استخدام بيانات روسية..
التحديات الإسرائيلية في مواجهة الحوثيين: ضربات متقطعة وصعوبة تحقيق نتائج حاسمة
شنت إسرائيل غارتين جويتين على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن خلال الأشهر الأخيرة، في إطار ردها على هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة استهدفت جنوب ووسط إسرائيل. ورغم بعد المسافة الجغرافية، فإن الحوثيين يواصلون تحدي إسرائيل مستفيدين من طبيعة الضربات المتفرقة، فيما تعزز هذه الهجمات الدعم المحلي للجماعة وتساهم في تعقيد المشهد السياسي والعسكري في اليمن.
يحمي البعد الجغرافي جماعة الحوثيين من التعرض لحملة جوية إسرائيلية موسعة ومستمرة، مما يعزز قدرتهم على مواصلة الهجمات الصاروخية والمسيّرات التي تستهدف مواقع داخل إسرائيل. يتحرك الحوثيون بناءً على افتراض أن أي رد إسرائيلي سيكون كبيراً ولكنه متقطع، ولن يتسبب في تدمير كبير يؤثر على وجودهم كما هو الحال مع حركة حماس وحزب الله، اللذين تعرض قادتهما للتصفية وتعرضت مخازن أسلحتهما لهجمات إسرائيلية متواصلة وسهلة نظراً لقرب المسافة.
يعتمد الحوثيون في تحديهم لإسرائيل على خبرتهم مع الأسلحة الغربية المستخدمة من قبل التحالف السعودي في اليمن، والتي استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا في الشهور الأخيرة للرد على استهداف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر. ويعتقدون أن الأسلحة الإسرائيلية لن تكون أكثر فعالية من تلك التي استخدمها التحالف ضدهم.
تشجع الضربات الإسرائيلية المتفرقة الحوثيين على تكثيف هجماتهم، حيث يرون أن هذه الضربات تأتي كرد فعل محدود يستهدف مواقع معينة بشكل متقطع، مما يتيح لهم فرصة استئناف خطابهم العدائي ضد إسرائيل، الذي يحظى بتفاعل كبير من أنصارهم.
المسافة البالغة أكثر من 1800 كيلومتر بين إسرائيل والأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن تعوق قدرة إسرائيل على شن حملة جوية مستمرة كما تفعل في غزة ولبنان. وقد شن الجيش الإسرائيلي ضربات على أهداف حوثية مرتين خلال الأشهر الماضية، كان أولها في 20 يوليو رداً على هجوم بطائرة مسيرة على تل أبيب أسفر عن مقتل مدني وإصابة 10 آخرين. استهدفت الغارة الإسرائيلية مدينة الحديدة وضربت محطة كهرباء ومنشأة لتخزين الوقود، ما أسفر عن مقتل 14 شخصاً وإصابة أكثر من 90.
وجاءت الضربة الثانية في 29 سبتمبر بعد هجومين حوثيين متتاليين ضد إسرائيل تم اعتراضهما، واستهدفت الغارة مجدداً محطات توليد الطاقة، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في الحديدة، وأسفرت عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 60 آخرين.
ذكر تقرير لمركز ستراتفور أن الجيش الإسرائيلي استخدم في هجماته طائرات مقاتلة من طراز أف 35 وأف 15، مع طائرات للتزود بالوقود لضمان قدرتها على الوصول إلى اليمن والعودة. ومع ذلك، تتطلب أي حملة واسعة النطاق ضد الحوثيين المزيد من طائرات التزود بالوقود، وهو ما يشكل تحدياً لإسرائيل نظراً لمحدودية عدد هذه الطائرات.
رغم الضربات الإسرائيلية، لا يبدو أن الحوثيين سيتراجعون عن مهاجمة الأراضي الإسرائيلية أو استهداف الشحن في البحر الأحمر. بل من المرجح أن تعزز هذه الهجمات المتفرقة الدعم المحلي للجماعة وتقوي موقفها في الحرب اليمنية المستمرة.
تشير التقارير إلى أن الحوثيين، بمساعدة إيرانية، استفادوا من بيانات الأقمار الصناعية الروسية لاستهداف السفن الغربية في البحر الأحمر. ورغم أن الضربات الإسرائيلية تهدف إلى تعطيل سلاسل توريد الأسلحة إلى الحوثيين عبر الموانئ اليمنية، فإن هذه الجهود لم تنجح في الحد من قدرة الجماعة على الحصول على الأسلحة من إيران.
يحذر تقرير ستراتفور من أن الهجمات الإسرائيلية لن تؤدي فقط إلى تعطيل الأسلحة، بل قد تؤدي أيضاً إلى تعطيل المساعدات الإنسانية وواردات الوقود إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.