر وصول المواد والعراقيل التي واجهت الشركة حسب تقريرهم في موقع العمل فأن المدة الزمنية لإدخال المحطة للخدمة ستكون في شهر اكتوبر القادم.
المطلب الثاني: الأسباب الجوهرية لأزمة الكهرباء في العاصمة عدن
لم تكُن أزمة الكهرباء في العاصمة عدن وليدة الحظة؛ بل أنها أزمة تعاني منها محافظات الجنوب منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، حين تم تحميل كهرباء البلاد احمال إضافية حين تم ربطها بعدد من المحافظات اليمنية دون ادخال أي إصلاحات او تطوير لتلك المنظومة، لكنَّ العجز تفاقم بشكلٍ كبير للغاية خلال العشر 15 السنة المنصرمة أي ما بعد عام 2007م، تلك المرحلة التي شهدت تطورا سياسيا في قضية شعب الجنوب مما جعل القوى اليمنية زيادة سيطرتها على الساحة الجنوبية للهيمنة على مفاصل الدولة ضمن استراتيجية يمنية محكَّمة تضمنُ للقوى اليمنية تمرير مخططاتها وتنفيذ مشاريعها التوسعية في محافظات الجنوب وفي مقدمتها العاصمة عدن الذي صرح ذات يوم رئيس النظام اليمني انها سوف تتحول الى قرية، ويبدو أنَّ أزمة الكهرباء اتجهت وما زالت باتجاهِ مزيدٍ من التعقيد، في ظل الأسباب التالية:
أولا: عدم مواكبة تطوير النظام الكهربائي ليتواكب مع النمو السكاني وانتشار وتوسع شبكات الكهرباء التي امتدت الى كثير من عواصم والمدن لاسيما في المحافظات الشمالية. فقد كانت نسبة النمو السنوي للأحمال الكهربائية تتراوح بين 6 و 7% بينما نسبة نمو تعزيز قدرة محطات التوليد تتراوح بين4 و 5%. مما تسبب في تراكم فجوة بين القدرة المتاحة والطلب ليصل العجز في تلبية الطلب في بعض الفترات نحو 30% أثناء الذروة صيفا
ثانيا: تدني مستوى أداء قطاع الكهرباء ان قدرة التوليد المركبة فيها قبل حرب 2015م لا تزيد عن نحو 60% من احتياجاتها تقريبا وكانت تعتمد على استيراد الطاقة من المنظومة الشمالية لتغطية هذا العجز صيفا ولكن بعد احداث 2015م تضررت خطوط النقل بين تعز وعدن مما أدى الى انفصال شبكة عدن عن المنظومة الوطنية وظهرت ازمة الكهرباء في عدن بشكل مفاجئ وحاد.
ثالثا: ان النزوح والهجرة المكثفة من المحافظات الشمالية الى عدن أدى الى تضاعف تعداد سكانها مما زاد الطين بله وسبب ضغطا غير مسبوقا على خدمات الكهرباء والمياه كما ان غياب سلطة الدولة أدى الى انتشار الفوضى والتعدي على شبكة الكهرباء بالربط العشوائي وسرقة التيار حتى ارتفع مستوى الفاقد في شبكة التوزيع إلى نحو 50% من الإنتاج"
رابعا: التوظيف السياسي للأزمة تدرك القوى اليمنية مدى تأثير الأزمة ولا سيَّما في فصل الصيف على المعادلة السياسيَّة في المشهد الجنوبي منذ 2007م؛ لذلك تستخدمها كورقة ضغط ضد القوى الجنوبية المعارضة للحكومات المتعاقبة لديمومة استمرار الهيمنية اليمنية على الجنوب ولا سيَّما في ظل ارتفاع الطلب على الكهرباء بالزيادة السكانية المستمرة؛ كما أنَّ الدعم الحكومي بالطاقة للمحافظات الجنوبية ليس بالشكل المطلوب رغم إيجاد محطة بتروسيلة او ما تسمى محطة هادي. ومن هنا يمكن تفسير الأزمة بأنها سياسية بامتياز بالنظر إلى توقيتها، والأذرُع