قنبلة موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي..
صراع محتمل في مضيق هرمز قد يشعل فتيل حرب عالمية ثالثة
واصلت أسعار النفط الخام مسيرتها الصعودية في الجلسة السادسة على التوالي، مدعومة ببيانات اقتصادية إيجابية وتصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وتأتي هذه الزيادة في أعقاب اغتيال القيادي في حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، مما زاد من المخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط.
شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعاً ملحوظاً في بداية تعاملات يوم الثلاثاء، مدفوعة بمخاوف جيوسياسية متصاعدة في الشرق الأوسط. يأتي هذا الارتفاع في أعقاب اغتيال القيادي في حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، مما زاد من التوتر بين إسرائيل وإيران. وتخشى الأسواق من أن يؤدي تصاعد التوترات إلى اضطرابات في إمدادات النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار وتأثير سلبي على الاقتصاد العالمي.
وللجلسة السادسة على التوالي، صعدت أسعار النفط الخام في التعاملات المبكرة، الثلاثاء 13 أغسطس/آب 2024، وسط قلق من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط لتشمل إيران. حيث تترقب إسرائيل المدعومة من واشنطن بشكل كبير٬ رداً من إيران بسبب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران 31 يوليو/ تموز الماضي.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، كثفت دول غربية مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، دعواتها إلى إيران لعدم ضرب إسرائيل، فيما تؤكد طهران أنها تملك حق الرد وأنه سيكون حتمياً ولا رجعة عنه.
أمام هذه التطورات، صعدت أسعار النفط في التعاملات المبكرة الثلاثاء، للجلسة السادسة على التوالي، إلى 81.7 دولارا لبرميل خام برنت تسليم أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
والتوترات القائمة في الشرق الأوسط، تقع في قلب إنتاج النفط العالمي، إذ تنتج المنطقة أكثر من 27 مليون برميل للخام يوميا، بصدارة السعودية بإنتاج يزيد على 9 ملايين برميل يومياً في الوقت الحالي. أما إيران التي تعاني عقوبات أمريكية منذ 2018، فاستطاعت زيادة إنتاجها النفطي من متوسط 1.9 مليون برميل يوميا نهاية 2018، إلى قرابة 3.3 ملايين برميل يومياً حاليا.
ولدى إيران قدرة على إنتاج 3.9 ملايين برميل يوميا من النفط الخام، إلا أن العقوبات الأمريكية ضدها وضد الشركات المتعاونة معها، وحاجة مرافقها للصيانة، دفع كميات الإنتاج إلى المستويات الحالية.
نادراً ما يكون مضيق هرمز٬ وهو ممر مائي ضيق عند مصب الخليج العربي، ما يكون بعيدًا عن مركز التوترات العالمية. فهو طريق شحن رئيسي يتعامل مع ما يقرب من
30٪ من تجارة النفط العالمية
، ويخضع لمراقبة عن كثب بحثاً عن أي علامات تهديد أو خطر.
أثارت احتمالات اندلاع حرب بالمنطقة مخاوف من تعرض الشحن عبر الممر المائي الحيوي للخطر. واستهدفت إيران مراراً وتكراراً السفن التجارية التي تمر عبر مضيق هرمز على مر السنين وهددت بمنع العبور في السنوات الماضية.
ولم تهدد طهران بشكل خاص حركة المرور عبر مضيق هرمز هذه المرة، لكنها تدعم بقوة الحوثيين في اليمن الذين يهاجمون السفن بالقرب من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مما يشير إلى أن إيران مستعدة لعرقلة الشحن العالمي إذا ما تم استهدافها من قبل إسرائيل أو الأمريكيين الذين حركوا حاملات الطائرات لحماية تل أبيب أو مهاجمة طهران.
ومن شأن دخول إيران على خط الصراع في الشرق الأوسط، من خلال ضربها أهدافاً إسرائيلية أو رد الأمريكيين عليها، أن يهدد الإنتاجات النفطية لها ولجيرانها، وسيهدد مسارات الخام المنقولة بحراً من المنطقة إلى دول العالم المختلفة.
يعد مضيق هرمز ضروري لتجارة النفط العالمية. حيث تشحن الناقلات ما يقرب من 15.5 مليون برميل يومياً من الخام من المملكة العربية السعودية والعراق والكويت والإمارات العربية المتحدة وإيران عبر المضيق في الربع الأول من عام 2024، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة بلومبيرغ الأمريكية. كما يعد المضيق أيضاً أمراً بالغ الأهمية للغاز الطبيعي المسال ، حيث يمر أكثر من خُمس إمدادات العالم – معظمها من قطر – خلال نفس الفترة من هناك.
وهددت إيران في أكثر من مناسبة بتعطيل حركة الملاحة في مضيق هرمز، وهي خطوة من شأنها أن تقفز بأسعار النفط. ويربط مضيق هرمز الواقع بين عمان وإيران، الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب، ويعد أهم ممر للنفط في العالم لأن كميات كبيرة من النفط تتدفق عبر المضيق.
