الشرق الأوسط بين التكتيك والاستراتيجية..
حزب الله والحوثيون في صدارة المشهد: تداعيات الهجمات الإسرائيلية على المنطقة
في ظل التصعيد المستمر في الشرق الأوسط، تبرز الإنجازات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة كعامل حاسم في محاولات كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، لا سيما في سوريا. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن هذه الإنجازات قد تفتح فرصًا جديدة لتغيير قواعد اللعبة في دمشق.
شهد الشرق الأوسط عامًا من الاضطرابات غير المسبوقة، حيث استمرت آثار هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 في تأجيج الصراعات في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، فضلاً عن تصاعد التوترات في مياه الخليج. وفي لبنان، أدت الهجمات الإسرائيلية المدمرة على مواقع حزب الله، بما في ذلك استخدام أجهزة النداء واللاسلكي، إلى إشعال موجة من التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، مما وضع المنطقة في حالة توتر غير مسبوقة.
وفي اليمن، برز الحوثيون كجهة إقليمية مؤثرة، متحدّين الهجمات العسكرية المتكررة من قبل القوات الأميركية وفرق العمل البحرية المتعددة، والتي فشلت في ردعهم. استهدف الحوثيون أكثر من 90 سفينة، بما فيها سفن حربية أميركية، ما أضاف بعدًا جديدًا للأزمة الإقليمية. في هذه الأثناء، تظل سوريا محورًا أساسيًا في أجندة إيران الإقليمية، على الرغم من محاولات بشار الأسد لإبقاء البلاد بعيدًا عن التصعيد، في خطوة وُصفت بأنها دفاع عن بقاء نظامه أكثر من كونها رغبة في الحياد.
وعلى الرغم من مركزيتها في محور المقاومة، إلا أن نظام الأسد أضعف من أي وقت مضى، وفقًا لتشارلز ليستر، الباحث في معهد الشرق الأوسط. فبعد أكثر من 13 عامًا من الحرب الأهلية، يواجه النظام اقتصادًا منهارًا، وبنية تحتية مدمرة، وانقسامات داخلية عميقة، وفسادًا أمنيًا يدار عبر شبكات الجريمة المنظمة.
وبينما تستمر إسرائيل في استهداف مواقع حماس وحزب الله، تصف وزارة الدفاع الأميركية هذه الضربات بأنها "وجودية" قد تضعف بشكل كبير القدرات العسكرية للمنظمتين. ومع ذلك، يرى خبراء أن أي تفاؤل بشأن تخلي الأسد عن دعمه لحزب الله، مقابل مكافآت أميركية، يعدّ مبالغة في التوقعات، لا سيما في ظل دعم دمشق الحملة الإيرانية المستمرة ضد القوات الأميركية في سوريا.
ومع تصاعد التوترات، تتعقد الأزمة الإنسانية في سوريا بشكل غير مسبوق، حيث يعاني السكان من احتياجات متزايدة في ظل تمويل محدود لجهود الإغاثة الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة، التي لم تتلقَّ سوى 27% من التمويل اللازم. من جهة أخرى، يغذي اقتصاد الحرب المتنامي في سوريا الجريمة المنظمة، خاصة من خلال تجارة المخدرات التي يديرها النظام على نطاق واسع.
ويشير الخبراء إلى أن النهج الأميركي والإسرائيلي في التعامل مع الصراعات الإقليمية يفتقر إلى التفكير الاستراتيجي طويل المدى. فبدون معالجة الأسباب الجذرية للصراعات في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، سيظل الشرق الأوسط مسرحًا لحملات استنزاف طويلة الأمد لصالح إيران ووكلائها، مما يعقد تحقيق السلام الدائم في المنطقة.