الموالية للحوثي والقوى المناهضة لمطالب شعب الجنوب والمستفيدة من عمليَّات تعطيل وتخريب المنظومة الكهربائية في العاصمة عدن، فقد امتنعت الحكومة عن تصدير الطاقة بشكلٍ كامل للضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك من خلال العمل على رفع درجة السخط والغضب الشعبي تمهيدًا لخروج الشارع ضد المجلس الانتقالي الجنوبي. أيضًا يأتي الامتناع الحكومي عن تصدير الطاقة للكهرباء في ظل التصعيد دعوات الانتقالي للاستثمار والمستثمرين للعودة الى عدن ومحافظات الجنوب؛ لتنفيذ مشاريع تكامل اقتصادي وتجاري تتضمنُ تزويد الجنوب بالتنمية الاقتصادية؛ وهو ما أربك الجانب اليمني لظهور بوادر الخلاص الجنوبي من الهيمنة اليمنية في مجالات عديدة وفي مقدمتها الاستثمار وتحسين الوضع الاقتصادي والتنموي في الجنوب لاسيما في العاصمة عدن. فمنذ اللحظات الأولى حين استلم الجنوبيون إدارة محافظاتهم في عام 2015م أدرت القوى اليمنية المهيمنة على الجنوب أنَّ إفلات الجنوب من الفضاء اليمني بدأ يلوح في الأفق؛ لذلك يسعى صانع القرار اليمني لإرباك الداخل الجنوبي من خلال خلق أزمات وفي مقدمتها ازمة الكهرباء وهذا ما يؤكده تصريحات كثير من المسؤولين اليمنيين حين وصفوا الاستقرار والتنمية في الجنوب هو بداية الانفصال مما جعلهم يسعون جاهدين لتعطيل عدد من الملفات وفي مقدمتها الامن والاستقرار وكذلك توفير الطاقة والكهرباء للمحافظات الجنوبية. وفيما يُعَد إدراكًا جنوبيا نخبويا وشعبيا للدور الذي تقوم به القوى اليمنية في تعقيد الأزمة، ومن هنا تساءل رئيس الوزراء الأسبق عبد العزيز المفلحي عن اكتفاء الحكومات طيلة الـ 30 سنة الماضية فقط على الكهرباء بالديزل والمازوت الذي يكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات في ظل تنويع كافة دول العالم مصادرها من الكهرباء، فبماذا لم تبادر تلك الحكومات مسالة تنويع مصادر الطاقة وعدم الاكتفاء بمصدرٍ واحد.
خامسا : الفساد المستشري في مفاصل الدولة الشرعية في اليمن يشرح التقرير أصدرته «منظمة الشفافية العالميَّة»، أن حالة الحرب المستمرة في اليمن تخلق حلقة مفرغة من الفساد، حيث إن اقتصاد الحرب يسمح للفاسدين بتكديس الثروات والإفلات من المُساءلة، بينما يعجز الملايين من الناس عن الحصول على المساعدات الطارئة والرعاية الصحية. وأشار أن اليمن تحتلُّ تصنيفًا مُقلِقًا في مؤشِّر مدركات الفساد حيث احتل اليمن 16 درجة، من 100.المرتبة 160 من بين 180 دولة خلال 2020م ضمن تقرير «منظمة الشفافية العالميَّة»، ويحرمُ الفساد المستشري في اليمن المواطنين من حقوقهم الأساسية ولا سيَّما في عنصر مهمٍ للحياة هو الكهرباء دون انقطاع .
وكشف تقرير برلماني عن تحول ملف كهرباء العاصمة عدن إلى "ثقب أسود" لابتلاع المال العام، لصالح شبكات مصالح وشركات الطاقة المشتراه، ومستوردي الوقود، مع تفشي ظاهرة الفساد المالي والاختلالات الإدارية وتعطيل في ثلاث جهات ذات علاقة بهذا القطاع الذي أرهق موازنة الدولة والمواطنين الذين يعيشون -الآن- تحت رحمة حرارة الصيف.
