عبدالله العلمي يكتب:

الابتزاز الإيراني

تهديد الرئيس الإيراني حسن روحاني الاثنين الماضي الولايات المتحدة بأنها ستندم على أي قرار بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية لم يكن مفاجئا. لا يجب الاستهانة بقدرات طهران على توسيع علاقاتها العسكرية مع الميليشيات الإرهابية والمجموعات المسلحة لشن هجمات على مصالح واشنطن في المنطقة.

هدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب واضح وهو الضغط على إيران للحد من نفوذها في الشرق الأوسط. بالمقابل، يهدد روحاني بأن في حالة تعرض طهران لضغوط لإضعافها والحد من نفوذها سواء في المنطقة أو في العالم فإنها “ستقاوم بضراوة”.

يبدو أن الإدعاءات الإيرانية تؤكد استمرارها بالاعتماد على الميليشيات الإرهابية، مثل حزب الله في لبنان وميليشيا الحوثي في اليمن وفصائل الحشد الشعبي في سوريا والعراق، لابتزاز العالم ولخلق واقع دولي متأرجح جديد.

نجحت طهران، للأسف، في إنشاء وتدريب وتسليح الميليشيات الإرهابية واستثمرت الأموال الطائلة لتدريبها على حرب الشوارع واستعمال الأنفاق وتنفيذ الاغتيالات السياسية. وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أكد هذه الفرضية بتحذيره الأخير أن “الرد القاسي على انتهاك الاتفاق النووي مع القوى العالمية لن يسر أميركا”.

ما يقصده ظريف هو أن الميليشيات المسلحة الإرهابية الممولة من طهران، ستستمر في خلق مناطق نزاع لتهديد المصالح الأميركية حول العالم.

لقد عانت المنطقة العربية من تحديات العنف السياسي وإرهاب العصابات المسلحة لفترات طويلة. فَرَضَ ملالي طهران فكرا ثقافيا وطائفيا مقيتا لممارسة استراتيجية التوسع الإقليمي والهجوم الممنهج على دول المنطقة.

وسّعت طهران دائرة ممارساتها الإرهابية وخاصة بعد الهجوم على قاعدة تيفور الجوية، وقتل وإصابة العشرات من العسكريين الإيرانيين هناك. كانت هذه بمثابة صفعة قوية لطهران مقرونة بتفاعل الأسواق الإيرانية بشكل واضح سلبياً مع انسحاب أميركا من الاتفاق النووي.

بالمقابل، ما زالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا تؤكد التزامها بالاتفاق النووي لأسبابها “الاقتصادية” في محاولة يائسة لإقناع واشنطن باحترام الاتفاق. إضافة إلى ذلك، تعلم كل من لندن وباريس وبرلين أن إيران قادرة على خلق المزيد من مناطق التوتر داخل الدول المناهضة لسياستها الدولية.

الدليل على هذا الاستنتاج هو تأكيد حسن روحاني الأحد الماضي أن طهران أعدت خططا لمواجهة أي قرار من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإنهاء الاتفاق النووي مع إيران وأن واشنطن ستندم على مثل هذا القرار.

معظم دول أوروبا أصدرت قوانين وقوائم خاصة لمحاصرة ومحاربة الإرهاب، ولكنها في نفس الوقت مستعدة لـ”تفاهمات” معينة تحميها من إرهاب وابتزاز الميليشيات الممولة من الدول المارقة مثل إيران.

وحتى لا تقفل لندن وباريس وبرلين الباب في وجه ترامب، تعهدت هذه الدول بخجل بنيتها إجراء محادثات بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وأنشطتها النووية بعد 2025. في نفس الوقت، تمسك ترامب برفضه تمديد تخفيف العقوبات الأميركية عن طهران إذا لم يصحح الحلفاء الأوروبيون “العيوب المروعة” في الاتفاق الذي أبرمته الدول الست الكبرى مع طهران.

بالنسبة لترامب، هو يعتبر أن التطرف الإيراني في المنطقة ليس فقط حالة نظرية، بل إن طهران تُحَرِض على الإرهاب. إلا أن أوروبا لا يبدو أنها مقتنعة بأن طهران تمول الجماعات المسلحة لابتزاز دول العالم، إذا لم تستجب لتحقيق أهدافها السياسية والأيديولوجية.