التأثيرات الإقليمية والدولية..

إرسال مقاتلين حوثيين إلى أوكرانيا: تطور جديد في التعاون العسكري بين روسيا وإيران

تسعى روسيا لتعويض نقص المقاتلين في جبهات القتال بسبب الخسائر الكبيرة في صفوف قواتها، بينما تستمر إيران في دعم حلفائها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيين في اليمن.

الحوثيون شمال اليمن

كييف

كشفت مصادر وتقارير إعلامية عن إرسال جماعة الحوثي مقاتلين للقتال إلى جانب القوات الروسية في الحرب المستمرة ضد أوكرانيا، في خطوة تكشف عن توسيع التعاون العسكري بين موسكو وطهران. ويأتي هذا التطور في وقت تعيش فيه الحرب الأوكرانية تطورات غير متوقعة، حيث تسعى روسيا لتعويض نقص المقاتلين في جبهات القتال من خلال استدعاء حلفائها، بما في ذلك الحوثيين في اليمن.

 

وحسب تقارير لمنظمات دولية مستقلة، من بينها منظمة إنباكت السويسرية غير الحكومية، فإن الحوثيين الذين يسيطرون على معظم المناطق في اليمن، يشاركون بشكل مباشر في القتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا. ويتم تنظيم هذه العمليات عبر شركة متورطة في تهريب الأسلحة، ويقال إن المفاوضات بين الحوثيين وروسيا تمر عبر قنوات خلفية وأفراد مقربين من النظام الإيراني.

وفيما يخص أعداد المقاتلين الحوثيين المشاركين في القتال، تشير التقارير إلى أن الروس استدعوا حلفاءهم للقتال بعد أن شهدت قواتهم خسائر كبيرة في الميدان. وأدى الطول غير المتوقع للحرب إلى حاجة ملحة لمقاتلين جدد، ما دفع موسكو إلى اللجوء إلى الحوثيين الذين يسعون بدورهم لتعزيز قوتهم العسكرية في المنطقة.

 

وأتاح الدعم العسكري الإيراني للحوثيين إرسال مقاتلين إلى أوكرانيا، حيث يندرج ذلك ضمن إطار السياسة الإقليمية الإيرانية التي تهدف إلى تقوية حلفائها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيين في اليمن. وتعد هذه الخطوة جزءاً من سياسة إيران التي تتبعها في تزويد الحوثيين بالأسلحة والعتاد العسكري المتطور، فضلاً عن التدريب العسكري والتكنولوجيا العسكرية التي قد تشمل صواريخ بعيدة المدى.

ومن المهم الإشارة إلى أن هذه العلاقات العسكرية بين روسيا والحوثيين، المدعومة من إيران، تثير مخاوف كبيرة لدى العديد من دول المنطقة، خاصة المملكة العربية السعودية، التي تعتبر من أبرز خصوم الحوثيين في الصراع اليمني.

 

ويزيد تورط الحوثيين في الحرب الأوكرانية من تعقيد الأوضاع في المنطقة، حيث يفتح الباب أمام تعزيز قدراتهم العسكرية بشكل غير مسبوق. وقد تمكن الحوثيون من الحصول على تقنيات عسكرية روسية متطورة، مثل الصواريخ المتقدمة، الأمر الذي قد يشكل تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي، خاصة في ظل العلاقة المعقدة بين روسيا ودول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات.

ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة كانت قد اتهمت روسيا في وقت سابق بمحاولة تزويد الحوثيين بالأسلحة، وذلك في سياق الحرب البحرية التي يشنها الحوثيون ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو ما يزيد من تعقيد العلاقات بين الأطراف المعنية في هذا الصراع.

 

وكان قد تم التأكيد على وجود تواصل مباشر بين موسكو والحوثيين، حيث زار وفد حوثي موسكو في يناير 2023 لبحث سبل تعزيز التعاون بين الطرفين، لا سيما في ما يتعلق بالضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف الحرب في غزة. وفي هذا السياق، ناقش الوفد مع المسؤولين الروس الأوضاع في قطاع غزة، وهي خطوة تشير إلى التورط السياسي والعسكري المتزايد للحوثيين في القضايا الإقليمية والدولية.

 

وتشير التحقيقات الأخيرة حول تورط الحوثيين في القتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا أثارت ردود فعل غاضبة على الصعيد الدولي، خاصة في الولايات المتحدة، التي ترى في هذا التعاون تهديداً للجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن والمنطقة بشكل عام. كما أن هذا التعاون العسكري يعقد المشهد السياسي في اليمن، حيث تزداد التوترات الإقليمية بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط.

ويعتبر العديد من المراقبين أن هذه الخطوة قد تكون بداية لتصعيد أكبر في المنطقة، خاصة إذا ما استمر الحوثيون في تعزيز قدراتهم العسكرية باستخدام الدعم الإيراني والروسي، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من التأثير على أمن المنطقة وسلامتها.

 

ويمثل إرسال الحوثيين مقاتلين إلى أوكرانيا خطوة كبيرة في سلسلة من التحولات في التوازنات العسكرية والسياسية في المنطقة. ويعكس ذلك بشكل واضح تعمق التعاون بين روسيا وإيران، فيما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في الحرب الأوكرانية، وفي نفس الوقت يعقد الملف اليمني الذي بات يشهد تدخلات خارجية متزايدة.