مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

اخوان اليمن والتحرك في الظل

منذ اليوم الأول للوحدة اليمنية , كانت اهتمامات النخبة الشمالية وتابعيها هو كيفية السيطرة على الجنوب وتحويله إلى منطقة نفوذ و غنيمة لها , ونجحت بذلك بعد حرب صيف 1994 , عندما سقط الجنوب في براثن قوى الظلام والمكر والغدر القبلي والسياسي المتخلف , التي قادها عفاش والزنداني وحزبيهما المؤتمر والإصلاح ( أخوان اليمن ) , الذين تقاسموا الجنوب كغنيمة حرب فيما بينهم , وقاموا بعدها باستجلاب العناصر المتطرفة والإرهابية من كل بقاع العالم واسكنوهم في محافظات الجنوب, و فتحوا لهم معسكرات قريبه من عدن للدفاع عن مصالحهم ولابتزاز الجنوبيين ودول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي , ولكن اليوم ورغم الصعوبات ومؤامرات الأخوان وحرب الحوثي وعفاش , استطاع أبناء الجنوب نسبياً إعادة سمعة الجنوب الحضارية إلى ما كان عليه قبل الوحدة والقادم أفضل .

الخلاف بين المؤتمر والإصلاح في نهاية تسعينيات القرن الماضي لم ينهي ود التقاسم والحفاظ على ما تم نهبه في الجنوب ورغم الخلاف السياسي بينهم , إلا أن الجنوب ظل منطقة هادئة لا يمسها أي ضرر أو خصومه رغم خروج الإصلاح من الشراكة السياسية في السلطة مع المؤتمر , ولكن خروج أخوان اليمن من إدارة البلاد كان يعني الشروع في تنفيذ سيناريو جديد للعودة إلى السلطة ولو بالتأمر أو بقوة السلاح , وهو ما عملوا عليه وبصمت أفضى في النهاية إلى محاولة اغتيال عفاش ومن معه في جامع النهدين و بروز ترسانة قوية من القوات والسلاح على رأسها كانت الفرقة الأولى مدرع , التي فر اغلب منتسبها إلى مأرب , بينما بعض القيادات العسكرية والسياسية الإخوانية هربت إلى خارج صنعاء بعبايات وآخرين لجئوا إلى تركيا حيث أموالهم , التي نهبوها من الشعب وحولوها إلى تركيا ودول أخرى عبر شبكات مصرفية إسلامية داخلية وخارجية لها ارتباطات مع النظام المالي العالمي من خلال الاستثمارات باسم شركات خاصة و وطنية في اليمن .

لا يخفي على احد في الشمال والجنوب قوة تماسك جماعة الأخوان في اليمن وحبها لنشر إيديولوجيتها واستغلالها للدين من اجل الوصول إلى السلطة ونهب الثروات وإزاحة كل من يقف في طريقها , و تاريخ هذه الجماعة منذ تأسيسها عام 1928 في مصر أي قبل تأسيس واستقلال العديد من الدول العربية حافل بالاغتيالات والمؤامرات والانقلابات , وفي اليمن كذلك , حيث تحالفوا مع عفاش من اجل تقاسم السلطة و الجنوب , وعندما أخرجهم عفاش من مواقع السلطة تحالفوا مع الحوثي ضد عفاش وحاولوا اغتياله , وعندما تحالف الحوثي وعفاش ضدهم لم يكن أمامهم من مخرج سوى لبس العبايات والفرار من الشمال والتحالف مع الشرعية مع إبقاء قواتهم المرابطة في الجنوب ( حضرموت ) في حالة هدوء تحت اسم الشرعية إلى حين استخدامها كالعادة في تحالف شمالي شمالي ضد الجنوب , فهذه الجماعة في الوقت الحاضر مشغولة في الخروج من النفق المظلم والمخزي , الذي وضعت الجماعة فيه نفسها بعد اجتياح الحوثي لصنعاء و محاولتهم المكشوفة لتخريب الجنوب المحرر في ظل الشرعية الرخوة .

جماعة الأخوان والمؤتمر وأنصار الله والقوى السياسية والحزبية في الشمال من الممكن أن تختلف فيما بينها , ولكن عند ذكر اسم الجنوب فهم دائما يتوحدون , وأخوان اليمن بالذات في كل صراعات ما بعد الوحدة وخاصة في الشق , الذي يرتبط بالجنوب لم يكونوا عفويين رغم فقدانهم للروئ الإستراتيجية , فهم كانوا ينجحون بسبب عملهم الدائم في الظل وبطريقة ميه من تحت تبن وتجنبهم المواجهة المباشرة, يستخدمون سلاح الازدواج السياسي و يقفون دائما مع الخصم و ضده والطرف التابع لهم , الذي يكسب يعمل في السر على لم شمل الجماعة من جديد لتوحيدها , إلا في الوضع الراهن و خاصة بعد المواقف الصلبة للجنوبيين ومقاومتهم وهبتهم الشعبية لدحر الحوثي وعفاش من المناطق الجنوبية وصولا إلى عمق الشمال بمساعدة التحالف وعلى رأسهم السعودية والإمارات , أصبح الإخوان يدركون أكثر من أي وقت مضى أن عنصر المكر واستعراض العضلات القبلية والعسكرية قد ولى بغير رجعه , وأن صمت الجنوبيين عن قواتهم المكدسة في حضرموت وتعز ومأرب لم تعد ترهبهم , وهم تحت المجهر الجنوبي بشقية السياسي والمقاوم , فالحيطة والحذر واجب من أخوان الغدر , فهؤلاء بالإمكان أن يتفقوا مع من تبقى من قوات الحوثي و بإسناد من جهلة القبائل للقيام بمحاولة يأسه لاجتياح الجنوب من جديد , وما الحديث عن الزنداني وافتتاحه مقهى فخم لتعاطي الشيشة في مدينة إسطنبول وردم وإخفاء عفاش قبل مماته لآبار نفطية في محافطة الجوف والحديدة وذمار , ليس سوى طريقة رخيصة لصرف الأنظار عن سيناريو جديد يتزعمه أخوان اليمن مع بقايا الحوثي والمؤتمر لفرض الوحدة المغفورة سياسياً وإن لم تنجح اللغة السياسية يمكنهم اللجوء إلى القوة العسكرية , ولكن إن استخدموا القوة في هذه المرة فستكون هذه ألمحاوله الأخيرة والخاتمة لقوى الشر القبلي والعسكري في الشمال وأولهم الأخوان , الذين سيختفون مثلما اختفوا في مصر , التي انطلقوا منها قبل 90 سنه ,أما أعضاء المؤتمر سيتفرقون ويتمزق حزبهم أكثر مما هو عليه حاليا ويبقى منه الاسم والتاريخ الأسود شاهد عليهم وعلى تدميرهم للوحدة والبلاد , وأنصار الله ربما يفكرون بعدها بفتح لوكندات في كهوف زعيمهم الحوثي للنوم وتعاطي القات والشمه .