حيث انخفضت القدرة التوليدية إلى أدنى معدل لها، فارتفعت نسبة العجز إلى أكثر من النصف تقدر بـ (٧٥%) لهذا الصيف وبات التمويل غير المنتظم بالوقود يتهدد المحطات العاملة بالتوقف التام بين الحين والآخر، مسقط على إثرها العديد من الوفيات بين السكان".
المليارات للشركات والموردين والظلام والحر للمواطنين
وتشير اللجنة في جانب من تقريرها إلى الموازنة المخصصة للكهرباء لعام ۲۰۲۲م والبالغة 569 مليار ريال وهي أعلى موازنة دعم ترصد للكهرباء، وبنسبة 85 بالمئة من إجمالي الدعم الحكومي المخصص للوحدات الاقتصادية.
وقالت اللجنة في تقريرها، إن جل المبلغ والمقدر 557 مليار ريال بما نسبته (98 بالمئة) خصص كمستحقات لموردي وقود الكهرباء وموردي مواد وقطع غيار سابقة.
واستغربت اللجنة ضياع هذه المبالغ الضخمة "في الوقت الحرج والمتأزم الذي تعانيه البلاد من تداعيات أزمة الكهرباء، دون تخصيص أي مبلغ يذكر لأي من المشاريع المعتمدة أو المقترحة، ذات العلاقة بمعالجة أزمة الكهرباء في عام ۲۰۲۲م، أو لمواجهة متطلبات صيف ۲۰۲۳م".
ووصفت ذلك بأنه "مشهد بائس ومؤشر بالغ الخطورة على غياب الرشد وفقدان التوازن في سياسة الانفاق للموارد المتاحة التي تتم خارج مسارات الخطط والرؤى والقرارات والقوانين النافذة، وخارج الأولويات الحيوية المكرسة للإدارة الرشيدة للخدمات العامة، ذات العلاقة بالحياة المعيشية للمواطنين كأولوية وجودية لبقاء أو رحيل اية حكومة في العالم".
وأكدت اللجنة في تقريرها "أن أزمة كهرباء عدن ليست في أزمة الموارد - كما تدعي الحكومة- فحسب بل في أزمة إدارة الموارد المتاحة، وأن المدخل الحقيقي للحل يكمن في تفعيل آليات المساءلة وإنقاد القانون ومواجهة الفساد وتجنيب هذا القطاع التأثيرات السلبية لصراع مصالح قوى النفوذ والشروع بالمعالجة عبر التحول من إنتاج الطاقة من مصادر ذات كلفة عالية إلى المصادر ذات الكلفة".
وبشأن ذلك أوصت اللجنة البرلمانية "بتكليف نيابة الأموال العامة بإجراء تحقيق شامل وشفاف في الانفاق الفعلي لمبلغ ٥٥٧ مليار ريال وبما نسبته 98% من إجمالي دعم الكهرباء لعام ٢٠٢٢م لبعض المديونيات السابقة لشركات الطاقة المشتراة ولموردي قطع الغيار والوقود كما تدعي الحكومة".
وأِشارت إلى أن المسؤولين اعتبروا إنفاق المليارات لبعض المديونيات "ذات أولوية عن مشاريع الأولوية القصوى لذات العام، والتي تم تأجيلها كمشروع خطوط النقل والتصريف ۱۳۲ ك ف بكلفة لا تتجاوز ١٥ مليون دولار، وتعزيز مصادر التغذية للمحطات التحويلية ٣٣/١١ك .ف. بمبلغ لا يتجاوز ١١ مليون دولار ومنظومة الغاز لتشغيل المحطات الغازية (الرئيس + القطرية) لتعزيز كفاءتها التوليدية إلى الحد الأقصى بقدرات (٤٦٠) ميجاوات و (٦٠) ميجاوات على التوالي. لتغطية العجز المزمن في كهرباء عدن".
وأكدت أن ذلك يقتضي "مساءلة المتورطين في سوء إدارة الموارد المتاحة وتحديد الأولويات من جهات أو أطراف او مسؤولين وتحميلهم تبعات استمرار العجزة واستمرار الطاقة المشتراة من الديزل وتكبيد الخزانة العامة مئات الملايين من الدولارات، والتسبب في المحصلة النهائية بالأضرار البالغ بالمصالح العامة للمواطنين".
