تهميش المؤسسة العسكرية..

الجيش اللبناني في مأزق: هدنة مشروطة ودور محفوف بالمخاطر في الجنوب

تتزايد الضغوط على الجيش اللبناني في ظل جهود مكثفة للتوصل إلى هدنة في الجنوب، حيث يواجه تحديات غير مسبوقة لضمان تنفيذ الاتفاقات وسط نفوذ حزب الله وتعقيدات الساحة السياسية والأمنية.

الجيش اللبناني

بيروت

تُسلط الجهود المكثفة للتوصل إلى هدنة في لبنان الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه الجيش اللبناني، المكلف بضمان خلو جنوب البلاد من أسلحة حزب الله، وسط قدراته المحدودة واستعداده المتواضع لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران.  

وعلى الرغم من العمليات الإسرائيلية المستمرة منذ عام والتي أضعفت بعض قدرات حزب الله، لا يزال الحزب قوة عسكرية تتفوق على الجيش اللبناني الذي ظل بعيداً عن الصراع، حتى مع توغل القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان منذ الأول من أكتوبر.  

من المتوقع أن يُطلب من الجيش نشر آلاف الجنود في الجنوب بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. إلا أن هذه المهمة تحتاج إلى موافقة حزب الله لتجنب أي مواجهة داخلية، وفق ما أكده العميد المتقاعد حسن جوني، مشيراً إلى أن الجيش في "موقف حساس وصعب" بسبب وجود قوة عسكرية أخرى قوية داخل البلاد.  

وفقاً لمسؤول لبناني كبير، وافقت الحكومة وحزب الله مؤخراً على مسودة هدنة أميركية، رغم وجود "تعليقات" من الجانب اللبناني على بعض البنود. وأشار مسؤول آخر إلى أن تفاصيل نشر الجيش في الجنوب لا تزال قيد النقاش، في وقت تسعى فيه واشنطن لدفع الجيش إلى مواجهة أكبر مع حزب الله، وهو سيناريو قد يؤدي إلى صراع داخلي بالنظر إلى النفوذ السياسي والعسكري للحزب وتركيبته الطائفية.  

دبلوماسيون غربيون ومصادر مقربة من الجيش أكدوا أن أي محاولة للبحث عن أسلحة حزب الله أو اقتحام مناطقه قد تشعل حرباً أهلية. وبدلاً من ذلك، يُرجح أن يعمل الجيش بالتنسيق مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للقيام بدوريات جنوبية دون مواجهة مباشرة.  

خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، وصف مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، العلاقة بين الجيش والحزب بأنها "متينة"، محذراً من محاولات دفع الجيش إلى مواجهة مع الحزب.  

يتفق مسؤولون لبنانيون وإسرائيليون وأميركيون على أن حجر الأساس لأي هدنة دائمة هو تنفيذ أفضل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي يدعو إلى خلو جنوب لبنان من الأسلحة غير الحكومية ونشر الجيش اللبناني هناك. لكن تنفيذ القرار منذ 2006 ظل ناقصاً، ما سمح لحزب الله ببناء ترسانته العسكرية في الجنوب.  

وعلى سبيل المثال، أُهملت أبراج مراقبة تبرعت بها بريطانيا للجيش اللبناني، حيث تراكم عليها الغبار في مستودعات قرب بيروت بانتظار هدنة تتيح نصبها بطريقة لا تُثير غضب حزب الله أو إسرائيل.  

تزداد معاناة الجيش مع اعتماده المتزايد على الدعم الأجنبي، خاصة من الولايات المتحدة، التي ضخت مؤخراً مئات الملايين من الدولارات لدعم رواتب الجنود التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية. ويُعد الحفاظ على هذا الدعم أولوية لقائد الجيش جوزيف عون، الذي يوازن بين التحديات المالية والحفاظ على وحدة الجيش.