تصريحات تهدئة ومواقف متباينة..
رسائل سياسية ومواقف متناقضة: هل تنجح قطر وتركيا في احتواء التصعيد بسوريا؟
استغل مسؤول إيراني منصة إعلامية قطرية لتوجيه رسالة تعكس استعداد طهران لإرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك. يأتي هذا التصريح في سياق تصاعد التوترات الميدانية شمال سوريا، حيث تتشابك أدوار إقليمية ودولية وسط محاولات للتهدئة من قبل بعض الأطراف، بينما تلقي هذه التصريحات بظلال جديدة على المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.
أطلقت التصريحات التركية والقطرية الأخيرة إشارات تهدئة تعكس تغيّراً في مواقف البلدين تجاه التصعيد في حلب، مدفوعة بإدراك خطورة الموقف وتزايد ردود الفعل الغاضبة من أطراف إقليمية ودولية. ومع ذلك، بدا واضحاً أن إسرائيل لم ترحب بالعملية، التي كانت قطر تأمل أن تساعدها في استعادة ثقتها بها، وتخفيف غضبها الناجم عن دعم الدوحة لحركة حماس.
في المقابل، أثارت قطر جدلاً عندما سمحت إحدى منصاتها الإعلامية ببث تصريحات لمسؤول إيراني أعلن استعداد بلاده لإرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك. وبينما تحاول الدوحة إظهار دعمها للحل السياسي، فإن علاقاتها مع المجموعات المسلحة في شمال سوريا تجعلها في دائرة الاتهام.
اقتصرت التصريحات الرسمية القطرية على تقليل أهمية التطورات. وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، بأن الوضع "ليس بذاك القدر من الأهمية"، في محاولة لتجنب أي تصعيد قد يؤثر على زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بريطانيا.
وخلال اتصال هاتفي بين الشيخ تميم والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تجنبت القيادة القطرية التطرق للوضع السوري، وركّزت المحادثات على العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفق ما أوردته وكالة الأنباء القطرية.
في مؤتمر صحفي، أكد الأنصاري أن الحل العسكري لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج مستدامة، مشدداً على أهمية الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري. ورغم ذلك، رفض التعليق على الشائعات حول عقد محادثات على هامش منتدى الدوحة بين أطراف معنية بالنزاع السوري.
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن اجتماع بين ممثلين من روسيا وإيران وتركيا خلال المنتدى، بهدف إعادة تفعيل مسار أستانة. يرى مراقبون أن هذا الاجتماع يعزز اعتبار قطر شريكاً رئيسياً في الملف السوري إلى جانب تركيا وإيران وروسيا.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه إيران أن دور قطر في التصعيد أمر واقع، نقل موقع "العربي الجديد" عن عراقجي قوله إن طهران قد ترسل قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك. يُنظر إلى هذا التصريح كرسالة إلى داعمي المعارضة، وفي مقدمتهم الدوحة، مفادها أن طهران لن تتخلى عن نفوذها في سوريا.
أما تركيا، التي يُعتقد أنها أعطت الضوء الأخضر لهجوم المعارضة، فقد اتجهت إلى التهدئة بعد الموقف الروسي الحازم. خلال اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أكد بوتين ضرورة إنهاء ما وصفه بـ"العدوان الإرهابي" بسرعة، مشيراً إلى دعم روسيا للسلطات الشرعية السورية لاستعادة الاستقرار.
من جانبه، أكد أردوغان دعم وحدة الأراضي السورية، مشدداً على أهمية انخراط النظام السوري في عملية سياسية حقيقية. وفي اتصال آخر مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، جدد أردوغان التزام تركيا بحفظ السلام على حدودها، وأكد أهمية استقرار ووحدة سوريا.