مراجعة المشاريع الاقتصادية ومرحلة التقشف..

مشاريع اقتصادية وأولويات رياضية: لماذا قلصت السعودية تعاقدات اللاعبين في 2024؟

بعد فترة من الإنفاق الكبير على استقطاب نجوم كرة القدم العالميين، شهدت المملكة العربية السعودية تراجعًا ملحوظًا في قيمة تعاقدات أنديتها خلال فترة الانتقالات الصيفية لعام 2024، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذا التراجع على طموحات المملكة في تعزيز مكانتها كقوة رياضية عالمية.

السعودية تراجع استراتيجية الإنفاق الرياضي في 2024

الرياض

بعد صيف حافل أنفقت فيه السعودية نحو مليار دولار لجذب نجوم كرة القدم العالميين، شهدت أندية المملكة هذا العام تراجعًا حادًا في قيمة التعاقدات الصيفية بأكثر من النصف. هذا التراجع مرتبط بموجة من التقشف وإعادة تقييم المشاريع الاقتصادية الضخمة التي تعمل عليها الرياض، وفقًا لخبراء.

احتلت السعودية المركز الثاني في قائمة الإنفاق العالمي العام الماضي، لكنها تراجعت هذا الصيف إلى المركز السادس، خلف الدوريات الأوروبية الكبرى "الخمسة الكبار". بلغ إنفاق السعودية هذا العام 431 مليون دولار، أي نصف ما أنفقته في صيف 2023 عندما صرفت رقمًا قياسيًا قدره 957 مليون دولار على انتقالات اللاعبين الجدد، وفقًا لتقرير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الصادر في سبتمبر الماضي.

في حين شهد صيف 2023 توقيع أندية السعودية مع نجوم كبار مثل الفرنسي كريم بنزيمة والبرازيلي نيمار والسنغالي ساديو ماني، لم يشهد صيف 2024 توقيع أي نجم كبير بشكل مماثل. وأرجع سيمون تشادويك، أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال في باريس، هذا التراجع إلى أسباب مالية ورياضية.

قال تشادويك: "رياح التقشف تهب على كرة القدم، وهذا يعكس القضايا الاقتصادية والسياسية الأوسع في العالم." وأضاف أن السعودية "أعادت تقييم بعض التزاماتها المالية للتأكد من أنها تحقق قيمة مقابل المال". وتابع موضحًا أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي قام ببيع سندات في الأسواق المالية كجزء من إعادة تقييم استراتيجي.

يبدو أن هذا التراجع مرتبط أيضًا بإعادة ترتيب الأولويات في إطار رؤية 2030. وأشار وزير المالية السعودي محمد الجدعان في أبريل إلى أن "الصدمات العالمية"، مثل جائحة كورونا والحروب في أوكرانيا وغزة، أثرت على خطط الإصلاح السعودية، مما دفع المسؤولين إلى مراجعة تلك الخطط.

المسؤولون السعوديون أكدوا أنهم مرنون في تعديل استراتيجياتهم وفقًا للتحديات الاقتصادية. كما أن شركة "أرامكو" النفطية طرحت أسهمًا لجمع تمويل لمشروعات الإصلاح الكبرى، وفقًا لمحللين.

جيمس دورسي، الباحث في معهد سنغافورة لدراسات الشرق الأوسط، أوضح أن تخفيض الإنفاق مرتبط بمشاريع أخرى. وقال: "الصفقات الكبيرة في 2023 وضعت الدوري السعودي على الخارطة، ولكن لا يمكن بناء استدامة على شراء لاعبين بأسعار مبالغ فيها. الأداء هو الأهم، وأعتقد أن السعوديين يدركون ذلك الآن."

السعودية، التي تسعى لتكون قوة رياضية عالمية، استضافت فعاليات رياضية كبرى مثل رالي دكار وفورمولا واحد، واستقطبت نجومًا عالميين في كرة القدم. ومع ذلك، فإن المرحلة الحالية تعكس "واقعية وعقلانية" في الإنفاق، وفقًا للصحفي الرياضي محمد مندور.

أندية الدوري السعودي، خاصة تلك المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، استقطبت هذا الصيف 15 لاعبًا أجنبيًا، لكنها اعتمدت بشكل أقل على الصفقات الكبيرة مقارنة بالعام الماضي.