واعتبرت اللجنة في تقريرها، "الاستمرار في شراء عقود الطاقة من وقود الديزل الأعلى كلفة وتجديد العقود السابقة منذ عدة سنوات ولمدد مستقبلية طويلة، انتاج لأخطر بؤر الفساد في المالية العامة للدولة، وتتسبب في استنزاف جزء كثير من موارد الدولة، وتعيق سياسات تحقيق الاستقرار في سعر صرف الريال اليمني، رغم توفر البدائل المتاحة للاستغناء عن مثل هذه العقود المكلفة، وتجنب خزينة الدولة الخسائر التي تتحملها المقدرة بما يتجاوز ٤٠ بالمئة مقارنة بكلفة انتاجها في المحطات الحكومية".
وتشير اللجنة البرلمانية إلى "ارتفاع نسبة الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بوقود الديزل عالي الكلفة مقارنة بنسبة الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بوقود المازوت منخفض التكلفة (حيث ترتفع كلفة الطاقة المولدة من محطات وقود الديزل بما نسبته ٦٠% عن محطات وقود المازوت) وتمثل العقود من الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بالوقود عالي الكلفة الديزل ما نسبته ٨٧% من اجمالي عقود الطاقة المشتراة، (فهناك ۲۳ محطة توليد بوقود الديزل عالي الكلفة مقابل محطة واحدة تعمل بالمازوت منخفض الكلفة).
وأكدت اللجنة عدم التزام الجهات الحكومية بقانون المناقصات ولائحته التنفيذية في عقود شراء الطاقة سواء الجديدة منها أو تمديد العقود السابقة، وزيادة نسبة الفاقد الاجمالي للطاقة وبمعدلات عالية جداً وغير مقبولة وصلت خلال عام ۲۰۲۲ بنسبة (٤٥%) من إجمالي الطاقة المتاحة في عدن والمناطق المحررة".
ولفتت اللجنة في التقرير إلى توقف معظم محطات التوليد التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء للتقادم أو لإهمال صيانتها وعدم توفير قطع الغيار، وتوقف محطة الحسوة (2) التي يفترض أن تعمل بالغاز كونه أقل كلفة وأقل إضراراً بالبيئة، بسبب استخدام وقود الديزل العالي الكلفة والغير مطابق للمواصفات اللازمة لتشغيلها، دون مساءلة المسؤولين عن ذلك.
وقالت في التوصيات إن إعطاب محطة الحسوة "تسبب في خسائر باهظة بملايين الدولارات نتيجة توقفها عن العمل، وتكلفة اعادة التأهيل
وأضافت أن ذلك يقتضي "كشف المتورطين بهذه العملية التخريبية، وتحميلهم المسؤولية عن اهدار المال العام المترتبة عنها، وعن تعطيل مصلحة عامة للمواطنين طيلة فترة التوقف وحتى اليوم"، إضافة إلى تحقيق نيابة الأموال العامة في ذلك.
وفي مثال واضح على ضخامة الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة، أشار تقرير اللجنة البرلمانية إلى تأخير متعمد لتنفيذ العقد المبرم لشراء الطاقة من شركة برايزم التربرايس عبر الباخرة العائمة بقدرة ۱۰۰ ميجاوات تعمل بالمازوت منخفض التكلفة.
وقالت إنه "منذ أكثر من عام من تاريخ توقيع العقد، قد ترتب (على تأخير تنفيذه) والاستمرار في التعاقد مع شركات بيع الطاقة بوقود الديزل عالي التكلفة، تكبيد الدولة خسائر مقدارها (٥٧٥) مليون دولار وفق لما جاء في ردود وزارة الكهرباء، مقابل الفارق بين سعر الديزل وسعر المازوت خلال مدة فترة التعاقد والبالغة (۳) سنوات".
