لحل الأزمة اليمنية

دعوة روسيا للتقريب بين الأطراف الجنوبية

روسيا بوتين مستمرة في سعيها لاستعادة النفوذ السوفيتي السابق بانتهاج سياسة خارجية نشطة والعمل علي إيحاد توازن في العلاقات الدولية التي سيطرت أحاديا عليها الولايات المتحدة الأمريكية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في نهاية ديسمبر ١٩٩١

وفي هذا الآطار عادت السياسة الروسية تدريجياً الي الشرق الأوسط لتلعب دورا ً مؤثراً ليس علي مستوي العالم العربي مع حلفائها التقليدين سابقاً مصر وسوريا بل انفتحت وتطورت علاقاتها بشكل ملفت للنظر مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلي رأسهم المملكة العربية السعودية التي كانت من اوائل الدول التي حصل تبادل دبلوماسي بينهما في عهد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود وتطور العلاقات مؤخراً مع دولة الإمارات العربية المتحدة

والملفت للنظر ايضا ان العلاقات الروسية التركية اصبحت الآن اكثر حميمية من علاقتها التاريخية مع الولايات المتحدة والدول الغربية بينما سبب عضوية تركيا سابقاً في الحلف الأطلسي ( الناتو ) كان تبريره لقرب تركيا من الاتحاد السوفيتي لمحاصرته في فترات الحرب الباردة والصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي

وقد أعطت الازمة السورية وتدخل الروس في سوريا لمساندة نظام الرئيس الاسد فرصة للعودة الي العالم العربي عبر بوابة سوريا كما مثلت أزمة حرب السويس في عام ١٩٥٦ وتمويل السد العالي ان يدخل الاتحاد السوفيتي عبر مصر الي العالم

العربي

واليوم الاحد ١٥ يناير ٢٠١٧ انعقد لقائين دوليين في باريس واخر في موسكو مؤتمر باريس الذي حشدت له فرنسا نحو٧٠ دولة تأييدا لحل الدولتين للأزمة الفلسطينية الإسرائيلية الذي ينعقد بعد النجاح الكبير الذي تحقق للفلسطينيين في مجلس الآمن الدولي بأدانة سياسة الاستيطان الأسرائيلي وانعقاده اليوم قبل أيام قليلة من تربع الرئيس ترامب السلطة في الولايات المتحدة ومخاوف العالم من ان يوفي الرئيس المنتخب بنقل سفارة الولايات المتحدة الي مدينة القدس

عقد أيضا في هذا اليوم في موسكو في مبادرة روسية لقاءاً لمصالحة فلسطينية - فلسطينية دعيت اليها الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس الإسلامية والسلطة الفلسطينية

والسؤال الذي أطرحه هنا هل بالإمكان ان تقوم روسيا الآتحادية بدعوة مختلف المكونات السياسية في الجنوب وجنوبي الشرعية للعمل علي تقريب المواقف ثم السعي بعد ذلك الي توحيد المكونات الجنوبية في حامل سياسي موحد لتمثيل الجنوب اقليميا ودوليا في كيفية حل القضية الجنوبية كمرحلة أولي تليها في مرحلة تالية في كيفية حل الازمة اليمنية في إطار تفاهمات مع ممثلي الجنوب في الشرعية للحصول علي دعمهم في سبل الحل علي المدي القصير في مواجهة الأنقلابيين ثم في المستقبل في البحث عن الحل الامثل للتعايش بين شعبي الجنوب والشمال

لماذا روسيا وادخالها في الوساطة من أجل التقريب بين الجنوبيين ؟؟

بحكم العلاقات التاريخية بين الاتحاد السوفيتي وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية التي كانت تحتسب ضمن المعسكر الاشتراكي للدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي وإن لم تكن عضواً في حلف وارسو او الكوميكون

وبفضل التسهيلات البحرية  التي حصلت عليها من النظام السابق في الجنوب كان للاتحاد السوفيتي موقع قدم باالقرب

من باب المندب لمراقبة الملاحة الدولية عبر هذا الممر الدولي الهام

ومن جهة أخري عدد من القيادات والنشطاء والعسكريين الجنوبيين تخرجوا من الاتحاد السوفيتي سابقاً ولدي السوفيت معلومات كافية عنهم ( وليس عن ترامب فقط )  !! قد يساهم ذلك في تليين مواقفهم والقبول بالتوافق مع افراد المقاومة الجنوبية والشخصيات المستقلة التي لم تكن في دائرة الحكم في عهد النظام الاشتراكي

ولا شك ان روسيا بوتين بعكس الولايات المتحدة ودول أقليمية اخري التي لديها قواعد وتواجد باشكال مختلفة في جيبوتي يهمها جداً وهي تسعي الي لعب دوراً دوليا هاما ان تحقق نجاحاً سياسياً واختراق دبلوماسي من منظور إستراتيجي انها استطاعت التقريب ثم توحيد المكونات الجنوبية في بوتقة واحدة

 

وهل دعوة روسيا يتناقض مع دور المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي ؟؟

المعروف في الوقت الحاضر ان المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة اي إنفتاح منهما نحو قضية الجنوب وتفهم تطلعات شعبه سيكون له تداعيات كبيرة في حربها ضد الانقلابيين وفي علاقتها مع يمني الشرعية  ولذلك ربما بدخول الروس علي الخط قد يمتعض لهما مجلس التعاون الخليجي ولكنها ستخدمهم في النهاية بالخروج من ورطة الحرب المدمرة

وسيؤدي حتما بشكل غير متوقع كما أري ان يبدي الانقلابيون  مرونة اكبر لحل الازمة اليمنية وفق قرارات مجلس الأمن الدولي والذي  تمتلك روسيا فيه حق النقض

قد يساهم موقف الروس وفق دعوتنا الي تشجيع مجلس التعاون الخليجي الي بلورة مبادرة جديدة للمجلس وقد تتم المبادرة بالتعاون مع روسيا لحل الازمة الجنوبية

 

في الخلاصة

روسيا بعلاقاتها التاريخية مع الاطراف الجنوبية القديمة وما ستخلقه من علاقات مع اللاعبين الجنوبيين الجدد وبحكم علاقتها ايضاً الوطيدة مع اليمن الشمالي من جهة وعلاقاتها المتطورة مع السعودية والامارات وبقية دول  مجلس التعاون الخليجي ليس فقط عبر الملف النفطي بل ايضا في مجال محاربة الارهاب

وبفضل علاقة روسيا الجيدة مع الاتراك المتبنيين للاخوان المسلمين وعلاقتها بايران المرتبطة بهما الحوثيون ناهيك عن العلاقات بين الرئيس المنتخب ترامب وبوتين هذه العناصر المجتمعة تدعوا الي ضرورة قيام روسيا بلعب دوراً اكبر لحل القضية الجنوبية والازمة اليمنية

وكما وافقت الفصائل الفلسطينية للدعوة الروسية في المصالحة بينهم برغم وجود محاولات عربية سابقة لم تثمر بعد

لماذا نحن بدورنا لا نسعي الي التحرك الي الامام لصالح الجنوب ولصالح حل الازمة اليمنية من آجل الامن القومي العربي والسلم والاستقرار للعالم

بريطانيا ١٥ يناير ١٠١٧