مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

المقاومة الجنوبية تركع إيران في اليمن

أثبتت المقاومة الجنوبية في الحرب الأخيرة , إنها رقم صعب لا يمكن تجاوزه , و إنها أسرع بكثير من خصومها في التكتيكات العسكرية و تبادل المعلومات مع بعضها البعض حول التغييرات العسكرية بمجرد ظهور أساليب جديدة على ارض المعركة , والمذهل في المقاومة الجنوبية إنها ومنذ بداية العدوان هبة كرجل واحد في كل المحافظات الجنوبية لمواجهة الاجرام الحوثوعفاشي ومن خلفهم إيران , ورغم شحه التسليح وقلة الخبرة العسكرية عند الكثير من أفرادها , إلا إنها استطاعت كسر العدوان , و عندما دخلت دول التحالف الحرب ودعمت المقاومة بالسلاح والغطاء الجوي وصل أبطال الجنوب إلى عقر الأفعى في صعده , وبعدها أخذت المقاومة الجنوبية منحى جديد على عاتقها في الحرب , ألا وهو واجب تأمين شبه الجزيرة العربية من أي مد فارسي عبر تنظيف بوابة الجنوب طلوعا باتجاه الشمال من اذرعه إيران الحوثوعفاشية الفوضوية الإجرامية , التي حاولت السيطرة على البلاد و على الممرات البحرية فيها من اجل تقديمها على طبق من ذهب لأسيادهم في طهران , الذين لم يخفوا فرحتهم بعد دخول قوات عفاش والحوثي الى عدن ليعلنوا سقوط العاصمة العربية الرابعة في أيديهم , ويا فرحة ما تمت .

هناك أربع دول في المنطقة العربية هي محور اهتمام الإرهاب الإيراني وتستخدمها طهران كنقطة انطلاق للهجمات على الشرق الأوسط والخليج , وهي اليمن والعراق وسوريا ولبنان , و نظام الملالي في هذه البلدان يغذي التناقضات الطائفية والميول السلالية ويقوم بتدريب المقاتلين ومدهم بالأسلحة لنشر الاضطرابات الاجتماعية , إذ استفادت إيران من العلاقات المتوترة بين السنة والشيعة في العراق , حيث دعمت العديد من القوى المتطرفة في المجتمع العراقي , مما أدى إلى صراع واسع النطاق داخل العراق بين عامي 2006 و 2011 , و في لبنان البلد , التي زرعت فيه إيران أول آفة لها اسمها حزب الله , يُعد هذا الحزب أحد أقدم أدوات إيران في لبنان و المنطقة العربية , ويتلقى بانتظام الدعم المالي والعسكري من الحرس الثوري الإيراني , لكي تشارك هذه اليد القذرة طهران في تجارة وتوزيع وتهريب المخدرات والأسلحة والمرتزقة الطائفيين, أما بخصوص سوريا فإيران تستخدمها كممر استراتيجي بين لبنان والعراق لنقل الأسلحة والمخدرات والسلع المهربة لتمويل أنشطة أعضاء الحرس الثوري الإيراني , ودعم مقاتلين الأسد وحزب الله في هذا البلد , إضافة إلى بناء القواعد العسكرية الإيرانية , التي تهدف إلى تقديم الدعم العسكري للأسد ومحاولة إيران لتكمله ربط منطقتين من نفوذها مع بعضهما هما العراق ولبنان , أما اليمن فقد كانت من ضمن مناطق النفوذ الإيراني , إلى أن برزت المقاومة الجنوبية , التي كسرت أولى دول النفوذ إلا يراني وقطعت أيادي وكلائها وبددت أحلام إمبراطورية الملالي الشيطانية في شبة الجزيرة العربية إلى الأبد , و اليمن تعد في سياق أولى المناطق العربية , التي خسرتها طهران و هي مسرح عمليات عسكرية وفيها تدور أشد الحروب في المنطقة منذ أعلان الحوثي بمساعدة عفاش الانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن عام 2014 , و قتل بسبب هذا الانقلاب مئات الآلاف من المدنيين , بما في ذلك النساء والأطفال , في مختلف المحافظات , مصحوب بتدهور حاد في الظروف المعيشية في البلاد وانتشار الأمراض والأوبئة .

