تفاصيل العملية العسكرية..
من التصنيف الإرهابي إلى الضربات الجوية: استراتيجية مواجهة الحوثيين في اليمن
وسط تصاعد التوترات في اليمن، يبرز تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة كخطوة استراتيجية تهدف إلى كبح نفوذ الجماعة، تزامنًا مع ضربات عسكرية عنيفة استهدفت مواقعهم في صنعاء لردع تهديداتهم ضد الملاحة في البحر الأحمر.

غارات تستهدف مواقع الحوثيين في صنعاء
وسط تعقيدات المشهد اليمني، جاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ليكشف عن تحول استراتيجي في التعامل مع الجماعة التي لطالما استخدمت السلام كغطاء لتعزيز نفوذها. يتزامن هذا القرار مع ضربات عسكرية أمريكية عنيفة هزت العاصمة اليمنية صنعاء، في خطوة تهدف إلى ردع تهديدات الحوثيين ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
يُنظر إلى التصنيف باعتباره خطوة ضرورية لقطع شريان تمويل المليشيات والحد من قدرتها على المناورة، لكن نجاحه يظل مرهونًا بمدى تكامله مع ضغوط ميدانية وسياسية واقتصادية تجبر الحوثيين على تقديم تنازلات حقيقية بدلاً من توظيف العقوبات لصالح دعاية المظلومية.
ويقول محللون إن تصنيف الحوثيين يُعد تحولًا استراتيجيًا إذا ما قورن بضغوط ميدانية وسياسية واقتصادية لخدمة المسار السلمي في اليمن، كون ذلك يغلق أبواب التلاعب بالسلام ويدفع المليشيات لتقديم تنازلات حقيقية. فيما شددت الأمم المتحدة عقب سريان التصنيف مؤخرًا على ضرورة اقترانه بضمانات ملائمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية بشكل فعال، مثيرة مخاوف من تأثر السلام.
وبحسب المحلل السياسي اليمني رماح الجبري، فإن معاقبة قيادات الحوثي السياسية تشكل ضربة موجعة لهذه الشخصيات التي ظلت تقدم نفسها كجناح سياسي وتمسك بملف التفاوض وتتلاعب بالسلام، في وقت تدير شبكة أموال وتفاوض على توريد صفقات أسلحة.
ويوضح الجبري أن التصنيف والعقوبات تجاه الحوثيين وقياداتهم يضع الحكومة اليمنية الشرعية أمام مسؤولية أكبر للاستفادة من هذا التصنيف لتحقيق السلام بالضغط الميداني والسياسي والاقتصادي. ويمكن النظر للقرار الأمريكي باعتباره جزءًا من استراتيجية أشمل تستهدف الحد من نفوذ الحوثيين سياسيًا عبر تجريدهم من أي اعتراف دبلوماسي، واقتصاديًا عبر تضييق الخناق على مصادر تمويلهم، لكن نجاح هذه الاستراتيجية متوقف على مدى تكاملها مع إجراءات إقليمية ودولية أكثر صرامة.
وفي هذا السياق، هزت انفجارات عنيفة يوم السبت، 15 مارس 2025، عددًا من المواقع العسكرية للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك إثر قصف جوي نفذته مقاتلات حربية. قال سكان في صنعاء إن 4 انفجارات على الأقل سمعت بشكل مدو مصدرها مواقع ومعسكرات للحوثيين باتجاه مطار صنعاء وحي الجراف الواقع شمالي العاصمة اليمنية. ووفقًا لمصادر، فإن 4 غارات على الأقل نفذتها مقاتلات حربية واستهدفت المواقع العسكرية للحوثيين، منها استهداف موقع بثلاثة صواريخ في حي الجراف بجوار محطة التلفزيون بصنعاء.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الولايات المتحدة شنت هجومًا واسع النطاق على مواقع الحوثيين في اليمن، موضحة أن الضربات الجوية والبحرية هدفها فتح ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر. من جهتها، أعلنت مليشيات الحوثي تعرض العاصمة "لعدوان" دون أي تفاصيل. وقال متحدث باسم وزارة الصحة التي يديرها الحوثيون في اليمن إن تسعة مدنيين على الأقل قتلوا وأصيب تسعة آخرون في ضربات أمريكية على مدينة صنعاء.
وتأتي الغارات في صنعاء بعد ثلاثة أيام من إعلان مليشيات الحوثي استئناف الهجمات على سفن الشحن ذات الصلة بإسرائيل، وذلك بعد انتهاء مهلة كانت الجماعة حددتها لفتح المعابر إلى قطاع غزة. كان الحوثيون شاركوا في سلسلة هجمات نحو إسرائيل بالإضافة لمهاجمة أكثر من 100 سفينة في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن وباب المندب خلال الحرب في غزة. يُمثل هذا التصنيف مقرونًا بالضربات العسكرية نقطة تحول في التعامل مع الحوثيين الذين باتوا يهددون الأمن الإقليمي والدولي.
ورغم أن هذه الخطوات قد تحد من نفوذ الحوثيين وتعيد فرض النظام في البحر الأحمر، فإن نجاحها يظل مرهونًا بتكامل الجهود السياسية والعسكرية والإنسانية. يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الضغوط ستدفع الحوثيين للتنازل أم ستفاقم الأزمة وتعزز خطابهم الدعائي، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.