فاروق يوسف يكتب:
الناقد الفني مزعج
تبحث المؤسسة الفنية العربية عمَن يرضيها لا عمَن يزعجها، تلك فكرة مؤلمة، ذلك لأن النقد غالبا ما يكون مزعجا، لذلك تستبعده تلك المؤسسة من برامجها.
لقد حضرت ندوات يُدار النقاش فيها باللغة الإنكليزية، وهو ما يعني أن المشاركين فيها لم يكونوا معنيين بالفن في العالم العربي الذي لا يعرفون عنه شيئا.
في البدء كنت أعجب لمَ تُقام تلك الندوات، بعد ذلك استوعبت حجم الوهم الذي يقف وراء تلك الظاهرة الاستثنائية على مستوى عالمي، لقد غرّرت المؤسسة الفنية العربية بنفسها أو غُرر بها حين اعتقدت أن الأبواب ستكون مفتوحة أمامها عالميا لو أنها أقامت مثل تلك النشاطات، وهي كذبة، بيّنت الوقائع مقدار ما تنطوي عليه من خداع وتضليل.
ما من شيء ممّا كانت تلك المؤسسة تتمناه قد حدث، لا يزال كل شيء في مكانه، لم تتقدّم مؤسسة فنية عربية خطوة إلى الإمام إلاّ على مستوى الدعم الذي تقدّمه لمؤسسات فنية غربية، كما يحدث مع صالة “وايت تشيبل” البريطانية، فالحضور العربي في المشهد الفني العالمي لا يزال شاحبا وفقيرا، وهو يعتمد بشكل أساس على حيوية ونشاط أفراد يقفون خارج مظلات المؤسسات الفنية العربية ولا يحظون بدعمها.
لقد قرأت قبل سنوات أن متحف الفن العربي بالدوحة ينسق من خلال فنانة أردنية مع مؤسسات فنية برازيلية من أجل إقامة نوع من التعاون الثنائي، وبالفعل عقدت تلك الفنانة اجتماعات، غير أن الوقت مر ولم نسمع عن نشاط يجسد ذلك التعاون.
هل كان المتحف المذكور يكذب علينا أم كان يكذب على نفسه؟ أكتب هذا وأنا على يقين من أن أحدا في المتحف لن يكترث به، ذلك لأنني مجرد ناقد حسب تصنيفهم، وليس مطلوبا منهم أن يستمعوا لما يقوله ناقد، ذلك لأن كلامه يزعجهم.
في المقابل هناك عشرات الأصوات التي تريحهم، إذ لا يبحث أصحابها في الملفات العتيقة، الناقد مزعج فعلا ومن حقكم أن تستبعدوه.
نقلا عن العرب