وأكدت اللجنة "سيادة ظاهرة العشوائية وعدم الانتظام في تزويد محطات إنتاج الطاقة بالوقود الضروري للتوليد وعدم التحوط بالمخزون الاحتياطي من الوقود والاعتماد على الحلول الإسعافية في الغالب لشراء الوقود وبتكاليف أكبر من التكاليف الحقيقية".
وكشف رئيس حكومة المناصفة الدكتور أحمد عوض بن مبارك، المسكوت عنه في ملف الكهرباء، مقدما اعتذاره للسكان في العاصمة عدن، ومحافظات أخرى عن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة خصوصا مع موسم الصيف.
وقال بن مبارك في مقابلة مع قناتي "اليمن، وعدن" الحكوميتين، إنه "يدرك معاناة الناس، ويحس بصدق معنى أن تنقطع الكهرباء لمدة 15 ساعة أو 14 ساعة"، مشيراً الى أنه ليس منفصل عن هذه الواقع مطلقاً وأنه يتابع أوضاع المواطنين عن كثب، وأهله في حي كريتر ما يعني أنه جزء من هذه المعاناة، لافتاً الى أن اجتماعاته الأخيرة كانت دون الكهرباء.
وأوضح أن "31% من إيرادات الدولة تستهلكها الكهرباء"، مشدداً على أهمية "إيقاف نزيف" (المال العالم للدولة بشأن الكهرباء، ومعالجة هذه المسألة بشكل جذري.
وأكد أن "حجم ما أنفق على الكهرباء، لو أنفق بطريقة سليمة، إن لدى الدولة محطات استراتيجية"، منوهاً الى أن الحكومة "أنفقت العام الماضي أكثر من ترليون و10 مليار ريال للكهرباء، (75% منها) -755 مليار فقط مشتقات نفطية، ونقطة لا تذكر في الصيانة والاستثمار".
وأضاف: "لكن يجب أن يدرك الناس أنه هذه تركة كبيرة وتراكم لفترة طويلة جدة، حصل فيها إخفاقات كبيرة جداً، لأن ملف الكهرباء لم يدار بطريقة صحيحة، وهناك إشكاليات كثيرة، لأن المعالجات كانت خلال الفترة الماضية عبارة عن فزعات، ليست ضمن خطط استراتيجية وتوجهات سليمة، خلقت التزامات باهظة على الدولة".
وقال إنه "في موضوع شراء المشتقات النفطية فعل في الأسبوع الأول (من توليه منصب الحكومة)، لجنة مناقصات، وهذا وفر ما مقداره من 35 الى 40%"، منوها الى أن الحكومة كانت "تشتري طن (الوقود) الواحد ب 1200 دولار، والان أصبح ب763 دولار".
ووفق ما قاله بن مبارك فإن المشكلة الحاصلة لانقطاع الكهرباء هو معالجة الاختلالات المالية كي لا تتكرر، وقال إن "المعركة الآن، والتأخير الى اخر لحظة يعانوها هي هذه القضية، وهو اما أن نعود الى الممارسات السابقة، وننفق على قطاع الكهرباء بنفس الطريقة السابقة ونستهلكها كلها، سواء في شراء المشتقات النفطية بالطرق الذي تهدر أموال ضخمة أو أن نصبر لنعيد الأمور الى نصابها، ونضبط هذه المسألة ثم نفكر بمدى متوسط ومدى الاستراتيجية لإيجاد حلول دائمة".
وحول المستفيد من ذلك قال بن مبارك إن "هذه واقع كان موجود وانه كان وضح في هذه المسألة من أول أيام توليه رئاسة الحكومة وهو جزء من هذه المعاناة".
وجدد رئيس الوزراء دعوته للمواطنين بالصبر وقال: "لا أريد أن تستخدم معاناتهم ويصبحوا جزء يقود الضغط عليه، والاضطرار للعودة الى الحلول الجزئية الغير مجدية والبقاء في حالة الانفاق".
