دعم إنساني بشروط صارمة..

تخفيف العقوبات الإنسانية على سوريا.. خطوة حذرة من إدارة بايدن قبل انتهاء ولايتها

يظل تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية عائقًا أمام تدفق المساعدات، تؤكد واشنطن أن تقديم الدعم مرتبط بضمانات واضحة من القيادة السورية الجديدة بحماية حقوق الإنسان ومشاركة جميع المكونات في المرحلة الانتقالية.

الرئيس الأميركي جو بايدن

واشنطن

تستعد إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، للإعلان عن تخفيف القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية لسوريا، في خطوة تهدف إلى تسريع إيصال الإمدادات الأساسية دون رفع العقوبات الشاملة المفروضة على الحكومة الجديدة في دمشق. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن هذا القرار يعكس نهجًا حذرًا من البيت الأبيض في التعامل مع القيادة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، زعيم "هيئة تحرير الشام"، المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

وتسمح الخطوة الجديدة لوزارة الخزانة الأميركية بإصدار إعفاءات لمنظمات الإغاثة والشركات التي تقدم خدمات أساسية مثل المياه والكهرباء، دون الحاجة إلى الحصول على تصاريح منفردة لكل حالة. ومن المتوقع أن يستمر هذا الإعفاء لمدة 6 أشهر، مع ضمانات تمنع إساءة استخدام الإمدادات الإنسانية.

ورغم هذا التخفيف، لا تزال الولايات المتحدة مترددة بشأن رفع العقوبات الشاملة عن سوريا، مطالبةً بضمانات من الحكومة الجديدة بشأن حماية حقوق النساء والأقليات. ويأتي ذلك في سياق إعلان واشنطن إلغاء المكافأة المالية المرصودة سابقًا لاعتقال الشرع، المعروف بـ"أبو محمد الجولاني"، كإشارة لمحاولة إعادة ضبط العلاقات مع القيادة السورية.

وأشار بايدن إلى أن بعض الجماعات المتمردة التي أسقطت نظام الأسد لديها سجل مظلم من الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان. وأكد أن واشنطن ستقيم أفعال القيادة الجديدة، وليس كلماتها فقط، قبل اتخاذ قرارات جوهرية بشأن رفع العقوبات أو الاعتراف الكامل بالحكومة الجديدة.

ومع بقاء أسابيع قليلة على نهاية ولاية بايدن، من المتوقع أن تُترك قرارات كبرى، مثل رفع العقوبات والاعتراف بالحكومة السورية، لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

وشهدت الأيام الماضية زيارات دبلوماسية إلى دمشق، حيث التقى وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مع القيادة السورية الجديدة. شددت بيربوك على ضرورة إشراك النساء والأكراد في المرحلة الانتقالية، محذرةً من استخدام الأموال الأوروبية لتأسيس "هياكل إسلامية جديدة".

ورغم التأكيد على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية، تظل أوروبا متحفظة على رفع العقوبات عن سوريا، مشيرة إلى الحاجة إلى خطوات واضحة من القيادة الجديدة لضمان الاستقرار واحترام حقوق الإنسان.

ولا يزال تصنيف "هيئة تحرير الشام" كجماعة إرهابية عائقًا أمام تلقي سوريا أموال إعادة الإعمار، مما يحد من تدفق المساعدات ويضع قيودًا صارمة على طبيعة الدعم المسموح به. وأشار ديفيد أديسنيك، الخبير في الشأن السوري، إلى ضرورة إصلاح نظام المساعدات لضمان عدم تكرار استغلال الإمدادات كما كان الحال في عهد الأسد.

وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من مخاطر "استبدال دكتاتور بآخر"، مشيرًا إلى أن الوضع في سوريا ما زال خطيرًا للغاية. واعتبر أن سقوط نظام الأسد كان سريعًا بشكل غير متوقع، مؤكدًا أن الضغوط الأميركية على داعمي الأسد، مثل روسيا وإيران، كانت من بين الأسباب التي أسهمت في هذا السقوط.

وتواجه إدارة ترامب المقبلة تحديات كبيرة في التعامل مع ملفات الشرق الأوسط. مع استمرار تهديدات "داعش"، وتزايد هجمات الحوثيين على إسرائيل والملاحة الدولية، بالإضافة إلى التوترات مع إيران بشأن برنامجها النووي، يبدو أن الانسحاب الأميركي من المنطقة قد يكون أصعب مما هو متوقع.

وتتزايد الضغوط على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لتقديم الدعم الإنساني لسوريا دون تقويض العقوبات المفروضة على القيادة الجديدة، أو إعطاء انطباع بالاعتراف بها بشكل كامل.

ومع دراسة الاتحاد الأوروبي خطوات لتسهيل تدفق المساعدات إلى سوريا، يبقى السؤال حول كيفية تحقيق التوازن بين تقديم الدعم الإنساني وضمان عدم استغلال هذه المساعدات لتعزيز نفوذ القيادة الجديدة. تشير التقديرات إلى أن هذه المرحلة الانتقالية ستكون محورية في تحديد مستقبل سوريا والمنطقة بأكملها.