أحمد كرامة يكتب:

الإمارات أتت إليكم فلا تخسروها

دولة الامارات العربية المتحدة ممثلة بهلالها الأحمر في عدن و حضرموت قدمت لنا كل أنواع الدعم و المساعدة ولولا فضل الله أولاً ثم وقوف الأشقاء الإماراتيين و السعوديين و الكويتيين أيضاً لأختلف الوضع الإنساني و المعيشي في عدن و الجنوب و لدخلنا في كارثة إنسانية مأساوية أكبر بكثير مما نشهدها و نعانيها اليوم ، تصوروا لو أن قوات الحزام الأمني البالغ عددها أكثر من ثلاثين ألف مقاتل كانوا شباب عاطلين عن العمل كيف سيكون الوضع ، ناهيك عن أعداد قوات الجيش و الامن المدعومة إماراتياً و تعد بالآلاف أيضاً ، مع العلم بأن تلك الأعداد الكبيرة تستفيد شهرياً من الدعم المالي الاماراتي المباشر والبالغ ملايين من الريالات السعودية مع توفير السلاح و الغذاء و السيارات و الوقود و غيرها و قد إستفادت بطريقة مباشرة أُسر تلك القوات البالغ عددها بأكثر من مائتين الف نسمة في ظل ظروف تأخر دفع الرواتب لشهور عديدة و ندرة الاعمال و قلة السيولة النقدية .

لم أشاهد الاستعمار البريطاني مباشرة كوني من مواليد 1971م أي بعد خروج بريطانيا بعدة سنوات ولكن الأثر يدل على المسير فأثر بريطانيا واضح المعالم حتى يومنا هذا ، و خصوصاً في عدن من بنية تحتية و جهاز إداري و منشاءات إقتصادية عملاقة شيدت في تلك الحقبة الزمنية الاستعمارية مثل مصفاة عدن و الميناء وغيره ، تأسفت كثيراً على خروج بريطانيا و ما صنعه أبائنا من شر و نكران للجميل وعض يد من أحسن إليهم و مد لهم يد العون و المساعدة و جعل من عدن تلك القرية الصغيرة للصيادين مدينة حديثة بل درة عصرها أنداك وتحسدها كثير من مدن الشرق الأوسط ، كنت أُحدث نفسي دائماً و أقول أن أولئك القوم ليسوا بثوار حقيقيين بل هم أعداء الشعب إذ لم يكونوا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية الضيقة و يفتقرون للرؤية المستقبلية العلمية و العملية لبناء الدولة الحديثة و رفاهية المواطن .

البعض يقول لماذا تكتب دائماً عن الامارات و منجزاتها و أقول بصدق لي و لكم و لتأريخ يجب أن لا نكرر الخطأ مرتين في نفس المكان مع إختلاف الزمان ، بكينا و مازلنا نبكي حتى يومنا هذا على خروج بريطانيا بعدما رأينا الويل و الجوع و القتل و التخلف و الحروب على يد أبناء جلدتنا من الثوار أنداك و بعض من ثوارنا اليوم يسيرون على نفس خطى و نهج ثوارنا الآباء السابقين بل أهم أشد خطراً و شراً و أنانية من سابقيهم ، أرجوكم بأن لا نكرر مرةً أخرى تلك الأخطاء القاتلة مع دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة ، كلنا كنا نحلم بالذهاب للإمارات من أجل العمل في تلك الدولة العربية المتقدمة و المتحضرة و التي يحكمها النظام و القانون ، كلنا نشيد بتقدم الإماراتيين و بنهضة الامارات إقتصادياً و عمرانياً و تكنولوجياً و بمستواهم المعيشي الراقي ، كل تلك المنجزات كانت بسبب القيادة الوطنية الإماراتية الحكيمة التي قادت مسيرة النهضة و التقدم و البناء ، كلنا نتمنى نحن معشر اليمنيين الجنوبيين الوصول لي 20% مما وصلت إليه الامارات و لوا بعد عشرين عام ، المهم أن نبدأ و تساعدنا الامارات بذلك ، و بعضنا قد قرأ أو سمع سابقاً بأن الامارات كانت قبل أن تتحد كانت تسمى بالإمارات المتصارعة لكثرة المشاكل التي كانت بينها ثم تحولت بفضل الله ثم بحكمة حكامها بالإمارات المتصالحة و بعدها بالإمارات العربية المتحدة ، بالإرادة الوطنية الصادقة تصنع المعجزات ومهما كانت التحديات و رحلة الألف ميل دائماً تبدأ بخطوة .

الامارات أتت إلينا ولم نذهب إليها كما كنا نتمنى سابقاً و خصوصاً في عدن و الجنوب اليمني ، تصوروا أن هذه حقيقة وليست حُلم رغم أن أشد المتفائلين ما كان ليتصور تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع ، من أجل مستقبل أفضل بإذن الله لأبنائنا و أجيالنا القادمة الذين سيعيشون أفضل حال منا بإذن الله يجب أن نكون عند حسن ظن أشقائنا الإماراتيين و السعوديين و الخليجيين ، من أجل النهوض بوطن مزقته الحروب و تخطفته أيادي الفاسدين أُناشدكم بالله بأن لا نكرر خطأنا مع بريطانيا و إخراجها من عدن أرجوا أن لا نكرره مع الامارات العربية المتحدة اليوم .