ونحن من جانبنا نقول إنه من حق الناس التساؤل عن مصير تلك المبالغ الطائلة.. هل صُرفت فعلًا في خدمة قطاع الكهرباء أم أنها ذهبت أدراج رياح الفساد والمحسوبيات والهدر والصفقات المشبوهة والوهمية؟
استهداف منظومة الكهرباء كورقة ضغط: اعتادت القوى اليمنية وكذلك التنظيمات الإرهابية اليمنية الحوثية والاخوانية، على استهداف منظومة الكهرباء بشكل غير مباشر (ما يسمى بإرهاب الكهرباء) إمَّا للضغط على الحكومات المحلية في الجنوب او المجلس الانتقالي الجنوبي لتقديم تنازلات لصالحها أو لإفشالها أمام الرأي العام حتّى يستمر الجنوب في براثن الفوضى وعدم الاستقرار بما يتيحُ لها تنفيذ مخططاتها.
استهداف مصادر انتاج الطاقة منذ عامين اسهم في تأزيم الازمة وقد ترتب على ذلك ارتفاعُ ساعات انقطاع الكهرباء واعتمادُ العديد من الأهالي على مولدات الطاقة الأهلية ما أدى إلى خلق ظاهرة تُجار المولدات الصغيرة المتربّحين والمستفيدين من أزمة الكهرباء، وربما يُعَد الاستهداف المُمنهج لمنظومة الكهرباء من خلال انقطاع المشتقات التشغيلية لمنظومة الكهرباء.
سادسا: ضعف السياسات الإدارية في إدارة أزمة الكهرباء: تفتقر وزارة الكهرباء في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب لرؤية إستراتيجية وطنية لتعظيم الاستفادة من الموارد الجنوبية الكبيرة لحل معضلة الكهرباء، حيث لم تعتمد الحكومات المتعاقبة على الغاز المحلي المُتمثّل في الغاز المصاحب والغاز الحُر المتوفر في الجنوب لحل أزمة الكهرباء، وهو ما يُعَد من أبرز صور الهدر المالي والفساد في مِلف الكهرباء، حيث يشكل الغاز المصاحب للنِّفط نسبة 70% من الغاز الجنوبي، ورغم ذلك يتمُ إهدار أكثر من 60% منه بالحرق منذ سنوات لعدم وجود البُنية التحتية المطلوبة لاستغلاله،
ولا نخف ان هناك أيادٍ خارجية تعمل على تعطيل لجوء الجنوب إلى تشغيل مصافي عدن الذي توقف منذ بداية الحرب ولتوقيفها خلق ازمة وقود للكهرباء بالإضافة لذلك فأنَّ منظومة الكهرباء تسبَّبت في فقدان 40% بالفعل من الإنتاج نتيجةَ تقادمها وتهالكها وعدم تطويرها بمنظومة نقل وتوزيع حديثة.
ويُعَد النفوذ السياسي للقوى اليمنية في الجنوب السببَ الرئيس في انتشار الفساد في مفاصل ومؤسَّسات الدولة في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب الأخرى ، فقد عمدت السياسة اليمنية إلى استبعاد الشخصيات الجنوبية الوطنية المؤهلة من صُنع القرار أثناء تشكيل الحكومات المتعاقبة، مقابل دعم شخصيات غير ذات كفاءة موالية لها وتأتمر بأمرها وتلتزم بأجندتها، وذلك لضمان استمرار النفوذ اليمني ضمن استراتيجية استمرار الهيمنة والنفوذ التوسعية، ومِن ثَمَّ، فإنَّ محاربة الفساد بكل أنواعه في الجنوب تبدأ من محاربة الفساد السياسي، الذي يترتب عليه فسادٌ ماليٌ وإداري، ومحاربة الفساد السياسي تبدأ من اقتلاع جذور القوى اليمنية وميليشياتها من الساحة الجنوبية، وهو ما يصعبُ تحقيقه خلال الأيام القليلة القادمة نظرا بتحالفات الضرورة وكذلك دول التحالف العربي والتي لم تتضح رؤيتها بعد في مصير قضية شعب الجنوب السياسية، ومِن هُنا تتعقد الأزمة أكثر واكثر.
