فاروق يوسف يكتب:

المقاومة عن طريق الاتجار بالمخدرات

في حالة إحكام الحصار الاقتصادي على النظام الإيراني سيضطر حزب الله الملقب مجازا باللبناني إلى تمويل نفسه بنفسه.

الرواتب التي تشدّق حسن نصرالله بأن أفراد عصابته يستلمونها مباشرة من إيران ومنها راتبه الشخصي سوف لن تصل.

ولأن حزب الله لا يملك مصانع ولا مؤسسات نفعية في لبنان تدرّ عليه إيرادات تكفي لسدّ حاجته من الأموال، فإنه باشر في تنشيط تجارة المخدرات التي هي مهنته الأصلية في ظل خلوّ معجم الحلال والحرام من فتوى تضع المخدرات في قائمة الممنوعات الإسلامية.

كما أن تلك التجارة تهدف إلى هدم مجتمعات الاستكبار العالمي. وهو ما يعزز فكرة المقاومة القائمة على الصمود والممانعة ومباغتة العدو من الجهة التي لم يتوقعها والتي توجعه.

يفعل حزب الله اليوم ما كانت تفعله سيدته الخمينية إيران.

فالكميات الهائلة من المخدرات وحبوب الهلوسة التي يجري الإعلان عن ضبطها في المنافذ الحدودية العراقية ليست إلّا جزءا صغيرا مما يجري إدخاله إلى العراق من إيران. وهي تجارة رابحة صار العراقيون يلمسون آثارها في حياة الآلاف من الشباب العاطلين، اليائسين، المهدمين ثقافيا واجتماعيا.

حرب المخدرات لا تتعلق إذاً بدول الاستكبار وحدها. فالعراق ليس من تلك الدول. وهي فكرة تعزز حملة حزب الله الإيمانية التي تهدف إلى تحقيق اختراق سياسي عالمي من خلال المخدرات.

يعتقد حسن نصرالله من منطلق خيلاء الدعم الإلهي أنه في ذلك إنما يردُّ الفضل لإيران في أزمتها العصيبة المقبلة. فهو لا يقل أهمية في ذلك عن نوري المالكي الذي وضع ثروة العراق بين يدي الولي الفقيه أثناء فترة حكمه التي استمرت ثماني سنوات. ولكن لبنان ليس العراق. فهو بلد فقير بموارده الطبيعية.

سيضحك نصرالله من جهلنا كعادته حين يعلن عن تفوقه في الفهم السياسي. لبنان الذي يعـرفه غني بثرواته التي يمكـن أن تكون سلاحا مزدوجا. فهي من جهة تجلب للبنان ومن ثمّ إيـران الكثير من الأمـوال، وهي من جهة أخرى تضرب دول الاستكبار العالمي من الداخل حين تنهك شبابها بالمخدرات.

في اللحظة عينها تبدو الدولة اللبنانية غائبة عن الوعي كما لو أنها لحست شيئا من تجارة نصرالله. ما يريده حزب الله يمكن أن يؤدي بلبنان إلى أسوأ النتائج.

لبنان حزب الله الذي أعلن قاسم سليماني عن ولادته ستحلّ به كارثة العقوبات العالمية. وهو ما سيدفع ثمنه لبنان الرسمي والشعبي على حدّ سواء.

لن تنفع في مواجهة العقوبات الدولية خطابات نصرالله العصماء في شيء. مثلما أن إيران لن تستطيع إخلاء سبيل نوري المالكي إذا ما تمّ إلقاء القبض عليه بتهمة إيداع مليارات الدولارات في المصارف الإيرانية. ومن وجهة نظري فإن المشهد سيكون كئيبا في القريب العاجل.

لقد سبق لتجّار المخدرات اللبنانيين أن احتفوا بقدوم الرجل الذي أنقذ إيران من العقوبات الاقتصادية وهو نوري المالكي من خلال تعليق صوره على الطريق التي تصل مطار رفيق الحريري ببيروت، فهل سيتعلمون من اختفائه درسا ينفعهم في ما تبقى من أيامهم في خدمة النظام الإيراني؟

المؤكد أن حزب الله سيتصرف بطريقة انتحارية. لن تنفعه تجارة المخدرات التي تمت السيطرة عليها دوليا.

ليس أمامه سوى أن يهدد بالانتحار بلبنان. في حقيقته فإن حزب الله هو أشبه بالشخص الذي يلف على خصره حزاما ناسفا.

ليس من الصعب تخيّل أن حزب الله مستعدّ لنسف لبنان كله إذا ما شعر بالخطر. ذلك هو رهانه الوحيد. ليس في حربه ضدّ إسرائيل فحسب بل وأيضا في دفاعه عن إيران التي يعتبرها جبهته الأخيرة.

لذلك يمكن القول إن لبنان الذي اختطفه حزب الله سيكون في خطر.

وكما أرى فإن الحزب الذي تكفّل بتمويل فعالياته عن طريق الاتّجار بالمخدرات لن يقوى على الصمود طويلا، ولن يكون سندا للجمهورية الإسلامية في إيران التي هي في طريقها إلى الأفول.