لإصحاب الأقلام الوطنية الشريفة و الضمائر الحية أتقوا الله في شعبكم فقد أتته الدنيا ولم يذهب إليها هذه المرة ، فلا تكونوا سبباً رئيسياً في تعاسة و شقاء قومكم مرةً أخرى ، و يكفي تجريح و تشكيك في الامارات تصوروا لو أن الامارات حزمت حقائبها و رحلت عن عدن و الجنوب اليوم كيف سيكون الوضع و حجم الكارثة علينا ، فكروا ولو لمرة واحدة في مصالح شعبكم لا في أنفسكم و مصالحكم الشخصية الضيقة فقط ، لو كانت دولة أخرى فقيرة أو متسلطة أتت إلينا لقلنا أن لها أطماع و مآرب أخرى في بلادنا ، صحيح أن ميناء عدن ميناء إستراتيجي هام بسبب موقعه ولكن الموقع ليس كل شيء فقد تغير العالم وهذا ما تشاهدونه اليوم فبعدم وجود أمن و إستقرار وقضاء عادل لن تأتي السفن ولن نرى الاستثمارات أبداً ، لم يعد ينظر اليوم إلى الميناء كموقع فقط فتطور صناعة السفن إختصر المسافات وما تبحث عنه شركات الملاحة الدولية العملاقة وغيرها هو حجم الخدمات و الإمكانيات التي يمتلكها و سيقدمها ذلك الميناء من تسهيلات و إعفاءات و سرعة في الشحن و التفريغ و غيره ، رغم أن ميناء دبي كموقع لا يقارن بموقع ميناء عدن ولكن نحتاج لعقود عديدة كي نصل لما وصل إليه الان بسبب أنهم يمتلكون إرادة للنجاح و إدارة وطنية شريفة تدير ذلك النجاح مع توفر الامن و الاستقرار .

نحن عمق دول الخليج و مخزونها البشري القادم وخصوصاً السعودية و الامارات ، صحيح أن ذلك الاهتمام و الإدراك أتى متأخراً بعض الشيء ولكن أتى بوقت نحن بأمس الحاجة إليه و أنت تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي أبداً ، لولا فضل الله أولاً ثم دول التحالف وفي مقدمتها السعودية و الامارات لكنا دخلنا في عصر العبودية فقد أتى ذلك السيد من جبال مران ليستعبدنا جميعاً دون تمييز ، للاسف الشديد مازلنا نعاني من مرض قصر النظر في كل شيء ولم نستوعب بعد حجم تلك التضحيات الكبيرة التي قدمها أشقائنا الإماراتيين من مال و دماء و كذلك السعودية و دول التحالف العربي الاخرى في سبيل تحريرنا ، لم نستوعب بعد حجم تلك الكارثة التي سقطت على رؤوسنا بسبب تلك الحرب الظالمة التي شنت علينا من قبل مليشيات الحوثي و عفاش .

صحيح أن كثير من الدول تجمعها المصالح المشتركة و البعض قد يقول السعودية و الامارات لها مصالح في بلادنا و أقول ما الضير في ذلك وهل ذلك عيب أو إنتقاص أو جريمة يعاقب عليها القانون ، فالعالم أجمع تجمعه المصالح المشتركة و يسير اليوم نحو إنشاء الاتحادات و التكتلات و حتى مجلس التعاون الخليجي أُسس من أجل الحفاظ على مصالح الدول الخليجية المشتركة و ضد التحديات و المخاطر القادمة ، و لنفترض أن للإمارات مصالح في اليمن و عدن و لنا نحن أيضاً مصالح معها أكبر بكثير من مصالحها معنا ، فلنأخذ ميزان و لنضع مصالح الامارات في كفة و مصالح عدن و الجنوب بالخصوص بالكفة الاخرى ، كفة من سترجح ، أيهما المستفيد الأكبر من تلك المعادلة برأيكم بالطبع نحن ، فنحن نحتاج لجهد جبار و أموال طائلة لتأهيلنا و إعادتنا إلى الطريق الصحيح ، أولاً علمياً و ثانياً عملياً فمخرجات التعليم لدينا حتى الأكاديمية ضعيفة جداً ولن تستطيع أن تواكب التطور العلمي و العملي النوعي السريع ، و نحن صفر عمليا فمازلنا نستخدم مصانع و أدوات تكاد تكون الان من العصر الحجري ناهيك عن تهالك البنية التحتية لمرافق الدولة بشكل عام .

فرصة ذهبية تأريخية أتت إلينا ولم نذهب إليها فأرجوكم لا تفوتوا هذه الفرصة الثمينة و غلبوا مصلحة وطنكم و إبناءكم و أجيالكم القادمة على مصالحكم الشخصية و الحزبية الضيقة ، عسى أن يروا أبنائنا و أحفادنا الخير و الأمن و الإستقرار و يعيشوا في وضع أفضل بكثير من وضعنا الراهن المزري و المؤلم .