المطلب الثالث: النتائج والحلول المطروحة لمعالجة الأزمة
أولا: النتائج
1- تكشفُ المعطيات السابقة أنَّ معضلة الكهرباء في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب الأخرى، معقدةٌ للغاية وموروثةٌ وسياسيَّة في طبيعتها بوقوف القوى اليمنية وميليشياتها المُسلَّحة الموالية لها صاحبةَ الدور الأكبر في الأزمة وراء كافة أسبابها؛ لكونها أحد أهم أوراق الضغط اليمنية.
2- زيادة تعقُّد أزمة الكهرباء خلال فصل الصيف الحالي؛ لأنَّ معدل العجز أصبح يعادل ضعف الإنتاج على هذا القطاع الحيوي، في ظل عدم قدرة الحكومة المناصفة على معالجة أسباب الأزمة على الأمد القريب والبعيد.
3- أنَّ الجنوبيين في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب الأخرى يعيشون ساعاتٍ طويلة في انقطاعٍ للتيار الكهربائي، وعجزٍ مستمر في الشبكة الكهربائية، رغم أنهم يعيشون في بلدٍ منتجي ومصدِّر للنِّفط، والثاني إنتاجًا للنِّفط في المنطقة العربية بعد السعودية، ورغم امتلاكه لمليارات المكعبات من الغاز المصاحب الذي يتمُ حرقُه والغاز الحُر، والذي كان من المفترض أنَّ الجنوب في ظلِّ هذه المعطيات مُصدِّرًا للكهرباء والغاز.
4- وفي ظل استمرار سيناريو التعذيب المُمنهج ضد الشعب في الجنوب فإنَّ من المتوقع عدمُ صبرِ المواطنين على قادتهم، وخروجُ التظاهرات الحاشدة في مختلف محافظات الجنوب للبحث عن حلولٍ عاجلة للأزمة المزمنة، في ظلِّ زيادة الطلب على الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة لمستوياتٍ قياسية.
متطلبات صيف عام ٢٠٢٤م، على النحو التالي:
ومِن ثَمَّ يطرح البعض حلولًا للتخفيف من وطأة هذه المشكلة، والتي قد يتطلب تنفيذها أكثر من عامٍ على الأقل لجني ثمارها في المساهمة بمعالجة الأزمة؛ نظرًا لأسبابها ومعطياتها المعقدة، ومِن هذه الحلول:
أ. إلزام شركة بترومسيلة باستكمال تنفيذ المشروع الاستراتيجي (المتعثر) إعادة تأهيل شبكة النقل ١٢٢ ك ف كجزء غير منجز حتى الآن من مشروعها محطة عدن الجديدة، والتزام الحكومة بإصلاح خطوط النقل والتوزيع لتعزيز مصدر التغذية لمحطات التحويل ١١/٣٣ ك.ف.
ب. رفع القدرة التوليدية لمحطة عدن الجديدة بقدرة ٢٤٠ ميجاوات.
ت. استكمال إعادة التأهيل واستعادة محطة الحصوة ٢ للعمل بقدرة ٦٠ ميجاوات خلال عام ٢٠٢٣م ت استكمال إعادة التأهيل واستعادة محطة المنصورة ٦٠ ميجاوات للعمل خلال العام ٢٠٢٣م.
ت. إعادة التأهيل واستعادة التوربين الصيني ٦٠ ميجاوات إلى العمل
ث. استكمال الإجراءات التنفيذية لعقد شركة بريزم انتربرايس لشراء الطاقة بوقود المازوت بقدرة ۱۰۰ ميجاوات عبر السفينة العائمة خلال عام ٢٠١٣م.
ج. تنفيذ منظومة الغاز لرفع الكفاءة التوليدية للمحطات العاملة بالغاز حتى العام ٢٠٢٤م.
ح. صيانة خطوط النقل والتوزيع لخفض الفاقد الكبير المقدر ب 10% من الطاقة المنتجة إلى حدوده الدنيا حتى العام ٢٠٢٤م.
د. استكمال المرحلة الأولى من محطة الطاقة الشمسية بقدرة ٢٠ ميجاوات خلال العام ٢٠٢٣م.
