"تصعيد أم محاولة اغتيال سياسي"..

الاعتداء على البرغوثي في السجن يعيد طرح تساؤلات حول مستقبل السلطة الفلسطينية

تعرض مروان البرغوثي، أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية السابق والقيادي البارز في حركة فتح، لاعتداء داخل سجنه الإسرائيلي، بينما تتباين الروايات حول طبيعة الاعتداء، أعاد الحادث تسليط الضوء على البرغوثي في وقت حساس تشهده الساحة الفلسطينية، حيث يزداد الحديث عن دوره المحتمل في مستقبل السلطة الفلسطينية والحركة الوطنية.

أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية السابق مروان البرغوثي

غزة

رغم أن الوقت قد يكون مبكرًا للحكم على تفاصيل الاعتداء الذي تعرض له أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية السابق مروان البرغوثي داخل سجنه، سواء كان جسديًا أم لفظيًا، أو حتى التحقق من مصدر هذه الأنباء، سواء كانت من الفلسطينيين أو الإسرائيليين، إلا أن ما لا شك فيه أن هذه الحادثة أعادت طرح اسم البرغوثي بقوة في وقت تشهد فيه الساحة الفلسطينية فراغًا قياديًا كبيرًا.

يرى العديد من الفلسطينيين أن وجود البرغوثي في هذه المرحلة ضروري، حيث يُعتبر قادراً على سد الفراغ داخل السلطة الفلسطينية، التي أصبحت شبه مهمشة، وعلى إنقاذ حركة فتح من التراجع الذي تشهده، حيث يعاني جمهورها من تأثير خطاب حركة حماس التي ازداد نفوذها بشكل ملحوظ في الضفة الغربية.

بتاريخه وشعبيته داخل حركة فتح، يُعتقد أن البرغوثي يستطيع توحيد صفوف الحركة، وإجراء حوارات مع القيادات التي انفصلت عنها أو ما زالت ضمن صفوفها، مما قد يمكن الحركة من مواجهة تمدد حماس وإيقاف المسار الانتحاري الذي قد تجر الفلسطينيين إليه من خلال حروب غير محسوبة، لم يجني الفلسطينيون منها سوى المزيد من الخسائر.

كما يرى مراقبون للشأن الفلسطيني أن البرغوثي، بصفته شخصية قوية، قد يكون مفيدًا للسلطة الفلسطينية في مفاوضاتها مع إسرائيل، التي همشت الرئيس محمود عباس بسبب ضعفه أمام حماس وعجزه عن تنفيذ الاتفاقيات، بالإضافة إلى تقلب مواقفه واتصالاته الدولية. وجود البرغوثي يمكن أن يعطي دفعة جديدة للسلطة ويعزز فرصها في لعب دور في عملية السلام والمفاوضات القادمة، خاصة في مرحلة "ما بعد الحرب"، إلى جانب إعادة فتح قنوات التواصل مع الدول العربية.

في سبتمبر الماضي، وفقًا لما أوردته منظمات غير حكومية معنية بشؤون المعتقلين الفلسطينيين، تعرض البرغوثي لاعتداء "وحشي وخطير" من قبل إدارة السجون الإسرائيلية في زنزانته بالعزل الانفرادي. ووفقًا لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، فقد تعرض البرغوثي للاعتداء في التاسع من سبتمبر في سجن مجدو بشمال إسرائيل، حيث استخدمت وحدات القمع الإسرائيلية أدوات متنوعة لضربه.

الحادثة تسببت بإصابات واضحة في جسده، تضمنت كدمات في أضلاعه وأطرافه، ونزيفًا في أذنه اليمنى، بالإضافة إلى جروح في ذراعه الأيمن وآلام في ظهره، بحسب بيان المنظمات.

في ردها على استفسارات من وكالة فرانس برس، أكدت مصلحة السجون الإسرائيلية أنها تعمل وفق القانون، وأن البرغوثي قد تقدم بشكاوى مرتين بشأن سوء المعاملة، ولكن التحقيقات خلصت إلى أنه لم تكن هناك انتهاكات قانونية.

ويأتي طرح اسم البرغوثي ضمن الأسماء المرشحة للإفراج عنها في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس. يذكر أن البرغوثي معتقل منذ عام 2002 بتهم تتعلق بقتل إسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.

ومنذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر الجاري، وُضع البرغوثي في العزل الانفرادي، ووفقًا للمنظمات الحقوقية، تعرض للاعتداء مرتين منذ ذلك الحين.

فيما أكدت هيئة شؤون الأسرى أن استهداف قادة ورموز الحركة الأسيرة، مثل البرغوثي، يأتي ضمن خطة إسرائيلية لمحاولة اغتيالهم ببطء، معتبرة أن ما يحدث داخل السجون يمثل وجهًا آخر لجريمة الإبادة.

وتشير الإحصائيات إلى أن إسرائيل تحتجز أكثر من تسعة آلاف فلسطيني في سجونها، بينهم حوالي خمسة آلاف اعتقلوا بعد بدء الهجوم على غزة في السابع من أكتوبر. الحملة الشعبية لإطلاق سراح البرغوثي أكدت الاعتداء وطالبت المنظمات الدولية بالتدخل لحمايته وحماية الأسرى وفق القوانين الدولية.