خطوة نحو الاستقرار أم مجرد تخفيف للتوتر..

التشابك الجيوسياسي: اليمن محور التنافس السعودي الإيراني وأبعاده الإقليمية.. أفق مبهم

رغم الإعلان عن التهدئة لا تزال العديد من التفاصيل مبهمة، مما يترك باب التنافس الإقليمي مفتوحًا، خاصة في اليمن، حيث يتواصل الصراع بحدة أقل. هذا التنافس المستمر بين السعودية وإيران له تأثيرات عميقة، لا سيما على الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، الذي يظل بدوره متشابكًا مع التطورات الإقليمية.

المصالحة السعودية الإيرانية وتأثيرها على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

الرياض

يشكل التنافس بين السعودية وإيران مجموعة معقدة من التعقيدات الجيوسياسية التي تتجاوز حدودهما لتصل إلى منطقة غرب آسيا. واحدة من الساحات الرئيسية لهذا التنافس هي اليمن، حيث يخوض البلدان حربًا بالوكالة منذ عام 2015، وهي حرب تركت آثارًا بعيدة المدى على الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المستمر.

بدأت الحرب في اليمن عام 2015، وتسببت في وفاة 233 ألف شخص، بالإضافة إلى وفاة أكثر من 131 ألفًا نتيجة تداعيات غير مباشرة للحرب مثل الفقر والمجاعة وغياب الخدمات الأساسية. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 4 ملايين شخص نزحوا داخليًا، فيما يعاني 80% من السكان من نقص حاد في الاحتياجات الإنسانية الأساسية، لا سيما الأطفال الذين تعرض الملايين منهم لسوء التغذية، ما جعل اليمن على حافة المجاعة.

تقول ميغا جوشي ماثيو، الباحثة في جامعة بونديشيري، في تقرير نشره موقع "مودرن بوليسي"، إن تفاقم الأزمة في اليمن يدفع المجتمع الدولي والإقليمي إلى تحويل مواردهما لتخفيف هذه الكارثة، مما يحد من التركيز على صراعات أخرى مثل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.

يؤدي عدم الاستقرار إلى تقوية التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش في شبه الجزيرة العربية، ما يفاقم تعقيدات الأمن الإقليمي ويصرف الانتباه عن إيجاد حلول للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. هذا التوتر يزيد من حدة الصراعات بين القوى الإقليمية.

دعم إيران للحوثيين وأثره الإقليمي:

كجزء من محاولات إيران لتوسيع نفوذها في غرب آسيا، تقدم دعمًا عسكريًا وماليًا للحوثيين في اليمن، وهي جماعة متمردة تسعى لموازنة الهيمنة السعودية. شمل هذا الدعم تقديم صواريخ باليستية وطائرات مسيرة استخدمها الحوثيون لمهاجمة البنية التحتية النفطية السعودية، مما عزز من موقف إيران على الساحة الإقليمية وأعطاها القدرة على التأثير في سوق الطاقة العالمية.

التداخل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني:

فيما تركز السعودية على تحالفات أخرى بعيدًا عن القضية الفلسطينية، تواصل إيران تقديم دعمها الكبير للفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، سواء عبر التمويل أو التسليح والتدريب العسكري. هذا الدعم يُعزز من قدرة هذه الفصائل على مواصلة صراعها ضد إسرائيل، ويخدم أهداف إيران في تهديد الأمن الإسرائيلي وتعزيز مكانتها كزعيم لمحور المقاومة ضد النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.

التعقيدات الدبلوماسية:

يجعل الصراع الإيراني السعودي الجهود الدولية لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أكثر تعقيدًا، حيث تحولت الولايات المتحدة من كونها الوسيط الرئيسي إلى الإبحار في شبكة معقدة من التحالفات الإقليمية. وبينما تظل الولايات المتحدة حليفًا وثيقًا للسعودية وإسرائيل، فإن التحدي الأكبر أمامها يكمن في تحقيق توازن في علاقاتها مع القوى الإقليمية.

استمرار التوترات:

طالما استمرت المواجهة بين السعودية وإيران، فإن الصراعات في المنطقة، بما في ذلك الصراع في اليمن، ستواصل التأثير على الجهود الدبلوماسية الرامية لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.