أحمد سعيد كرامة يكتب لـ(اليوم الثامن):

مشاورات الرياض .. الحوثي الرابح الأكبر

بسبب قلة الخبرة والكفاءة لمعظم الساسة والقادة والزعماء خسر الجنوبيين ( منذ 1967 ) معظم نقاط قوتهم على الأرض وفي المحافل الإقليمية والدولية ، الواقع المتدهور دائما وابدا يقول هذا رغم مرارته .

الثبات والإصرار على المطالب المشروعة للشعب الجنوبي وقضيته المصيرية العادلة واسترداد دولته يمرون اليوم بمنعطف خطير للغاية ، بسبب ضعف الأداء التفاوضي والدبلوماسي والسياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي ، كثرت اللقاءات والزيارات والصور التذكارية لا تعني بالضرورة النجاح بل العكس ، وغياب التقييم وتصحيح المسار أوصلنا إلى هذا الوضع القائم الكارثي المزري المأساوي ، وتم الزج بنا في نفق الأزمات المفتعلة التي لا أول لها ولا أخر لكي نتجاوز مطالبنا المشروعة .

فرض مشاريع إنتهازية فاشلة معلبة من قبل التحالف العربي كمشاورات جدة وإتفاق الرياض ومشاورات الرياض ، أدت إلى تعقيد المشهد السياسي والعسكري والدبلوماسي في الملف اليمني ، وبالتالي نتائجها كانت جميعها تصب في مصلحة الحوثي دائمآ ، يجب أن يرتقي التحالف العربي في سلوكه وتعامله مع حلفائه وشركائه المحليين ، وإظهار شركائه وحلفائه بمظهر التابع المرتهن والمنبطح يعزز من قوة ونفوذ وسطوة وسيطرة مليشيات الحوثي .

مليشيات الحوثي بالشمال لم تقدم أي تنازلات مطلقا للتحالف العربي أو للمجتمع الدولي والاطراف المحلية منذ إستيلائها على العاصمة صنعاء ، بل العكس سخرت وتسخر وستسخر أي تنازلات من قبل التحالف العربي أو الشرعية أو المجمتع الدولي لإعادة ترتيب أوراقها ، والاستعداد كالعادة لجولة قادمة من مارثون المفاوضات أو المشاورات التي تصب جميعها في صالحها ، أو لجولة جديدة من الحروب .

مخرجات مشاورات الرياض العملية كانت فتح مطار صنعاء وإعتماد جوازات صنعاء ، وفتح ميناء الحديدة الذي عزز بشكل كبير موارد مالية مليشيات الحوثي التي وصلت الى أكثر من 100 مليار ريال يمني عائدات الرسوم الجمركية والضرائب لشحنات الوقود في شهرين فقط ، وإطلاق عدد من أسرى مليشيات الحوثي وهدنة شهرين وجاري تمديدها إلى ستة أشهر قادمة ، ناهيك عن المكاسب غير المعلنة ، وإعتراف مبدئي بالحوثي كسلطة أمر واقع في صنعاء .

حتى معبر حوبان تعز لن يفتح مجانا من قبل الحوثي ، الجريمة الكبرى هي أن تعز تعيش وضع مأساوي رغم تقلد ثلاثة من أبنائها هرم الرئاسات الثلاث في اليمن حاليآ ، أنه الفشل والفساد والتخبط والضياع والتبعية المفرطة والارتهان المذل ، مسلوبي القرار والإرادة .

إستهدفت مليشيات الحوثي عمق الاراضي السعودية دون استثناء ، حتى أدركت المملكة أخيرا أنها غير قادرة على دفع أمنها القومي وسلامة أراضيها وإستقرارها ثمنا لهذه الحرب اللعينة ، وأقرت المملكة أخيرا بفشل الرئيس هادي ونائبه ومن معهم وحان وقت طي صفحتهم إلى الأبد ، وكان المخرج كالعادة عينه على الأرض البديلة لبقايا الشرعية إلى عدن وباقي المحافظات الجنوبية المحررة .

بالمقابل ماذا كسب الشعب الجنوبي من كل هذه التنازلات المؤلمة المذلة المستمرة منذ 2015 ، غير الجوع والفقر والمرض والإنفلات الأمني وتدهور كبير للقدرة الشرائية للمواطنين وإنهيار شبه تام للبنية التحتية .

لسنا بحاجة إلى هيكلة شكلية بالمجلس الإنتقالي في هكذا وضع مزري وكارثي ، بل إلى هيكلة حقيقية تشمل الكل دون إستثناء قبل فوات الآوان ، والجمع بين أكثر من منصب يقود إلى مزيد من الفشل الإداري والفساد المالي ، الوطن للجميع وبالجميع ، وأهل الثقة معظمهم غير جديرين بالثقة ، ويجب على المجلس الإنتقالي الجنوبي أن يولي ملف الخدمات والرواتب جل جهده ووقته وإهتمامه ، بتلك الملفات يقترب من حاضنته الجماهيرية ويكسبها ، أو يبتعد عنها ويخسرها .

نكن لمدير عام كهرباء عدن كل الاحترام ، ولكن لقاء رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي اللواء عيدروس بن قاسم الزبيدي معه كان للاستهلاك الإعلامي فقط ، فالوليدي لا يملك أي سلطة تنفيذية على شراء قطع الغيار وإجراء الصيانة العمرية للمحطات وشراء الطاقة المشتراة والوقود ، كون تلك الإجراءات حصرية برئاسة الوزراء ووزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء ووزارة المالية فقط ، وكنت أتمنى من مكتب الزبيدي ترتيب لقاء مع أولئك المسؤولين عن ملف تدهور قطاعات الخدمات وعلى راسها الكهرباء ، إذا أردنا الخروج من مستنقع إستفحال أزمة الكهرباء .

نحن بحاجة ماسة في المجلس الإنتقالي إلى لجان تكنوقراط تشرف على ملفات الخدمات وتبدي رأيها الفني والإداري والمالي بكل شفافية ، وتبحث عن حلول عاجلة وواقعية لأغلب أزمات قطاعات الخدمات في عدن وباقي المحافظات الجنوبية المحررة ، نحتاج إلى وضع أفضل ما لدينا من كوادر مؤهلة في دوائر ولجان المجلس الإنتقالي الجنوبي ، مع إقالة وإقصاء كل فاشل .