عبدالله العلمي يكتب :

اليأس التركي

المؤتمر الصحافي الهزيل والمنفعل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين جاء متزامنا مع اليأس التركي من تحقيق أي مكاسب من الهجمة الشرسة على السعودية.

تركيا وضعت نفسها في موقف صعب بسبب التأييد الحازم للرئيس الأميركي دونالد ترامب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد حادثة جمال خاشقجي. فمنذ ثمانية أسابيع وأنقرة تُطَبِل وتُزَمِر وتمعن بإصرار في تحريك حجارة قضية خاشقجي. الهدف واضح؛ حشد القوى الدولية المؤثرة، وأبرزها واشنطن، لتصديق روايات أنقرة المضحكة والمتناقضة.

الحملات المتتالية التي شنتها أنقرة ضد الرياض ما هي إلا محاولة يائسة للتودد إلى واشنطن لفرض ضغوط على السعودية، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن العثمانية. هدف تركيا كان حصد نقاط جيوسياسية ومغانم إقليمية ودولية، والنتيجة كانت صفعات مدوية في وجه الحملات المسعورة.

الاقتصاد السعودي على أقدام صلبة بناتج محلي 800 مليار دولار، والمملكة بين الأدنى في دول العشرين في البطالة والدين العام. كذلك شهد العالم الحر على دور الرياض المؤثر في الاعتدال والاستقرار.

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن أن معلومات الاستخبارات لا تقدم دليلا يربط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمقتل جمال خاشقجي. بل إن بومبيو وجيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، أكدا للكونغرس أن الوقت غير مناسب لأي تشريع ضد السعودية. هنا وصلت درجة الإحباط التركية مستوى مرتفعا من اليأس في التلميحات والتخبط في التصريحات.

الترحيب بولي العهد السعودي في الأرجنتين فاق التوقعات. كان على أردوغان أن يكف عن محاولاته اليائسة في الإضرار بسمعة السعودية. كان عليه أن يقتنع أن السعودية قوة فاعلة للاستقرار في الشرق الأوسط، وأن خفض مستوى العلاقات مع السعودية خطأ بالنسبة للأمن القومي لأي دولة “محترمة” في العالم.

خابت ظنون الخليفة العثماني، فهو لا يعلم أن الرياض تعيش في عالم الأقوياء وأن الأمير الشاب أخذ موقعه بين أكبر قادة العالم الشرفاء. خطأ تركيا أنها تبعت- بل وربما خططت- السلوكيات الإعلامية الهابطة ضد الرياض. أما قطر، فقد جندت “الجزيرة” بكل طاقتها اليائسة والمثيرة للاشمئزاز للإضرار بالسعودية، فأصحاب الحماقات لا يمكن أن يكبروا على الإطلاق. السعودية تمضي إلى المستقبل بثقة وطموح وإيمان، وتوثق علاقاتها الدولية بفخر واعتزاز.

برغم التنسيق القطري-التركي في التحريض على الرياض، حرص قادة العالم على الاجتماع بالأمير محمد بن سلمان. ومع أن أردوغان ألقى بكل ثقله بتحريض قادة قمة العشرين والمجتمع الدولي على السعودية، إلا أن السحر انقلب على الساحر. تلقى الإعلام التركي صفعات قوية ونال محمد بن سلمان الاحترام والتقدير والثناء.

المثير للسخرية أن أنقرة- بالتعاون مع قطر- هي من قادت حملة العداء ضد الرياض. إلا أن كلَّما زاد هؤلاء من حملاتهم بتصدير الكراهية وتأجيج الأحقاد، ارتفعت قيمة الرياض. كلما حاولت أنقرة أن تبقي شعلة قضية خاشقجي متوهجة، كثرت نجاحات الرياض. فشلت تركيا وقطر فشلا ذريعا، بينما كان صمام الأمان عنوان الرياض.

رغم كل ما يُحاك ويُخطط ويُنظم، ابتهجت السعودية بتألق محمد بن سلمان في قمة العشرين في الأرجنتين، واحتفلت الإمارات باليوم الوطني، وتألقت البحرين بيوم المرأة البحرينية مجابهة الصعاب والتحديات.

أما تركيا فقد اختارت جحور التنظيمات وزوايا المؤامرات. لهذه الأسباب تعيش تركيا اليوم عصر القلق والأزمات والخيبات.