ملء الفراغ الدولي مع تراجع الدور الأميركي..
هل تمهد سياسات ترامب الطريق أمام الصين لإعادة تشكيل النظام العالمي؟
في وقت يتبنى فيه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب نهجاً متشدداً تجاه الصين تحت شعار "أميركا أولاً"، قد تؤدي سياساته إلى انسحاب الولايات المتحدة من العديد من المبادرات والمنظمات الدولية، مما يتيح للصين فرصة استثنائية لتعزيز دورها كقوة عالمية.
رغم تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حول تبني سياسة متشددة تجاه الصين، بما يشمل التهديد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على الواردات الصينية واختيار شخصيات مناهضة لبكين في إدارته، يبدو أن استراتيجيته "أميركا أولاً" قد تتيح للصين فرصة استثنائية لتعزيز نفوذها الدولي والاقتراب من قيادة النظام العالمي.
وفقاً لتحليل نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس"، فإن انسحاب الولايات المتحدة من العديد من المبادرات والمنظمات الدولية قد يخلق فراغاً تسعى الصين لملئه عبر صياغة نظام دولي متعدد الأطراف يخدم مصالحها. ويعتمد هذا النظام على شراكات غير ملزمة، تركز على المصالح المشتركة بدلاً من القيم العالمية التقليدية.
الصين تسعى لقيادة النظام الدولي
تعمل الصين على تعزيز وجودها الدولي من خلال مبادرات مثل "التنمية العالمية"، و"الأمن العالمي"، و"الحضارة العالمية". وتشير بكين إلى ميثاق الأمم المتحدة كأساس للنظام الدولي، وتسعى لإعادة تشكيل الأمم المتحدة كأداة لتعزيز دورها كوسيط عالمي. كما تروّج الصين لخطة سلام في أوكرانيا بالتعاون مع البرازيل، في إشارة واضحة لرغبتها في توسيع نفوذها السياسي.
التجارة والتكنولوجيا في قلب النفوذ الصيني
يبقى المصدر الأساسي لقوة الصين هو قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية، خاصة في مجالات مثل التكنولوجيا الخضراء والذكاء الاصطناعي. من خلال سيطرتها على سلاسل إمداد الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، أصبحت الصين شريكاً لا غنى عنه لدول العالم في التحول الأخضر. ومع انسحاب الولايات المتحدة من قضايا المناخ تحت إدارة ترامب، تستعد بكين للعب دور رئيسي في تحديد معايير التكنولوجيا المستقبلية.
التحديات أمام الولايات المتحدة وحلفائها
في المقابل، يواجه حلفاء الولايات المتحدة تحدياً كبيراً في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد، خاصة إذا استمرت واشنطن في التركيز على القضايا الداخلية. ويشير المحللون إلى أن استراتيجية "أميركا أولاً" قد تكون أفضل هدية للصين، التي تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي بما يعكس مصالحها، بعيداً عن الهيمنة الأميركية التقليدية.
أخيراً، يبدو أن التغيرات في السياسة الأميركية تحت إدارة ترامب ستعيد تشكيل المشهد الدولي، مما يمنح الصين مساحة أكبر لتوسيع نفوذها وتثبيت مكانتها كقوة عالمية.