البوابة المفتوحة..

دراسة حالة: كيف تساهم الشراكات الشاملة في تنويع الاقتصاد الإماراتي؟

تشير المؤشرات الاقتصادية الأخيرة إلى تحقيق دولة الإمارات قفزات نوعية في تنويع اقتصادها، حيث تسجل صادراتها السلعية غير النفطية نموًا متسارعًا. هذه الأرقام تؤكد نجاح الاستراتيجيات الحكومية الهادفة إلى تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية الشاملة.

الشراكات الشاملة تدفع عجلة التجارة الإماراتية غير النفطية

أبوظبي

يشهد القطاع الخاص الإماراتي زخمًا كبيرًا في ظل الدعم الحكومي المستمر، حيث يساهم بشكل فعال في تنويع مصادر الدخل الوطني. وتؤكد الأرقام المتعلقة بصادرات السلع غير النفطية أن الشركات الإماراتية قادرة على تحقيق إنجازات كبيرة وتلبية احتياجات الأسواق العالمية.

وحافظت الصادرات الإماراتية من خارج قطاع النفط على تحقيق القفزات رغم بعض القيود والاضطرابات، التي لا تزال تلقي بظلالها على التجارة العالمية وتسببت في اختناقات واضحة في الموانئ.

ومنذ سنوات، بدأت الحكومة اتخاذ خطوات لتعزيز الاقتصاد غير النفطي لمواجهة هبوط أسعار الخام، وفي الوقت ذاته تنويع مصادر الدخل، ومن أجل تصريف الإنتاج المحلي عقدت شراكات إستراتيجية شاملة مع العديد من دول العالم.

وعملت السلطات على ترسيخ مكانة قطاعات الأعمال والاستثمار والصناعة والسياحة والتجارة الرقمية والنقل واللوجستيات والطاقة البديلة وتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة والناشئة في اقتصادها على نحو يقطع مع الماضي.

ويؤكد ثاني الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية أن بلاده واصلت جني ثمار الرؤية الاستشرافية بالمزيد من الانفتاح تجاريا واستثماريا ومواصلة بناء شراكات اقتصادية إستراتيجية شاملة مع الأسواق ذات الأهمية على خارطة التجارة العالمية.

وأوضح أن هذا انعكس على بيانات التجارة من السلع غير النفطية، والتي استمرت في مسارها الصاعد، الذي كانت قد بدأته منذ سنوات، محققة رقما تاريخيا غير مسبوق في النصف الأول من 2024″.

وتجاوزت قيمة التجارة من دول العالم في الفترة بين يناير ويونيو 1.395 تريليون درهم (380 مليار دولار)، بنمو بلغ 11.2 في المئة بمقارنة سنوية.

كما سجلت ارتفاعات بنسبة 28.8 في المئة و54.7 في المئة و66 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من أعوام 2022 و2021 و2019 على التوالي.

وقال الزيودي إن “تجارتنا الخارجية تحقق نموا قياسيا غير مسبوق للسنة السادسة على التوالي، متجاوزة بذلك تحديات تباطؤ حركة التجارة العالمية التي لم يتعدّ نموها 1.5 في المئة خلال النصف الأول من 2024”.

وأوضح لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن هذا الأداء يعكس زيادة الثقة العالمية في الاقتصاد الإماراتي وتوجهاته نحو تعزيز التعاون والنمو المشترك مع مجموعة مختارة من أهم الاقتصادات الصاعدة عالميا، ما يعزز مكانة الإمارات كشريك موثوق على الساحة الدولية.

وشهدت الصادرات غير النفطية نموا قياسيا بنسبة 25 في المئة لتصل إلى 69.76 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، بزيادة 40 في المئة مقارنة مع 2022 و54.7 في المئة مع 2021.

وقال الزيودي “يعكس هذا النمو زيادة حصة الصادرات غير النفطية من إجمالي التجارة الخارجية للدولة، حيث وصلت إلى 18.4 في المئة مقارنة مع 16.4 في المئة خلال الفترة نفسها من عام 2023”.

وبالنسبة للإمارات التي تتمتع بعلاقات بالغة الأهمية مع الغرب، تمثل آسيا محورا أساسيا في إستراتيجيتها المتعلقة باتفاقيات الشراكة الشاملة.

