أحمد كرامة يكتب لـ(اليوم الثامن):
حزب الإصلاح وجبهتا نهم وصرواح
تمر مليشيات الحوثي اليوم بأسوأ حالتها وإنكسارها وهزائمها وضعفها العسكري والمعنوي على الإطلاق , ومع هذه الفرصة الثمينة والتي لا تعوض مطلقا لم يحرز حزب الإصلاح ورموزه العسكرية أي إنتصارات أو أي إنجاز عسكري يحسب لهم في هذه الحرب اليمنية التي أوشكت على نهايتها , جل تفكيرهم وخططهم إنصبت على دولة الإمارات وحلفائها المحليين الذين كان لهم دور بارز بتحرير الجزء الأكبر من الأراضي اليمنية .
حتى طارق عفاش لم يسلم من عدائهم رغم أنه يقاتل نيابة عنهم ويجمعنا معه نفس الهدف حاليآ , علما بأنه منذ 2011م لم تخرج أي مظاهرة أو مسيرة من قبل حزب الإصلاح حتى ضد مليشيات الحوثي , بإستثناء تظاهرات تعز الاخيرة المناوئة لطارق عفاش وقوات حراس الجمهورية , وكأن هذا الحزب حديث عهد بالسياسة وكيفية بناء التحالفات .
بالنسبة لنا معظم الجنوبيين كان تحالفنا مع طارق عفاش مرحلي ومصلحي فقط , سيكتب التأريخ بأن قوات حراس الجمهورية من الشماليين رفضوا أن تكون مأرب أو أي منطقة شمالية هي قاعدتهم الإستراتيجية للانطلاق منها لتحرير شمالهم المغتصب من قبل مليشيات الحوثي الشيعية , سيكتب التأريخ أنهم رأوا بالجنوب والجنوبيين أهل منعه ومدد وثقة وشجاعة ولا يعرفون الغدر والخيانة .
هزائم مليشيات الحوثي العسكرية والمعنوية في جبهات القتال المستعرة كانت كفيلة بإغراء قوات الجيش الوطني المسيطر عليه من قبل قادة حزب الإصلاح لتحقيق بعض الإنتصارات العسكرية في نهم أو صرواح أو قعطبة أو البيضاء أو كسر حصار محافظة تعز ليقولوا نحن هنا أيضآ , نحن لا نرمي أحد بالاشاعات أو بالأكاذيب والحقائق التي على الأرض تقول بأنه هناك تواطؤ متعمد من قادة حزب الإصلاح العسكريين مع مليشيات الحوثي , أو أن هناك إتفاق مبرم بينهما يحرم ويجرم المواجهة أو الاقتتال المباشر بينهما , هي ليست شكوك بل قرائن وأدلة على أرض الواقع تؤكد ما ذهبت إليه .
على الإصلاحيون أن ينحازوا وينتموا أولا لمحيطهم الجغرافي المحلي ونسيجهم الاجتماعي قبل إنتمائهم وولائهم الإقليمي أو الدولي , تعاملت الإمارات معهم مع بداية إنطلاقة عاصفة الحزم عندما كان الوكيل نايف البكري يدير محافظة عدن , وقدمت عبره للجنوب والشعب كل أنواع الدعم العسكري و الإغاثي وحتى المالي , وهي على علم تام بإنتمائه السياسي الإخواني , ولكن الضرورات يبحن المحظورات , وحساسية الوضع العسكري والمرحلة المعقدة جعلت من الإمارات تتجاوز شكوكها حيال التنظيم الإخواني ( حزب الإصلاح ) في عدن وحضرموت وباقي المناطق المحررة .
لم تغلق الإمارات أي مقر من مقرات حزب الإصلاح أو تعتقل مسؤول أو كادر أو حتى عضو من أعضاء الحزب وخصوصا في عدن والجنوب لأنها ترى بأن ذلك شأن يمني داخلي ومهمتها بعاصفتي الحزم والأمل معروفة ومحددة مسبقا .
