الأدب الكويتي

التحرر والتقاليد في "دار خولة": رواية بثينة العيسى وتأملات في الصراع الداخلي

صدر عن دار الرافدين (بيروت/بغداد) الطبعة الخاصة بلبنان والعراق من رواية "دار خولة" للروائية بثينة العيسى. تركز الرواية على صراع الأمومة والأنوثة، حيث تقدم العيسى شخصيات معقدة تعاني من صراعات داخلية مؤلمة

الكاتبة والروائية الكويتية بثينة العيسى

الكويت

أعلنت الكاتبة والروائية الكويتية بثينة العيسى، ، عن اخر أعمالها الأدبية “دار خولة”، بتسليط الضوء على قضايا اجتماعية وشخصية معقدة، وتعبر من خلال  عن صراعات متعددة الطبقات.
وكشفت في تصريحات صحفية -حصلت “اليوم الثامن” على نسخة منها - عن إحدى شخصياتها، "خولة"، تقدم بثينة رؤية حول الصراع الداخلي الذي تواجهه، حيث تعتبر "خولة" تمثيلاً لصوت العقل التقليدي الذي يتداخل مع عملية الإبداع.

وصدر عن دار الرافدين (بيروت/بغداد) الطبعة الخاصة بلبنان والعراق من رواية "دار خولة" للروائية بثينة العيسى. تركز الرواية على صراع الأمومة والأنوثة، حيث تقدم العيسى شخصيات معقدة تعاني من صراعات داخلية مؤلمة.

في أحد المقاطع، يظهر الابن الأكبر في لحظة ضعف، موشكًا على البكاء، عندما تعترف والدته بأنها لم تستطع أن تحبه كما يحتاج، بل "على طريقتها الجاسوسية الشاذة". يتمحور السرد حول صراع المرأة مع أمومتها، واعترافها بأنها استخدمت ابنها كـ"فأر تجارب" في تجربتها الأولى للأمومة، ومع ذلك لا يمكنها التخلص من تلك العلاقات المعقدة التي بنتها على مر السنوات.

الرواية تطرح أسئلة مؤلمة حول الحب المشروط، وتسلط الضوء على الصراع بين الأدوار التقليدية للمرأة كأم واحتياجاتها كامرأة فردية. تجسد الأمومة في الرواية تحديًا قاسيًا لا يمكن تجاوزه بسهولة، حيث تندمج التوقعات الاجتماعية مع الحياة الشخصية، مما يجعل الأم تعيش في حالة من التضارب بين الحفاظ على أمومتها والاعتراف بشروطها الشخصية كإنسانة.

تطرح "دار خولة" أيضًا فكرة أن الحب، رغم كل التوقعات المثالية، هو في الحقيقة مشروط، وأن العالم مليء بالخداع والظلم. من خلال الصراع بين الشخصيات، تتناول العيسى سوء الفهم الذي يبدو أنه أبدي وغير قابل للحل. هذا الصراع ينعكس في العلاقة بين الأم وابنها، حيث تتساءل الأم عن دورها كأم وامرأة، وعن كيفية التعامل مع التضارب العاطفي الذي تشعر به.

الرواية لا تعبر فقط عن العلاقة بين الشخصيات، بل تقدم أيضًا نقدًا اجتماعيًا حول المفاهيم المتجذرة التي تُفرض على النساء، وكيف يمكن لهذه المفاهيم أن تعيقهن عن تحقيق ذاتهن.

من خلال "خولة" و"دار خولة"، تعبر بثينة العيسى عن صراع دائم بين التقاليد والابتكار، بين الأمومة والأنوثة، وبين الحب والحرية. تأخذ القيم التقليدية مكانًا رئيسيًا في أعمالها، لكن دائمًا ما تكون هذه القيم موضع تساؤل وتحدٍ. تضفي هذه التناقضات عمقًا فريدًا على كتاباتها، وتجعلها تعكس الصراعات الإنسانية التي تواجه النساء في المجتمعات المعاصرة، حيث تتداخل الأدوار الاجتماعية مع الاحتياجات الشخصية في نسيج معقد ومتشابك.

وتصف بثينة "خولة" بأنها صوت داخلي يذكرها بمفاهيم تقليدية مثل العيب، الصواب، والخطأ. هذا الصوت، كما تشير، مرتبط بالمعايير الاجتماعية الصارمة التي تربط الإنسان بالقواعد الثابتة، وهو ما يعكس صراعًا دائمًا بين القيم التقليدية والرغبة في التحرر والتجديد. "خولة" تعكس "المنطق الثنائي"، الذي يُظهر الأشياء بالأبيض والأسود دون مساحة للرمادية أو التعددية في الأفكار.

وأوضحت الكاتبة الروائية الكويتية أنها تجد في "خولة" الصوت الذي ترغب في تجاوزه وتحديه، وفي الوقت نفسه، هو الصوت الذي يفرض نفسه بقوة عليها في الكثير من الأحيان، ما يخلق ديناميكية داخلية بين الخضوع والتحدي. هذا التناقض يظهر الصراع الإبداعي الذي تواجهه الكاتبة؛ بين رغبتها في الابتكار وبين القيم التي نشأت عليها.

ورغم الاختلافات الكثيرة بينها وبين "خولة"، إلا أن هناك اتفاقًا على مفهوم واحد: "أسوأ ما يمكن أن يحدث للأطلال، ألا يبكي عليها أحد. هذه العبارة تعبر عن شعور مشترك بالأهمية العاطفية للأشياء القديمة والقيم الثابتة، حتى لو كانت معرضة للتحدي أو التجاوز.

تختتم بثينة العيسى حديثها بالتعبير عن أن هذه الرواية صغيرة بحجم "سمكة"، في إشارة ربما إلى حجمها الأدبي أو إلى فكرة أن الرواية تحمل في طياتها معنى عميق رغم صغر حجمها، وتمنى أن تليق بقارئها، مما يوضح تقديرها للقارئ ودوره في تفسير وفهم العمل الأدبي.

وتظهر  بثينة العيسى من خلال الرواية علاقة معقدة بين الكاتب وصوته الداخلي، وكيف يمكن لهذه العلاقة أن تؤثر على الإنتاج الأدبي. "خولة" تمثل الصراع بين التقاليد والابتكار، وهو صراع يمتد في حياة الإنسان اليومية، حيث تتداخل القيم القديمة مع الرغبة في التغيير.

بثينة وائل العيسى، كاتبة كويتية من مواليد 3 سبتمبر 1982 بالكويت حصلت  على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال تخصص تمويل من كلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت عام 2011.

وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية عن روايتها "سعار" التي صدرت عام 2005، كما نالت المركز الأول في مسابقة هيئة الشباب والرياضة عام 2003 - فرع القصة القصيرة.

أحرزت بثينة العيسى المركز الثالث في مسابقة الشيخة باسمة الصباح - فرع القصة القصيرة، كما حلت في ذات المركز في مسابقة مجلة الصدى للمبدعين عام 2006.