عن قبائل باكازم

الدهماء ...الموت شموخا

عندما تسمع كلمة باكازم أو الكازمي تهتز قواك وتشعر برهبة وقع الكلمة ويجول بخاطرك وذهنك شريط طويل من الصور والحكايات والمواقف المتناثرة بل والمتنافرة حينا وتتذكر أن كنت قد قمت بزيارة مناطق باكازم في مديريتي أحور والمحفد بأبين أو مريت بهما وانت في طريقك مابين عدن وحضرموت أو شبوة ..لتتذكر تلك الارض القاحلة الجرداء بجبالها واحجارها السمراء ولك أن تتخيل حجم المعاناة التي يكابدها أبناء مناطق باكازم وانت تشاهد أطفالا يلوحون لك بدبب الماء الفارغة في إشارة لطلب شربة ماء أو أواني المياة المتهالكة المتسخة المتناثرة على قارعة الطريق تحسبا لأي عابر سبيل أو وايت ماء لتعبيتها ..وكذلك تلك المنازل في أبسط صورها . ناهيك عن الوجوه الشاحبة والإجساد النحيلة السمراء التي تنبئك بمدى حالة الفاقة والمعاناة التي يعانيها أبناء الدهماء . لكنهم لايهادنون ولا يبيعون ولا يرتهنون.
صحيح هناك كثير من القصص والحكايات نسجها الخيال الشعبي عن الكوازم بغرض الطرافة والتنكيت وأضاف عليها .
لكن يظل ذكر الكازمي مفخرة للشجاعة والأقدام وايثار النفس وحب الآخر .وأيضا ارتبط بالكوازم حب الطرفة والمقالب .
كل ذلك ليس بجديد عند كثيرين وان كان البعض يجهله ..وما يعنينا في هذا المقام مايمكن أن نستشهد به حاضرا على بسالة ومواقف قبايل باكازم ولعل آخر صفحاتها ماسجله شبابها الأبطال في الحرب مع مليشيات الحوثي وقوات صالح في أكثر من منطقة تواجدوا فيها ..إن يوميات الحرب الناصعة في عدن للتصدي للعدوان الحوثي / عفاشي قد سجلت بأحرف من نور لا تمحى من ذاكرة التاريخ والأجيال مواقف بطولية لأبناء الكوازم في جبهات عدن جنبا إلى جنب مع اخوتهم من أبناء المناطق المختلفة ..سوى في جبهات العريش أو الممدارة أو العصيمي أو جعولة وصلاح الدين وكذلك في أحور والمحفد ولازالوا في باب المندب وصعدة وغيرهم وكان الكوازم اول من روت دماءهم تربة هذا الوطن في تلك المعارك .
المعذرة لانريد التخصيص أو تمييز أبناء باكازم دون غيرهم فيما الكل كان على قدم المساواة في التضحية والفداء ..
ولكن نورد ذلك من منطلق الكارثة التي حلت يوم السبت الماضي بال باكازم وحصد العمل الإرهابي الجبان من شبابهم الأبرياء العشرات ...
أخشى فيما أخشاه وهذه عادة درجنا عليها أن لاتخرج اللجنة المشكلة للتحقيق في القضية عن ماوصلت إليه سابقاتها من لجان شكلت وحبست تقاريرها في الإدراج في أحسن الحالات أو لم يكتب لها أن تستكمل تحقيقاتها لسبب أو لآخر ..
وتخوفي ينبع من حيث أن باكازم لا ضهر لها ولا سند لا في معاشيق ولا في مأرب.
وهذه من (مصايب) باكازم رغم أنهم قوة لا يستهان بها ومواقف أبناءها مشهودة في الملمات .

لذلك فإن أبناء باكازم الدهماء مثلما يموتون وقوفا بشموخ فقد حملوا جثامين قتلاهم بكبرياء وأنفة وعزة نفس دون أن ينتظروا منة الحكومة وصدقتها. .هذه الحكومة الساذجة الفاشلة التي بخلت عليهم وعلى من سبقهم إلى الشهادة في المواقف المماثلة ولو حتى ببيان نعي وأعتقدت أن اعتماد صرف مليون ريال على الورق لكل شهيد ونصفها لكل جريح هي مكرمة ما بعدها مكرمة وأنها بذلك قد أوفتهم حقهم وأنه بعد ذلك لا سبيل لأهالي الضحايا على الحكومة ...مع أنه كان ينبغي على رئيس الحكومة عدم التفاخر والتباهي بنشر وتوزيع نسخ وصور توجيهاته على الملأ قبل أن يجف حبر التوقيع عليها الم يرى في ذلك عيبا واحتقارا أم أن لسان خياله المريض يقول هذه قيمة وثمن هؤلاء .
نعلم أن الحق لا يموت وان الدماء الطاهرة التي تنزف أو تراق على محراب الشهادة لا تجف مهما كانت المحاولات اليائسة لدفنها. . فهيهات. .ومثلما أن أبناء باكازم الدهماء يوازون الأشجار السامقة في موتها واقفة فإنهم كذلك مثلما تنحني الأشجار لهبوب العواصف حتى ترجع كما كانت فإنهم يموتون بشموخ وقوفا .