كما يعتبر ورقة ضغط إيرانية تلوح بها عند نشوب أي توترات مع الغرب، بصفته ممراً رئيساً لحركة معظم النفط المنتج في دول الخليج العربي والعراق. وتقود فرضية عدم قدرة النفط على عبور ممر رئيسي مثل مضيق هرمز جراء أي عراقيل جيوسياسية أو لوجستية، ولو مؤقتاً، إلى تأخيرات كبيرة في الإمدادات وزيادة تكاليف الشحن، ما يؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة العالمية.
الدول التي يمر نفطها عبر مضيق هرمز: إيران، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، الكويت، السعودية. إلا أن السعودية والإمارات تملكان خطوط أنابيب تمتد حتى البحر الأحمر غرب المملكة، وبحر عمان على التوالي، لتجاوز أية عراقيل قد تطرأ على مضيق هرمز.
كذلك، تسيطر جماعة “أنصار الله” الحوثيين المدعومة من إيران على مضيق باب المندب، وهو البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، ويعتبر أحد أهم خطوط الملاحة العالمية، لأن عبور السفن منه يقصر بمقدار أسبوعين مدة تجارة السلع بين الشرق والغرب.
وبينما لا تنشر أرقام رسمية عن تراجع حركة الملاحة في مضيق باب المندب، بسبب هجمات تشنها جماعة الحوثي على السفن العابرة والمرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا منذ مطلع العام الجاري، إلا أن أرقام قناة السويس المصرية تقدم بعض الحقائق.
ووفق الحكومة المصرية، تراجعت الملاحة في قناة السويس بما يتجاوز 55 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري، وهي نسبة قد ترتفع في حال تصعيد الصراع ليشمل إيران و”حزب الله”. ويمر عبر مضيق باب المندب قرابة 10 بالمئة من إمدادات النفط العالمية أو قرابة 11 مليون برميل يوميا، بحسب بيانات تعود لعام 2022، صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
تستخدم إيران مضايقة السفن في الخليج منذ عقود للتعبير عن رفضها للعقوبات المفروضة عليها، أو كوسيلة ضغط في النزاعات:
في 13 أبريل/نيسان، وقبل ساعات من شن هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل، استولى الحرس الثوري الإسلامي الإيراني على سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل بالقرب من مضيق هرمز بين الخليج العربي وخليج عمان.
وأفرجت إيران عن طاقم السفينة في أوائل مايو/أيار، وفقًا لمجلة لويدز ليست التجارية. وقالت طهران إن السفينة MSC Aries انتهكت القواعد البحرية، لكن المحللين أشاروا إلى ارتباطها بملكية إسرائيل كدافع.
عندما استولت إيران على ناقلة متجهة إلى الولايات المتحدة في أبريل/نيسان 2023، وقالت إن السفينة اصطدمت بسفينة أخرى. لكن هذه الخطوة بدت وكأنها رد على استيلاء السلطات الأمريكية على سفينة محملة بالنفط الإيراني قبالة سواحل ماليزيا على أساس “انتهاك العقوبات”.
في مايو/أيار 2022، احتجزت إيران ناقلتين يونانيتين لمدة ستة أشهر ، كرد على مصادرة السلطات اليونانية والأمريكية للنفط الإيراني على متن سفينة أخرى. وفي النهاية، تم الإفراج عن الشحنة وأُطلق سراح الناقلتين اليونانيتين. كما تم الإفراج عن النفط على متن ناقلة قالت إيران إنها احتجزتها في يناير/كانون الثاني ردًا على “سرقة النفط من قبل الولايات المتحدة”.
ليس قبل الآن٬ لكن خلال حرب 1980-1988 بين العراق وإيران، هاجمت القوات العراقية محطة تصدير النفط في جزيرة خرج، شمال غرب المضيق. وبعد ذلك، في ما يسمى بحرب الناقلات، هاجم الجانبان 451 سفينة بينهما. أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في تكلفة تأمين الناقلات وساعد في رفع أسعار النفط.
المضيق، لكنها تراجعت في النهاية. ويشك تجار النفط في أن البلاد ستغلق المضيق بالكامل لأن ذلك سيمنع إيران من تصدير نفطها. علاوة على ذلك، فإن البحرية الإيرانية ليست نداً للأسطول الخامس الأمريكي والقوات الأخرى في المنطقة. قال العميد البحري علي رضا تنكسيري، قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإسلامي، قبل وقت قصير من الاستيلاء على السفينة أريس إن “إيران لديها خيار تعطيل حركة المرور عبر مضيق هرمز، لكنها تختار عدم القيام بذلك.
في عام 2019، أرسلت واشنطن حاملة طائرات وقاذفات بي-52 إلى المنطقة. في نفس العام، بدأت الولايات المتحدة عملية سنتينل رداً على تعطيل إيران للشحن. وانضمت عشر دول أخرى – بما في ذلك المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين – لاحقاً إلى العملية، المعروفة الآن باسم بناء الأمن البحري الدولي.
منذ أواخر عام 2023، تحول الكثير من التركيز على حماية الشحن بعيداً عن مضيق هرمز إلى جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يربطه بخليج عدن والمحيط الهندي. أصبحت هجمات المسلحين الحوثيين في اليمن على الشحن الداخل أو الخارج من البحر الأحمر مصدر قلق أكبر من مضيق هرمز. وتسعى قوة بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر إلى حماية الشحن في المنطقة.