صلت المجاعة إلى أغلب الأُسر اليمنية

اليمن: شرعية عاجزة وإنقلاب دموي فاشل

وصل الفقر في اليمن إلى الحد الذي ما بعده تحمل أو قبول

عادل دشيله (صنعاء)

أكثر من ستة عقود والشعب اليمني يئن ويصرخ ويحاول بناء دولة النظام والقانون، لكن، للأسف كل محاولاته بآت بالفشل بسبب تسلط الطبقة التقليدية (الهاشميون، القبائل، العسكر) على مقاليد الحكم في هذا البلد الطيب بقوة الحديد والنار . نعترف بأن الشعب اليمني شعب عاطفي وبالتالي يصدق كل من هبْ ودب. أشتدت معاناة الشعب اليمني المغلوب على أمره خصوصا بعد الإنقلاب المشؤوم الذي قاده الرئيس اليمني السابق وجماعة الحوثي عام 2014. لا يستحق الشعب اليمني كل هذا الدمار والخراب والمجاعة والفقر والمرض. هذا الشعب له حق العيش مثل باقي شعوب الأرض. قلوبنا مملؤة بالغبن والقهر على بلدنا المنكوب الذي أصبح لقمة سائغة لتجار الحروب ومصاصي الدماء.

وصلت المجاعة إلى أغلب الأُسر اليمنية. تفتك الأمراض الخبيثة والمستعصية بالمساكين. كما أن المجاعة تفتك بالأبرياء والأطفال، وتجار الحرب وزعماء العصابات الإجرامية لا زالوا في غيّهم. لا نعرف هل ماتت ضمائرهم! أم أخذ الله عقولهم، أم أنّهم يعيشون في كوكب آخر. يعيش أبناء تجار الحروب في فنادق سبعة نجوم في مسقط وعمان والقاهرة ولندن وأبوظبي والدوحة واسطنبول والرياض وطهران وبيروت، وفقراء اليمن يعيشون في مخيمات النزوح، وتحت الأشجار وأرصفة الشوارع.

أكثر من ستة أشهر وموظفو الدولة اليمنية بغير رواتب. هناك أسر تعتمد على الراتب الذي يُعتبر مصدر دخلها الوحيد والآن إنقطع الراتب. أصبحت هذه الأسر فقيرة ومُعدمة. نتألم من تلك المشاهد المؤثرة والمٌحزنة خصوصا في عواصم المحافظات، فعندما ترى طفلة أو طفل يرسله والده كي يبيع جزءا من اثاث منزلهم، كي يتمكنوا من الحصول على لقمة العيش. هذه الصور والمشاهد المأساوية للأسف لم تحرك قلوب وضمائر زعماء الحرب. يكثر المتسولون في الشوارع هذه الأيام، على سبيل المثال، عندما تريد أن تشتري حاجة من بقالة أو صيدلية، واذا بك فجأة تلقى أكثر من متسول يطلب العون منك، فتصاب بغبن وقهر على أولئك الضعفاء. يتسول هؤلاء الفقراء ويطلبون العون من إخوانهم اليمنيين الذين يعتبرونهم أغنياء. لم يكن أولئك الفقراء يعرفوا بِأن الشعب اليمني أصبح شعبا فقيرا مٌعدما . أصبح الفقراء والميسورين والأغنياء سواءً، فالكل يعاني من الفقر.

لم نكن نتوقع أن تصل المجاعة إلى هذا الحد. منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يقول، في بيان له إن "الأوضاع كارثية في اليمن، وماضية في التدهور". مضيفا أن نحو ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف شخص، بينهم ما يزيد عن مليوني طفل، يعانون من سوء التغذية الحاد." الأمم المتحدة تؤكد بأنَ أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وهناك إحصائيات للأمم المتحدة للطفولة تقول بأنّ أكثر من 63 الف يمني ماتوا خلال العام الماضي بسبب سوء التغذية والمجاعة. مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين أكد أن "اليمن يواجه أكبر مأساة إنسانية في العالم". هناك تقارير أخرى مُخيفة ومُفجعة عن الحالة المأساوية في هذا البلد العربي الفقير، لا مجال لذكرها الآن.

لن يرى الشعب اليمني النور ما دام والطبقة التقليدية لا زالت تمسك بِزمام الأمور، وستستمر الكوارث في هذا البلد الحزين. لكن، على تجار الحروب أن يفهموا أنّ للصبر حدودا، ستخرج ثورة الغلابة قريبا ضد الحكومة الشرعية وضد حكومة الإنقلاب غير المعترف بها حتى من الإنقلابيين أنفسهم، إذا لم تحل مشكلة الرواتب، وتصل المساعدات الإنسانية من أدوية وغذاء إلى مستحقيها. نأمل أن تنفرج الأزمة وأن يخرج اليمن من هذا الكابوس المظٌلم اليوم قبل الغد.

كاتب وباحث يمني