المحادثات الأميركية - الروسية..

نهاية الحرب في أوكرانيا: هل تتخلى روسيا عن إيران لصالح التقارب مع واشنطن؟

وجدت موسكو في طهران حليفًا استراتيجيًا وسط عزلتها الدولية. لكن مع بدء الحوار بين واشنطن وموسكو في فبراير 2025، تتصاعد المخاوف في طهران من أن يؤدي انتهاء الصراع إلى إعادة ترتيب الأولويات الروسية، قد يضع إيران على هامش السياسة الدولية.

حرب أوكرانيا عززت العلاقات الروسية - الإيرانية، لكن انتهاءها يفرض تحديات جديدة.

موسكو

تراقب إيران بقلق شديد تطورات المحادثات الأمريكية-الروسية حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، التي شهدت تعزيزًا ملحوظًا للعلاقات الروسية-الإيرانية خلال السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يثير احتمال انتهاء الصراع مخاوف طهران من أن تتخلى موسكو عن شراكتها مع إيران لصالح تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، مما قد يترك إيران في موقف ضعيف جيوسياسيًا.

في 18 فبراير 2025، التقى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنظيره الروسي سيرجي لافروف في الرياض، في أول محادثات مباشرة بين كبار المسؤولين من البلدين حول إنهاء الحرب في أوكرانيا. أثارت هذه الخطوة قلق إيران، التي تخشى أن تستغل روسيا هذه المفاوضات للتقارب مع واشنطن على حساب علاقاتها مع طهران.

وأكد كيث كيلوج، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاص إلى أوكرانيا وروسيا، في 15 فبراير، أهمية منع تكريس تحالفات روسيا مع إيران والصين وكوريا الشمالية، مما زاد من حدة المخاوف الإيرانية.

حذرت صحيفة "جمهوري إسلامي" المحافظة المعتدلة في 19 فبراير من أن أي اتفاق أمريكي-روسي سيؤثر سلبًا على إيران، مشيرة إلى سجل موسكو في التراجع عن وعودها للحلفاء. من جانبه، دعا المحلل السياسي محسن ميلاني، المقيم في الولايات المتحدة، طهران إلى إعادة تقييم موقفها والنظر في محادثات مباشرة مع واشنطن لتأمين مصالحها قبل أن تفقد نفوذها على روسيا.

شهدت العلاقات بين روسيا وإيران تطورًا كبيرًا منذ عام 2015 ففي سبتمبر من ذلك العام، أسست الدولتان مع سوريا والعراق شبكة استخباراتية مشتركة، تلاها إطلاق حملة عسكرية مشتركة في سوريا لدعم نظام بشار الأسد. نجحت هذه الحملة بفضل تنسيق غير تقليدي، حيث سيطرت القوات الجوية الروسية على الأجواء بينما تقدمت القوات الإيرانية على الأرض.

خارج ساحة المعركة، توسعت العلاقات الثنائية في مجالات متعددة في 2016، سلمت روسيا نظام الدفاع الصاروخي "إس-300" لإيران، ولعبت دور الوسيط بين طهران والرياض في مفاوضات أوبك، مما ساعد إيران على تجنب تخفيضات إنتاج النفط المرتبطة بالسعودية. ومع ذلك، ظهرت توترات حول تقاسم عقود إعادة إعمار سوريا، كما ترددت روسيا في بيع أسلحة متقدمة مثل مقاتلات "سو-35" لإيران.

غيرت الحرب في أوكرانيا، التي بدأت في 2022، بشكل جذري العلاقات بين البلدين ومع عزلة روسيا المتزايدة وعقوبات الغرب، لجأت موسكو إلى إيران للحصول على دعم عسكري، بما في ذلك الطائرات دون طيار. استغلت إيران هذه الفرصة لتعزيز نفوذها، بهدف إعادة توازن العلاقة غير المتكافئة تاريخيًا. وأثمر هذا التعاون عن إطلاق روسيا للقمر الصناعي العسكري الإيراني "خيام"، لكن روسيا استمرت في حجب الطائرات المتقدمة ولم تقدم دعمًا كبيرًا لإيران خلال مواجهاتها مع إسرائيل في 2024.

يرى المحللون أن انتهاء الحرب في أوكرانيا قد ينهي النفوذ الإيراني المؤقت على روسيا فبدون الحاجة للدعم العسكري الإيراني، ستنخفض أهمية طهران الاستراتيجية لموسكو. وقد تسعى روسيا لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وربما تتخلى عن إيران لتجنب التوترات مع واشنطن أو دول الخليج، خاصة مع إحياء إدارة ترامب لحملة "الضغط الأقصى" ضد طهران.

تواجه إيران تحديات كبيرة إذا ما تراجعت روسيا عن دعمها فمع تدمير معظم أنظمة "إس-300" الإيرانية في ضربات إسرائيلية، تحتاج طهران بشكل عاجل إلى دعم روسي لإعادة بناء دفاعاتها الجوية. كما ستعتمد على موسكو دبلوماسيًا في الأمم المتحدة لمواجهة العقوبات. ومع ذلك، يرى حميد رضا عزيزي، من المعهد الألماني للشؤون الدولية، أن روسيا قد تستخدم إيران كأداة لتأمين مصالحها ثم تتخلى عنها عندما لا تعود بحاجة إليها.

تجد إيران نفسها في موقف حرج مع اقتراب نهاية الحرب في أوكرانيا فبينما استفادت من تعزيز علاقاتها مع روسيا خلال الصراع، فإن انتهاء الحرب قد يعيد التوازن لصالح موسكو، تاركًا طهران تواجه عزلة متزايدة وضغوطًا دولية متصاعدة ويبقى السؤال: هل ستتمكن إيران من إعادة ضبط استراتيجيتها الدبلوماسية في الوقت المناسب لمواجهة هذه التحديات؟