د . علي الخلاقي يكتب :

ماذا بعد حادث التفجير الإرهابي في عدن!!

الحادث الإرهابي الذي استهدف اليوم مقر مكافحة الإرهاب في العاصمة عدن لا شك أنه جاء كرد فعل لما لحق به هذه الجماعات الإرهابية في وادي المسيني بحضرموت، الذي كانت تحتمي به كملاذ آمن بين الكهوف والشعاب الجبلية هناك، ولأن عملية "الفيصل" التي قامت بها قوات النخبة الحضرمية وبدعم وإسناد من قوات التحالف العربي قد وجهت ضربة قاصمة وموجعة لأهم أوكار هذه الجماعات الإرهابية وأفقدتها القدرة على الحركة والمواجهة هناك فقد حرّكت خلاياها النائمة وجاء الانتقام في عدن وبالذات في مقر مكافحة الإرهاب وبجانب مقر المجلس الانتقالي لرمزية هذين المكانين بالنسبة لعدن الذي يعد استهدافها استهدافاً للجنوب بكامله من قبل هذه الجماعات وممن يقف ورائه..مثلما يواجهها الجنوب بكل قواه سواء في عدن أو في حضرموت أو في شبوة أو في أبين أو في لحج..الخ.

قد يقول قائل ومن هم الذين يقفون وراء هذه الأعمال الإرهابية.. والجواب يعرفه القاصي والداني، ولمن لا يعرفهم ستدله عليهم فرحتهم الغامرة وسرورهم البالغ بحدوث هذه الانفجارات وبما حصدته من شهداء ومن الضحايا من الأبرياء ممن كانوا يستمتعون بنسيم البحر القريب من مكان الحادث في الشاطئ الذهبي (جولد مور)..

ثم أن في هذا العمل الإرهابي رسالة من تلك القوى التي لا تريد لعدن استقراراً وأمناً ، خاصة بعد أن أُعلن مؤخرا عن إعادة فتح مكتب للأمم المتحدة وكذا الزيارة الناجحة لممثل المبعوث الأممي لعدن ولقاءه مع مدير أمن قبل بضع ساعات من الحادث، كل ذلك يأتي لإعادة خلط الأوراق وعرقلة استقرار عدن وإعادة تطبيع الحياة فيها وتصويرها وكأنها غير آمنة..

بالمقابل فأن هذا العمل يضع أمام قوات التحالف العربي والأجهرة الأمنية مسؤلية كبيرة لتعزيز اليقظة الأمنية واستكمال تجفيف منابع الإرهاب وملاحقة العناصر المشبوهة، وإذا تطلب الأمر اللجوء إلى خطوات استثنائية تقي عدن من مثل هذه المخاطر، خاصة وأن الحرب ما زالت قائمة مع هذه الجماعات التي تتخذ من الجنوب فقط مسرحاً لها.

ونكرر هنا ضرورة الاستفادة من تجربة المكلا في بسط الأمن بتوحيد غرفة عمليات مشتركة للاجهزة الأمنية وتفعيل جهاز الاستخبارات والعمل السريع على نزع حمل السلاح الذي اصبح مع كل من هب ودب في شوارع عدن ومنع حركة السيارات التي لا أرقام لها وكذا الآليات والأطقم العسكرية المشبوهة التي يستقلها مسلحون مدنيون لا تدري إلى أي جهة ينتمون، وإلى اي مكان يذهبون، ولا زي رسمي لهم، وكذا منع تحرك المسلحين الملثمين بالدراجات النارية ، بل ووضع أرقام لها أسوة في بقية البلدان خاصة وقد زادت أعدادها بشكل غير عادي..

ومن المهم التفكير ، بل والعمل سريعا وبدعم من التحالف العربي، لنقل مثل هذه المقرات الهامة كمقر مكافحة الإرهاب وكذا مبني المجلس الانتقالي إلى مواقع أكثر أمناً وبعيداً عن الطرق الرئيسية أو مواقع تجمع المواطنين، بحيث تكون محصنة بشكل أفضل وحمايتها أسهل وبعيداً عن احتمالات الخطر من مثل هذه الأعمال الإرهابية، وليس كما هو الحال الآن بالقرب من طريق هام وبجانب ساحل يكتظ بالأهالي كملاذ ومتنفس لهم لقضاء سويعات راحتهم للاستمتاع بالبحر، وهناك مواقع ومساحات معروفة يمكن أن تكون بديلاً مناسباً.

ومثل هذا الأمر كان ينبغي التنبه له منذ وقت مبكر، خاصة بعد الحادث الإرهابي الذي استهدف محافظ عدن الأسبق الشهيد جعفر محمد سعد، ثم استهداف منزل مدير أمن عدن شلال علي شائع، وها هي الأحداث تتكرر، وتدفعنا إلى طرح هذا المقترح بين بيدي المعنيين للتفكير الجدي فيه.. فهل نتعظ مما حدث..