إشارات إيجابية بعد سنوات من التوتر..
المملكة العربية السعودية ولبنان تتفقان على دراسة عوائق التصدير وإعادة فتح أبواب السفر
الرئيس اللبناني وولي العهد السعودي يتفقان على دراسة المعوقات التي تواجه استئناف التصدير من المملكة، والإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر لبنان.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
أعلنت المملكة العربية السعودية ولبنان يوم الثلاثاء، الموافق 4 مارس 2025، عن بدء دراسة "المعوقات" التي تعترض استئناف التصدير من لبنان إلى السعودية، بالإضافة إلى الإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر إلى لبنان. جاء ذلك في بيان مشترك أصدره البلدان، في خطوة تُعد مؤشراً إيجابياً لإعادة إحياء العلاقات الاقتصادية بينهما بعد سنوات من الفتور شبه التام، نجم عن توترات سياسية كان حزب الله أحد أبرز أسبابها.
وجاء هذا الإعلان بعد يوم من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض يوم الإثنين. وتُعد هذه الزيارة الأولى لعون خارج لبنان منذ انتخابه رئيساً قبل نحو شهرين، حيث رسم اللقاء آفاقاً لتجديد العلاقات بين البلدين على أسس تشمل دعم السعودية للإصلاحات الداخلية في لبنان، والتزام الأخير بتعهداته السيادية الواردة في خطاب القسم والبيان الوزاري.
وأشار البيان المشترك إلى أن الجانبين اتفقا على دراسة العوائق التي تواجه استئناف التصدير اللبناني إلى السعودية، والإجراءات المطلوبة لرفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) تأكيد الاتفاق على هذه الخطوة.
ورغم الآمال الكبيرة بين اللبنانيين لعودة العلاقات إلى سابق عهدها، يبدو أن القرارات التنفيذية، مثل رفع الحظر وفتح الأسواق السعودية للصادرات اللبنانية، ستُؤجل لمرحلة لاحقة، مع توقعات بزيارة موسعة لاحقاً.
وشهدت العلاقات السعودية-اللبنانية توتراً منذ عام 2017، بسبب نفوذ حزب الله المدعوم من إيران. وفي 2021، فرضت السعودية حظراً على استيراد الفواكه والخضروات اللبنانية بعد ضبط شحنات تحتوي على مخدرات، خاصة الكبتاغون، متهمة لبنان بعدم اتخاذ إجراءات كافية لمنع التهريب.
كما حظرت السعودية سفر مواطنيها إلى لبنان في مايو 2021، وهو قرار لا يزال سارياً حتى الآن. وفي 2016، أوقفت الرياض برنامج مساعدات عسكرية للبنان بقيمة 3 مليارات دولار احتجاجاً على هيمنة حزب الله.
وتُعد السوق السعودية وجهة حيوية للصادرات اللبنانية، خاصة في قطاع الزراعة. ففي 2019، شكلت الصادرات إلى السعودية 22.1% من إجمالي صادرات لبنان الزراعية، وفق تقرير حكومي لبناني. ومع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان، يمثل استئناف التصدير متنفساً مهماً للمزارعين.
وأكد البيان المشترك على أهمية بسط سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، مع دعم دوره الوطني. كما شدد الجانبان على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، في إشارة إلى التوترات الحدودية المستمرة.
وجاءت زيارة عون بعد انتخابه بدعم من دول مثل الولايات المتحدة والسعودية، في ظل ضعف حزب الله داخلياً عقب ضربات عسكرية إسرائيلية استمرت عاماً. وكانت السعودية، التي لطالما كانت لاعباً رئيسياً في لبنان، قد قلصت تدخلها في السنوات الأخيرة بسبب هيمنة حزب الله وارتباطه بإيران.
رغم الخطوات الإيجابية، تبقى التوترات الإقليمية، خاصة مع إسرائيل التي أعلنت عزمها البقاء في المنطقة العازلة جنوب لبنان "إلى أجل غير مسمى"، عقبة أمام استقرار الوضع. ومع ذلك، تُظهر الزيارة والبيان المشترك إرادة مشتركة لتجاوز سنوات الجمود واستعادة التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين.