فاروق يوسف يكتب:

إرهابيون في مجلس النواب العراقي

سيكون مجلس النواب العراقي القادم محرجا من أنه يضم خمسة عشر إرهابيا على الأقل من بين أعضائه، هم ممثلو ميليشيا عصائب أهل الحق التي صنفها الكونغرس الأميركي جماعة ارهابية.

ولكن كيف تسلل حملة السلاح غير الشرعي إلى مبنى مجلس النواب؟

ما يحدث في العراق اليوم لا يمكن أن يحدث في أي بلد آخر.

السياسيون هناك بارعون في الحديث عما يسمح به الدستور وعما لا يسمح به. الغريب أنهم كانوا يجدون في ذلك الدستور المرن والملغوم في الوقت نفسه ما يدعم مصالحهم دائما، بغض النظر عن تعارض تلك المصالح مع المصلحة العامة ومع روح القانون.

دستور غريب يعطي الحق في الوقت نفسه لطرفين متنازعين.

ولأن القضاء مسيس ومنحاز فإنه كان يحكم في القضايا المختلف عليها بطريقة لا يمكن الفصل من خلالها بين الحق والباطل.

فالدستور ينص على أن حملة السلاح لا يُسمح لهم بالدخول إلى الحياة السياسية غير أن مسألة الزج بالحشد الشعبي في انتخابات 2018 دُيرت بطريقة قانونية لتكون بمثابة شاهد على أن الزيف في العراق هو سيد الحقيقة في العراق.

لقد نال ائتلاف الفتح المرتبة الثانية في سلم الكتل السياسية الفائزة في تلك الانتخابات. وائتلاف الفتح لمَن لا يعرفه هو الممثل السياسي لمجموعة الميليشيات التي يتألف منها الحشد الشعبي ومن بينها ميليشيا عصائب أهل الحق الإرهابية حسب التصنيف الأميركي.

ولكن تقارير المنظمات ذات الصلة بحقوق الإنسان تؤكد أن الحشد الشعبي بكل مكوناته قد ارتكب جرائم ضد الإنسانية في مناطق مختلفة من العراق. وهو ما يعني أن الأسباب القانونية التي دفعت بالكونغرس الأميركي إلى اعتبار عصائب أهل الحق يمكن اعتمادها في النظر إلى كل فصائل الحشد الشعبي.

وهكذا يكون المسلحون الذين يستعدون للدخول إلى مجلس النواب قد تم وضعهم على لائحة الإرهاب العالمي بغض النظر عما يمكن أن يقوله القضاء العراقي الذي ساهم من خلال انحيازه السياسي المبيت في تدمير الكثير من الحقائق، كما فعل يوم فسر الدستور كذبا من أجل أن ينال نوري المالكي ولاية ثانية وهي الولاية التي دفع العراق ثمنها باهظا.

سيحتل الارهابيون إذاً مقاعدهم في مجلس النواب باعتبارهم ممثلي الشعب. ولكن أي شعب ذلك الشعب الذي يختار إرهابيا ليكون صوته في السلطة التشريعية؟

صحيح أن الحشد الشعبي قد تم تسويقه شعبيا باعتباره كيانا مقدسا، غير أن الشعب العراقي يعرف جيدا معنى أن تتحكم الميليشيات بالشارع فما الذي يمكن أن تفعله إذا ما أتيح لممثليها فرصة الجلوس تحت قبة مجلس النواب؟

سيكون العنف هو الميزان الذي تُسن بموجبه القوانين بالتأكيد.

لقد اتاحت سلطة القانون المسيسة في العراق للإرهابيين فرصة الترشح إلى عضوية مجلس النواب. وهو ما يعني منحهم الحصانة البرلمانية.

بهذا المعنى يكون مجلس النواب قد وهب حصانة لمجرمين، لا يمكن أن يطاردهم القانون المحلي النائم.

ولكن ذلك الأمر لا يمكن أن يكون مقياسا مفيدا. فالطبقة السياسية الحاكمة في العراق فاسدة بل أن جزءا منها قد تورط في القيام بأعمال يمكن أن تُعتبر من وجهة نظر قانونية خيانة عظمى.

لذلك فإن ما يقوله القانون العراقي الذي علقه بول بريمر عام 2003 بجرة قلم لا يمكن أن يكون مصدرا لاطمئنان الجماعات الإرهابية التي جرى منحها بموجب ذلك القانون الحصانة البرلمانية.

فالقانون الدولي سيطارد ارهابيي مجلس النواب العراقي. وهو ما يعني أن ذلك المجلس سيكون متهما بإيواء مجرمين متهمين بجرائم ضد الإنسانية.

وهكذا تكون شرعية السلطة التشريعية في العراق قد ذهبت في مهب ريح الإرهاب.