ناصر التميمي يكتب لـ(اليوم الثامن)

أربع وأربع.. (حكاية خريج جامعي)

كعادتي عندما اذهب الى مدينة المكلا اكون متواجدا في مقهى العم خميس لما لها من اهمية في قلبي وخصوصية منذ ان كنت طالبا في الجامعة فأني لا أكاد أبارح المكان أبدا وفي اخر زيارة لي للمدينة وبينما كنت جالسا في المقهى اذا بشخص يرد السلام علينا وبعدها جلس بجوارنا موجها سؤلا لي قائلا كيفك ياأستاذ/ فأجبته الحمدد لله بخير ثم باشرني بالسؤال الثاني هل عرفتني؟ فأجبته بلا !! تقهقه وأخذ ينظر الي بحدة قائلا : أنا طارق من تلاميذك في المدرسة عادت بي الذاكرة الى الوراء فتذكرت ذلك الطالب الذي كان ذكيا بمعنى الكلمة فسألته هل أكملت الدراسة فأجاب نعم وقد تخرجت من الجامعة قبل ثمان سنوات ومازلت بدون وظيفة وبعد أن تخرجت من الجامعة قبل أربع سنوات حاولت السفر خارج البلاد لعلي أجد عمل من خلاله أعيل أسرتي لكن دون جدوى وعدت قبل عام من الغربة بعد ان عانينا وقاسينا العذاب في بلاد المهجر.

وطارق ليس الوحيد مما يعانون من شبح البطالة المخيف الذي بات يهدد مستقبل مئات الآلاف من شبابنا وبعد أن قضى طارق أربع سنوات من عمره في دراسته الجامعية كان لديه توجس بأنه عقب تخرجه سيحصل على وظيفة محترمة ومثله الكثير ممن كانوا يحلمون بمستقبل أفضل من شبابنا الذين يحملون المؤهلات الجامعية بدون وظائف يتسكعون في الشوارع نتيجة لسياسة الحكومة التي يعصف بها الفساد الناتج عن المحسوبية المقيتة التي تفشت في مجتمعنا كالنار في الهشيم في ظل عياب المساءلة القانونية وهو ماجعل مؤسسات الدولة تتحول إلى إمبراطوريات عائلية تتقاسمها
مجموعة من الفاسدين واللصوص الذين أصبحوا يملكون المليارات والبنايات الفاخرة حتى الوظائف أصبحت توزع حسب القبيلة والمنطقة على حساب السواد الأعظم من الشباب الخريجين الذين لاحول لهم ولا قوة في ظل انشغال حكومة الفنادق بتقاسم المناصب ونهب المال العام دون أن تكلف نفسها الالتفات ولو بطرف العين الى معاناة أبناءنا الخريجين أو هموم المواطن البسيط الذي أصبح مثقل بغلاء الاسعار وقلة الخدمات.

منذ حوالي أربع سنوات تم توقيف التوظيف من الحكومة ربما يكون ذلك بسبب الازمة الحاصلة في البلد وهو ماضاعف من معاناة الخريجين الذين باتوا يعانون الأمرين جراء عدم حصولهم على وظائف ليعيلوا أسرهم التي تعاني من الفقر المدقع نتيجة لسياسة الحكومة التي تتلاعب بقوت المواطن غير آبهة بما يتعرض له.
نسمع اليوم عن التعاقد في المؤسسات والدوائر الحكومية وحتى هذه التعاقدات أصبحت توزع وفقا للمحسوبية والقبيلة في أغلب الأحيان بينما يترك أمثال طارق وغيره من البسطاء في خبر كان ولأحد ينظر إليهم ولايشفق لهم رغم أن البعض قد مر على تخرجه من الجامعة حوالي خمسة عشر عاما ولم يحصل على حقه في التوظيف مع تنامي الفساد المالي والاداري في البلد بشكل لم يسبق له مثيل من قبل فقد أصبت الوظيفة العامة سوقا للمساومة والرشوة في بلد بات الفساد واقعا معاشا ويمارس علنية وواضح امام الجميع فهل تعي حكومة الفنادق والرقص في الملاهي الليلية هذه الشريحة من الخريجين وتبحث لهم عن حلول جذرية لاخراجهم من الواقع الذي هم فيه أم أن الحكومة مازالت منشغلة في توزيع المناصب على ذويهم وأبنائهم فطارق الذي قضى اربع سنوات من عمره في الجامعة هو الان مرت عليه أربع سنوات في إنتظار الوظيفة ولايدري إلى متى سيستمر به الحال في بلد بات غارق بالفساد حتى أذنية.