الفصل بين الأدب والسياسة..
"الشوك والقرنفل": رواية توثق التحولات السياسية والمقاومة الفلسطينية
يُعتبر السنوار من أبرز الشخصيات في حركة حماس، ويأتي مقتله في وقت حساس، حيث تتصاعد العمليات العسكرية والتهديدات المتبادلة بين الأطراف المختلفة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الصراع وتداعياته على القضية الفلسطينية.
تتجاوز رواية "الشوك والقرنفل" ليحيي السنوار، زعيم حركة حماس، كونها عملًا أدبيًا بحتًا أو كتيبًا سياسيًا، لتكون محاولة لدمج الجانبين في إطار درامي يظهر المظهر الأدبي بينما يحمل في جوهره أبعادًا سياسية. تأتي هذه الرواية في سياق الأحداث المتسارعة التي شهدتها غزة، إذ قُتل السنوار بواسطة القوات الإسرائيلية في رفح، ما قد يغير المسارات السياسية والعسكرية في المنطقة.
تثير الرواية تساؤلات عميقة حول طبيعتها، فهل هي عمل أدبي محض، أم قناع أدبي يخفى خلفه المعارك السياسية والعسكرية التي خطط لها؟ ورغم تأكيد السنوار أن الرواية التي كتبها خلال احتجازه في السجون الإسرائيلية لمدة عشرين عامًا ليست سيرة ذاتية، إلا أن الأحداث المروية ترتبط بشكل وثيق بشخصيته.
في الفصل الأول، يلفت انتباه القارئ التركيز على الإشادة بالجنود المصريين المرابطين على الحدود، وتقديمهم كرموز للعطف والدعم، مما يعكس أهمية مصر في دعم القضية الفلسطينية عبر السنوات، منذ ما قبل حرب 1948 وحتى الآن. يصف السنوار في روايته كيف كان الجنود المصريون يقدمون الحلوى للأطفال في معسكرات اللجوء، مما يبرز اللحظات الإنسانية في خضم الصراع.
تتعمق الرواية في تناول الأحداث السياسية والشخصيات وكأنها مقال سياسي يهدف إلى تحقيق عدة أهداف، بما في ذلك التنبؤ بمسار أحداث تاريخية مثل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
تتناول الرواية حياة أسرة فلسطينية تعيش في مخيم الشاطئ شمال قطاع غزة، بعد أن هُجر الجد من قريته الفالوجة عام 1948. يروي أحمد، الحفيد الأصغر، حياة الأجيال التي نشأت في مخيمات اللجوء عقب النكسة، تحت قيادة أمها التي تحاول تأمين مستقبلهم في ظل ظروف قاسية.
تظهر الرواية شخصيتين رئيسيتين: محمود، العضو في حركة فتح، الذي يسعى للدفاع عن المقاومة من خلال السياسة، وإبراهيم، ابن العم، الذي يتبنى خيار المقاومة المسلحة بلا هوادة. تعكس هذه الشخصيات الصراع السياسي والأيديولوجي بين فتح وحماس، حيث تُظهر الرواية وجهة نظر سلبية تجاه فتح، مشيرة إلى التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية.
يتبع السنوار تسلسلًا زمنيًا دقيقًا للأحداث منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في عام 1967 وحتى السنوات الأولى للانتفاضة الثانية في عام 2004. ويستخدم الرمزية بشكل مكثف، مما قد يؤدي إلى نقص في العمق الواقعي للشخصيات، حيث تتحول الأسرة إلى رمز لفلسطين، وبالتالي تفقد تعقيدها.
بينما تتخذ الرواية موقفًا سياسيًا واضحًا، قد يشعر البعض بأنها تخلت عن التوازن بين الجوانب الأدبية والسياسية، مما يجعلها تظهر كمنبر للدعاية بدلاً من أن تكون عملًا أدبيًا يستكشف الصراع الإنساني.
عُرف السنوار منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنه مهندس الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، لكنه يعرض في روايته أيضًا وجهه الأدبي. فقد أمضى 23 عامًا في السجون الإسرائيلية قبل أن يتولى مسؤوليات داخل حماس، وقرر أن حماس يجب أن تصعد المعركة بدلًا من الذوبان في سياسات "أنصاف الحلول".
تختتم الرواية بنهاية معكوسة، حيث بدأت بالشوك وانتهت بالقرنفل، لتشير إلى أن قرنفل حماس، الذي حكم غزة، قد تحول إلى شوك يسعى لإشعال حرب إقليمية.