الكل يعلم بأن محافظة مأرب قد أصبحت معقل وملاذ آمن لحزب الإصلاح , و بطاريات الباتريوت التي تحمي سماء و أرض مأرب هي إماراتية , وأكبر عدد من جنود الإمارات الدين سقطوا شهداء باذن الله ودفعة واحدة كانوا في مأرب , وكان بإستطاعتهم الإنسحاب من مأرب بذريعة وجود الخونة والمندسين ومع هذا تحملوا تلك الخسائر البشرية الفادحة , والالة الاعلامية المعادية والتحريض المستمر الذي لا يكل ولا يمل ولم ينسحبوا .
أعداد كبيرة من الضباط والجنود الإماراتيون موجودين بمأرب لحمايتها إلى جانب القوات السعودية وباقي قوات دول التحالف العربي , الهدف الأسمى جعل الإمارات تتجاوز المؤمرات والدسائس والاشاعات وتفضل البقاء بمأرب رغم كل ذلك .
على الإصلاح أن يعلم بأنه ليس الأذكى أو الأوحد على الساحة السياسية والعسكرية اليمنية , والوصول للسلطة في هكذا أوضاع يحتاج للثبات وتقديم الكثير من التضحيات والتنازلات وليس النأي بالنفس كما يفعل الآن , عهد الانقضاض على السلطة وركوب الموجة واللعب مع وعلى جميع الأطراف أصبح موضة قديمة ومكشوفة بعصرنا الراهن .
على الاصلاح أن يعلم بأن الإمارات عدائها مع التنظيم الأم في مصر لأنه هو من خطط لقلب نظام الحكم في الإمارات ولم تكن قبل ذلك عدوه لأحد , ومع مموله دولة قطر وتركيا التي قدمت الدعم اللوجستي وفتحت أراضيها للمؤامرات والمؤتمرات من أجل إستهداف دول عربية وإسقاط أنظمتها ومنها الإمارات .
لم تعادي الإمارات إخوان المغرب أو تونس أو الجزائر أو غيرهم بإستثناء تلك الدول سالفة الذكر , لأنهم وببساطة لم يشتركوا بالمؤامرة المحاكة ضدها , حزب الإصلاح وقع بخطأ إستراتيجي قاتل وهو تبنيه خيار الحرب على الإمارات في اليمن نيابة عن التنظيم الأم وبتحريض وبتمويل منه , رغم أن الإمارات لم تستهدفه ولم تعاديه أو تحرض ضده حتى بلغ السيل الزبى .
وكانت أول تلك المعارك التي شنها الإصلاح ضد الإمارات إقالة خالد بحاح نائب الرئيس ورئيس الوزراء السابق , وكانت رسالة موجهة ضد الإمارات من قبل الرئيس هادي المسيطر عليه إصلاحيا , وتوجت تلك الحرب بتعيين على محسن الأحمر الإصلاحي نائبا للرئيس اليمني هادي , وإقالة كل من تعاطف أو مال للإمارات من الزبيدي وحتى محافظ جزيرة سقطرى النائية .
ستتوقف المعارك وستنتهي الحرب وحينها فقط سيظهر الحجم الحقيقي لكل تيار أو حزب أو جماعة , وستظهر قوى سياسية وعسكرية جديدة ستغير خارطة اليمن القديمة .
البعض للأسف الشديد قد يتخوف من جيش التباب والاعراس الوطني ذو الميول الإصلاحية , ويتمالكه الشكوك حول هدف وتهديد تلك القوات للجنوب أو الشمال بعد توقف المعارك , وتحليلي الشخصي يقول بأن تلك القوات ستنصهر بالجيش القادم , أو مصيرها التسريح بسبب أنها ستفقد ذلك التمويل الضخم المقدم من بعض دول التحالف العربي الذي كان يساعدها على البقاء .