د. علوي عمر بن فريد يكتب:

نحن والغرب والدين المعاملة

قال الحق سبحانه وتعالى  :(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُون ) الآية 110 سورة آل عمران- صدق الله العظيم .

اختص الله سبحانه وتعالى بلاد الحرمين الشريفين برسالة الإسلام الخالدة ونشرها في بقاع الأرض لأنه سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته ..وعندما خرج الرعيل الأول لنشر الإسلام كانت قلوبهم عامرة بالإيمان والرفق واللين وسمو الأخلاق وحسن المعاملة وفتحوا بها  قلوب  أهل  البلدان والأمصار قبل السيوف والرماح فدخلوا الإسلام وامنوا وصدقوا به .

فأين نحن اليوم من ذلك كله ؟ أين أهل اليمن من أسلافهم الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان يمان والحكمة يمانية ) !!

لقد ضاعت الحكمة وضعف الأيمان اليوم بل ويكاد يتلاشى من قلوبنا وأصبحنا نقاتل بعضا بعض حبا في الدنيا وكراسي السلطة والجاه والمال تحت رايات عديدة ومازلنا نتعلق بأهداب التاريخ الذي مضى وأصبح في خبر كان !!

يقول الإمام علي كرم الله وجه : ( ما أكثر العبر وما اقل الاعتبار ) وقال الإمام محمد عبده عندما زار أوروبا : ( وجدت في أوروبا مسلمين بلا إسلام ووجدت في بلدي إسلاما بغير مسلمين ) !!

ففي الغرب الفرق بيننا وبينهم أنهم يعملون كثيرا وبإخلاص ويتكلمون قليلا ونحن على عكسهم تماما .. حكامهم متواضعون وساستنا مصابون بجنون العظمة وينظرون إلى شعوبهم بازدراء وفوقية .

-     الحاكم المستبد يزرع الخوف والرعب في نفوس من يحكمهم ولكنه لا يملك احترامهم وفي المقابل إن الحاكم الضعيف الذي يبدو مترددا في تصرفاته أمام مواطنيه يفقد هيبة الحكم كما يفقد قدرته على قيادتهم نحو النمو والازدهار !!

-     هناك بعض الزعماء عاشوا حياة غير مترفة وعرفوا بنظافة اليد بحسب رواية المعجبين بهم ولكن كانت سياساتهم كارثية بحق أوطانهم ومواطنيهم وكانت سببا في حروب ونزاعات إقليمية مثل الرئيسين جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم !!

-     تشير صحيفة ال ( واشنطن بوست ) الأمريكية إلى أن بعض زعماء حماس يمارسون تجارة الأنفاق والتهريب في وقت يزداد فيه الفلسطينيون فقرا بينما رئيس الوزراء المقال يطالب بال ( الخلافة الإسلامية ) !!

علما أن ( هنية ) مازال يدير غزة بعد انقلاب مسلح وفي الوقت نفسه مازال يلقي خطبة الجمعة ويؤم المصلين ويأكل الطعام على الأرض كما يفعل الفقراء في حين أصبحت غزة في عهده مليئة بقضايا الفساد واستغلال السلطة .

وفي الغرب :

-     رئيسة وزراء النرويج تشارك عمال النظافة في تنظيف العاصمة ( أوسلو ) وجاستن ترودو رئيس وزراء كندا يتصرف كأنه شخص عادي من عامة الشعب ويستمع إلى هموم الناس !!

-     وزير خارجية الدنمارك يستقل دراجة هوائية عادية دون أي حراسة إلى مقر عمله في حين أثار رئيس مجلس النواب المصري الدكتور علي عبد العال جدلا واسعا بعد شراء 3 سيارات مصفحة للمجلس بمبلغ 18 مليون جنيه مصري !!

-     رئيسة كرواتيا تخلت عن امتيازات الرئاسة والطائرات الخاصة والحراسات وسافرت إلى موسكو وجلست على مقعد سياحي كأي مواطن كرواتي لتشجيع فريق بلادها في المونديال وراتبها 3700 دولار بينما يتقاضى محافظ البنك المركزي اليمني راتبا شهريا يقدر ب 32 ألف دولار !!

-     رئيس النمسا ( الكسندر فان دين بيلين ) عندما توجه إلى عمله لم يجد كرسيا خاليا وظل واقفا ولم يقف له احد ليجلسه مكانه ولم يصفق له احد أو يهتف له : بالروح والدم فهم لا يصنعون الطغاة !!

-     البروفيسور الياباني ( نوبوا كي نوتو هارا ) أستاذ جامعي درس الأدب العربي في جامعة طوكيو ألف كتابا عن العرب اسمه : ( العرب من وجهة نظر يابانية ) لخص فيه الكثير من الواقع العربي نقتطف منه بعض السطور :

-     العرب متدينون جدا وفاسدون جدا ..في اليابان نظيف حقائق جديدة بينما يكتفي العربي باستعادة الحقائق التي اكتشفها في الماضي البعيد وعقولنا في اليابان عاجزة عن فهم أن يمدح الكاتب السلطة نحن نستغرب ظاهرة مديح الحاكم كما نستغرب رفع صوره في أوضاع مختلفة كأنه نجم سينمائي والعرب لازالوا يستخدمون القمع والتهديد والضرب خلال التعليم ويسألون : متى بدأ القمع ؟

-     العبرة ليست بالمظاهر وان بدت جليلة لأن التواضع الحقيقي يتمثل في نتائج السياسات ومن يعرض شعبه للعقوبات الدولية ويرهن مستقبل بلاده لأجندات خارجية لا يمكنه تحقيق الاستقرار لبلده وان كان متواضعا .

-     حين تزداد الأخطاء الشخصية للرؤساء العرب يرفضون الاعتراف بها أو الاعتذار للشعب الذي سرعان ما يثور عليهم فيصابون بهستيرية وعادة يلجأون إلى قمع الانتفاضات الشعبية ولا يعترف بالخطأ أو المسألة !!

-     الرئيس العربي الوحيد الذي اعترف بأخطائه هو : جمال عبد الناصر الذي اعتذر للشعب وتحمل المسؤولية كاملة عن نكسة يونيو لذلك كافئه الناس ورفضوا تنحيه وخرجوا للشوارع مطالبين ببقائه !!

 

وختاما انهي مقالي بما ذكره رئيس ماليزيا مهاتير محمد حيث قال : ( إن الله لا يساعد الذين لا يساعدون أنفسهم فنحن المسلمين قسمنا أنفسنا جماعات وطوائف وفرق يقتل بعضها بعض بدم بارد وأصبحت طاقتنا مهدرة بسبب كثافة الثأر والانتقام التي يحرص المتعصبون على نشرها في أرجاء الأمة عبر كافة الوسائل وبحماس زائد ثم بعد كل هذا نطلب من الله أن يرحمنا ويجعل السلام والاستقرار يستوطن أرضنا ) !!