اليوم المقاومة الجنوبية قطعت يد إيران في اليمن , و أوضحت للشعوب العربية الأخرى بأن البعبع الطائفي المسمى وكلاء إيران , ليسوا سوى نمور من ورق والمعارك شاهدة للمقاومة الجنوبية في الجبال والسهول والصحاري , التي بسببها حولت إيران إستراتيجيتها الحربية في اليمن عبر وكلائها الحوثيين إلى قصف المحافظات والمطارات المدنية السعودية والداخل الجنوبي والشمالي بصورايخ باليستية , أسقطتها جميعا سلاح الدفاع الجوي السعودي والإماراتي , وعلى خلفية هذا القصف العشوائي أدان المجتمع الدولي إطلاق الصواريخ الإيرانية على السعودية , فهذه الصواريخ كانت الصورة الأوضح والأقبح والكاملة للتدخل الإيراني في اليمن وتعكس بشكل كامل درجة الرغبة ألإيرانية في جر المنطقة إلى الحرب لإثبات نفسها كقوة إقليمية , إذ سعت إيران إلى دعم الحوثي وعفاش منذ البداية لتهدد بشكل مباشر أمن دول الخليج العربي و حولت الأزمة اليمنية إلى أزمة إقليمية ودولية رئيسية , حيث أرسلت طهران إلى اليمن بمساعدة الحرس الثوري الإيراني خبراء ومستشارين عسكريين لإعداد الأجهزة العسكرية والصواريخ وعتاد كبير من ألأسلحة الثقيلة, إضافة إلى تكتيك آخر صمم من قبل إيران لتدريب الحوثيين على أنظمة لضرب السفن التجارية في خليج عدن وبحر العرب, وهي الأنظمة , التي طبقها الحوثيين في الهجوم على سفينة مدنية إماراتية تحمل مواد غذائية, تبعها هجوم أخر على سفينة حربية أمريكية أمر بعدها الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن ,الأمر الذي دفع أيضا حكومة الولايات المتحدة للمواجهة مع إيران , التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا وزادت حدتها بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وفرض حزمة من العقوبات الاقتصادية أكثر قسوة عليها ومطالبة الرئيس الأمريكي لكل الشركات والبنوك الأمريكية وحلفائه الأوربيين بمغادر إيران و وقف التعامل مع طهران .

تحرير الحديدة سيشكل ضربة قاصمة للحوثيين وسيقطع أخر شريان تواصل بينهم وبين إيران , التي تمدهم بالأسلحة والصورايخ عبر التهريب إلى ميناء الحديدة , كما أن تحرير الحديدة هو بداية انحسار الدور الإيراني الأسود واذرعنها الظاهرة والمخفية في شبة الجزيرة العربية برمتها و في نفس الوقت هي رسالة إلى بقية شعوب الدول العربية في العراق وسوريا ولبنان للانتفاضة ضد إيران , التي تلعب دوراً جيوسياسياً خطيراً في الشرق الأوسط والعالم العربي جراء ما تمتلك من علاقات مع تشكيلات طائفية جاهلة دربتها وسلحتها , حتى بالصواريخ الباليستية , ولكن المقاومة الجنوبية كشفت هذا الوجه القبيح لملالي إيران و وكلائها في اليمن و كشفت خبثهم وضعفهم أمام إرادة الشعوب, وفضحت إيران أمام الرأي المحلي والإقليمي و الدولي وكشفت حقيقتها , بأنها دولة مارقة لا تزال محشورة في نفق الثورة ولم تخرج بعد إلى طور بناء الدولة الحقيقية, و أن محاولتها تصدير الثورة و زرعها في الدول العربية عبر تدميرها بأيادي كائنات متخلفة محلية هو بمثابة انتحار سياسي واقتصادي لإيران ذاتها , التي دخلت في نزاعات إقليمية ودولية وصل الأمر إلى البدء في إعادة الحصار الاقتصادي الشامل عليها .

الجنوب بعد تحرير الحديدة مقبل على تغيرات كبيرة على الصعيد السياسي والأمني , منها توحيد الأجهزة الأمنية و دور فعال للمجلس الانتقالي في إدارة شؤون الجنوب والفضل لأبطال المقاومة الجنوبية