بحث التوصل إلى اتفاق “واضح وشامل”..
الدوحة بين الضغوط الدولية ومساعي التهدئة: رئيس الوزراء القطري يبحث مستقبل غزة
تأتي هذه المحادثات بعد فترة من التراجع في دور الوساطة القطرية، وسط اتهامات متبادلة بين حماس وإسرائيل بعرقلة الجهود السابقة، ما يعكس تصميم الدوحة على استعادة دورها كوسيط إقليمي رئيسي في قضايا الشرق الأوسط، رغم التعقيدات السياسية والضغوط الدولية.
استقبل رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، يوم السبت في الدوحة، وفدًا من حركة حماس برئاسة خليل الحية لمناقشة سبل التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. الخطوة جاءت لتؤكد عودة الدوحة إلى دائرة التأثير الإقليمي، بعد فترة من التراجع في دورها في الوساطة بين حماس وإسرائيل.
في بيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية أشار إلى أن المحادثات تركزت على "آخر مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وسبل دفعها إلى الأمام بما يضمن الوصول إلى اتفاق شامل ينهي الحرب المستمرة". الحضور العلني لرئيس الوزراء القطري، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الخارجية، يعكس أهمية الجهود القطرية في الملف الغزي، ويبعث برسالة واضحة بأن الوساطة القطرية لم تنتهِ كما كان يروج سابقًا.
انسحاب قطر السابق من الوساطة جاء بعد تراجع الاهتمام بغزة لصالح الجبهة الجنوبية في لبنان، حيث تمكنت إسرائيل من تفكيك بنية حزب الله العسكرية. في هذا السياق، استغلت الدوحة نجاحاتها في الملف السوري، حيث لعبت دورًا بارزًا في دعم المعارضة السورية بالتنسيق مع تركيا، لإعادة تقديم نفسها كلاعب إقليمي قوي يملك مفاتيح التأثير في ملفات الشرق الأوسط.
هذا التغيير منع إسرائيل من الضغط على قطر بالطريقة ذاتها التي مارستها سابقًا، خصوصًا مع تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اتهموا الدوحة بدعم حماس وعدم الضغط عليها لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين.
وأعرب الشيخ محمد بن عبدالرحمن عن تفاؤله بعودة الزخم إلى المحادثات بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأشار خلال مؤتمر سياسي في الدوحة إلى "تشجيع الإدارة الأميركية المقبلة على التوصل إلى اتفاق"، مما يعكس نية قطر تقديم نفسها كشريك فعال للولايات المتحدة في حل النزاعات الإقليمية.
واتهمت الحكومة الإسرائيلية مرارًا الدوحة بلعب دور سلبي في الوساطة وشككت في نزاهتها. وردت الدوحة في نوفمبر الماضي بتعليق جهود الوساطة، مشيرة إلى "غياب الجدية اللازمة لإنهاء الحرب".
لكن المحادثات غير المباشرة التي استضافتها الدوحة هذا الشهر أعادت الأمل، حيث أعلنت حماس وإسرائيل عن تحقيق تقدم قبل أن تتبادلا الاتهامات مجددًا بوضع العراقيل أمام الوصول إلى اتفاق.
ومع استمرار تعقيد المشهد السياسي، تبدو قطر مصممة على لعب دور الوسيط، مستفيدة من علاقتها بحماس ورغبتها في تعزيز مكانتها الإقليمية. تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، التي تضمنت تهديدًا صريحًا لحماس بإطلاق سراح الرهائن قبل توليه منصبه في يناير 2025، تضيف عنصرًا جديدًا من الضغوط الدولية، وهو ما قد تستغله قطر لصالحها عبر تقديم نفسها كشريك رئيسي في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
تُظهر هذه التحركات أن قطر ما زالت تملك أوراقًا يمكن أن تؤثر بها على مسار الأحداث في غزة والمنطقة، رغم التحديات والاتهامات المتبادلة، مما يضمن استمرارها كفاعل إقليمي رئيسي في قضايا الشرق الأوسط.