ويسعى المسؤولون بشكل متزايد إلى إبرام اتفاقيات ثنائية للتجارة لتحقيق مكاسب أكبر يدعمون بها خطط بناء اقتصاده بلدهم وبما يعزز مركزه في ظل المنافسة المحتدمة مع السعودية للهيمنة تجاريا واستثماريا على المنطقة الغنية بالنفط.

وتجاوز البلد حدود مجلس التعاوني الخليجي، الذي يعد اتحادا جمركيا وسوقا مشتركة وتكتلا تفاوضيا من خلال إبرامها بمفردها حزمة شراكات للتجارة والاستثمار والتعاون ضمن “اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة” لمواكبة التنافس مع جارتها الأكبر.

وتعمل كل من أبوظبي والرياض على تسريع خططهما لاقتصاد ما بعد النفط وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، لكن الإمارات لديها ميزة على جارتها لكونها مركزا اقتصاديا وسياحيا بالشرق الأوسط.

ويقول محللون إنه بناء على ما تملكه الإمارات حاليا من بنية تحتية تجارية قوية، فإنها تريد الآن أن تصبح رائدة في سلاسل التوريد العالمية.

ولدى البلد الخليجي ما يزيد على 10 اتفاقيات للشراكة الشاملة قيد التنفيذ، لكن بعض شركائها الرئيسيين مثل الصين وبريطانيا وكوريا الجنوبية يفضلون إجراء محادثات حول اتفاقية للتجارة الحرة مع دول الخليج الست التي يبلغ ناتجها الإجمالي 1.6 تريليون دولار.

وتؤكد أرقام التجارة الخارجية المسجلة في النصف الأول من 2024 أن الإمارات تسير على المسار الصحيح لتحقيق مستهدفات رؤية “نحن الإمارات 2031″، وفق الزيودي.

وترمي هذه الرؤية إلى زيادة التجارة الخارجية الإماراتية إلى قرابة 1.1 تريليون دولار سنويا، والصادرات غير النفطية إلى نحو 217.65 مليار دولار سنويا.

وحققت الصادرات غير النفطية مع أهم 10 شركاء تجاريين للدولة نموا بنسبة 33.4 في المئة، ومع باقي الدول نموا بنسبة 12.4 في المئة.

مليار دولار خلال النصف الأول من هذا العام، بزيادة 40 في المئة مقارنة مع 2022

وعلى سبيل المثال، استقبل العراق خلال النصف الأول صادرات إماراتية غير نفطية تعادل قرابة 4 أضعاف ما استقبله خلال الفترة المماثلة من العام الماضي.

كما زادت الصادرات إلى الهند خلال ستة أشهر بنسبة 54.9 في المئة، وتركيا بنسبة 9 في المئة، بفضل اتفاقيتي الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تربط الإمارات بكل من الدولتين.

وجاء الذهب والمجوهرات والزيوت والألمنيوم وأسلاك النحاس والمطبوعات والفضة والصناعات الحديدية والعطور على رأس قائمة أهم صادرات الدولة.

وتشير الإحصائيات إلى أن هذه السلع مجتمعة سجلت نموا بنسبة 36.8 في المئة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من 2023، فيما سجلت باقي السلع نموا بنسبة واحد في المئة.

أما قيمة عمليات إعادة التصدير فقد بلغت قيمتها 93.89 مليار دولار خلال النصف الأول من 2024 بنسبة نمو 2.7 في المئة بمقارنةً سنوية، وبزيادة بلغت 11.2 في المئة عن 2022 و40 في المئة عن 2021.

وسجلت عمليات إعادة التصدير نموا ملحوظا مع أهم الشركاء التجاريين للدولة، وخاصة السعودية والعراق والهند والولايات المتحدة والكويت وقطر، فيما انضمت كازخستان إلى قائمة أهم شركاء الدولة في إعادة التصدير.

وإجمالا حققت عمليات إعادة التصدير نموا بنسبة 7.6 في المئة مع أهم 10 شركاء تجاريين للدولة، وفق الزيودي، وكانت أجهزة الهاتف والماس والسيارات أهم سلع إعادة التصدير.

وفيما يتعلق بالواردات غير النفطية، فقد اقتربت من 217.65 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من هذا العام بنمو بلغ 11.3 في المئة على أساس سنوي.