(1) التزام الحكومة باستمرار العمل على توفير متطلبات الحل الجذري للعجز المؤمن في كهرباء عدن وغيرها من المحافظات المحررة عبر تأمين متطلبات المرحلة الثانية من محطة عدن الجديدة بقدرة ٤٦٠ ميجاوات، واستكمال المرحلة الثانية من محطة الطاقة الشمسية بقدرة ۱۲۰ ميجاوات ، والعمل على انجاز معالجات استراتيجية مستديمة لمواجهة الطلب المتصاعد للكهرباء مع الاحترار السنوي انشاء المزيد من محطات التوليد بالطاقة النظيفة والغازية ، قليلة الكلفة وذات كفاءة وفاعلية اقتصادية مستديمة، ووفقا لدراسات الجدوى الاقتصادية في عدن، وبقية المحافظات المحررة
(2) التزام الحكومة بوقف كل عقود شراء الطاقة العاملة من وقود الديزل أو تجديدها في كهرباء منطقة عدن اعتبارا من مطلع نوفمبر القادم، وعددها ستة عقود ينتهي آخر تجديد لها في ٣١ أكتوبر ٢٠٢٣م
(3) التزام الحكومة بقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية ولائحته التنفيذية في تنفيذ كل تعاقدات الطاقة والوقود وتفعيل اللجنة العليا للمناقصات في العاصمة المؤقتة عدن.
(4) التزام الحكومة بتعزيز التوجه الحكومي نحو منظومة التوليد الكهربائي بالطاقة المتجددة وتنويع مصادرها من الرياح والشمس والغاز ومنع أي تعاقدات أو شراء محطات توليد أو طاقة مشتراة جديدة تعمل بوقود الديزل.
(5) إعادة الآلية السابقة في انتظام توفير المشتقات النفطية للكهرباء من قبل مصافي عدن، وشركة النفط اليمنية التي تضمن عدم اللجوء إلى شراء الوقود بالأمر المباشر وبأسعار احتكارية عالية وبمواصفات رديئة وعدم تجزئة المشتريات.
(6) الالتزام الصارم بقرار مجلس الوزراء لعام ۲۰۲۳، بشأن إمداد محطات توليد الكهرباء بالمشتقات النفطية النظيفة وفقا للمواصفات المعيارية، بصورة منتظمة، وتكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحلية لإجراء الفحص والمراجعة عن الأسباب التي تقف وراء الاختناقات في توفير الوقود المخصص لتوليد الطاقة وتحديد المسؤولية الإدارية والقانونية للجهات وإحالتهم إلى نهاية الأموال العامة.
(7) تكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بإحالة جميع المخالفات المالية والإدارية - التي لم تتم معالجتها ولم يسبق إحالتها إلى نيابة الأموال العامة، والواردة في تقريره رقم (۹۸) لسنة ٢٠٢٠ والمرفوع إلى رئيس الجمهورية السابق بشأن المراجعة النهائية لأداء قطاع الكهرباء في عدن للفترة من ٢٠١٦ -2019
(9) التزام الحكومة بسرعة استكمال متطلبات إنشاء صندوق المشتقات النفطية المستدام.
(10) التزام الحكومة بتسريع مشروع محطة كهرباء بمحافظة تعز، وبقدرة لا تقل عن ٦٠ ميجاوات
(11) إلزام المؤسسة العامة للكهرباء بتشغيل المحطات التابعة لها بالطاقة القصوى الممكنة وألا تلجأ إلى خفض إنتاج الكهرباء لصالح محطات شراء الطاقة المكلفة.
(12) إلزام المؤسسة العامة للكهرباء بعدم المبالغة في عملية شراء الطاقة بما يفوق الاحتياجات الفعلية وكذا القدرة التصميمية والاستيعابية لمنظومة التوزيع التابعة للمؤسسة.
(13) ضرورة التنسيق بين وزارتي المالية والكهرباء وبقية الجهات ذات العلاقة بما يضمن تحصيل المديونيات المتراكمة لدى مستهلكي الطاقة، وبالتالي الاستفادة منها في تمويل برامج هذا القطاع الهام في جوانب التشغيل والصيانة والاستثمار.