ضرار بالهول الفلاسي يكتب:
المهمة الحقيقية للإمارات
إذا كان من سرٍ تكشفه قمة الخير والوئام والسلام، والتي جمعت في عاصمتنا الاتحادية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكل من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، فإن ذلك السر هو في الواقع المهمة الحقيقية لدولة الإمارات ليس في شرق أفريقيا فحسب، وإنما في مجمل علاقاتها الدولية والإقليمية.
نحن رسل سلام! ولذلك تجد أن جهودنا منصبة على تحقيقه حيثما عملنا، ونحن لا نتحدث فقط عن السياسة، فمن يتذكر الأسس التي وضعتها القيادة الحكيمة للاستثمارات الإماراتية في الخارج والقائمة على تنمية المجتمعات المستضيفة، والحفاظ على بيئتها مع توفير فرص التشغيل للعمالة المحلية، يدرك عمق البعد الإنساني والتنموي في الفكر السياسي الإماراتي ولدى قادتنا الميامين.
والمصالحة التي رعتها الدولة بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا ليست سوى أنموذج عملي على المنطق الذي تبني الإمارات على أساسه علاقاتها الدولية، ولهذا السبب سعينا للوصول إلى حل سلمي في ليبيا باستضافة لقاء المشير حفتر مع الرئيس السرّاج، ودعمنا جهود إحلال السلام في العراق وسوريا وإنهاء الحرب الأهلية المستعرة هناك، ودعمنا أمن واستقرار الشقيقة العزيزة مصر العروبة والإسلام، بل وأرسلنا قواتنا لتدريب قوات الجيش الصومالي، بهدف تمكينها من إحلال السلام في البلاد ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
حتى عندما دخلنا إلى اليمن تلبية لنداء الحكومة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، فقد كان سعينا وهدفنا الأساس أننا نحارب الانقلابيين الإيرانيين من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو تحقيق السلام والأمن والأمان في اليمن السعيد. ولهذا السبب وجدنا أن شعار الإمارات في المناطق المحررة كان التنمية الفورية، فبمجرد التحرير يبدأ التعمير.
لهذا كله تبدو الخطوات الإماراتية في حل المشكل الموروث بين إثيوبيا وإريتريا خطوات في سياقها الطبيعي تماماً متوائمة مع تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، مثلما تعبّر في الوقت نفسه عن نجاح الدبلوماسية الإماراتية الرفيعة، وجهودها التي توّجت بالقمة التاريخية بين الزعيمين أولاً في أسمرة ثم في أديس أبابا وأخيراً في أبوظبي مع صاحب السمو ولي عهد أبوظبي.
ولعل أبرز مؤشرات نجاح هذه المصالحة التاريخية بالرعاية الإماراتية هو حجم الترحيب الشعبي منقطع النظير بها في البلدين، وهو أمر طبيعي ومتوقع إذا أخذنا بعين الاعتبار حجم وطبيعة الروابط القبلية والعائلية والدينية المتداخلة بين الشعبين، هذا إضافة إلى التسارع المشهود في إجراءات تطبيع العلاقات بين أسمرة وأديس أبابا، والتي توجت باستئناف الرحلات الجوية وإعادة فتح السفارتين.
مهمة الإمارات الحقيقية كما أسلفنا هي نشر السلام والوئام والتنمية، ونحن لسنا مستجدين في هذا السياق، بل نحن من قادة العالم وروّاده، وأبرز دليل على ذلك أنه باستثناء الدول الداعمة للإرهاب فلا توجد لنا علاقات سيئة مع أي دولة. هذا دبلوماسياً أما تنموياً فيكفي التذكير بأن دولة الإمارات احتلت المركز الأول عالمياً كونها أكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم للعام الماضي 2017 حسب بيانات لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث وصلت المساعدات الإماراتية إلى 147 دولة - منها 40 دولة من البلدان الأقل نمواً - موزعة على مختلف قارات العالم.
وهذا كله يؤكد الحقيقة التي نعرفها جميعاً، ويشهد لنا بها العالم أجمع، فنحن دولة تحترف العَمار والإعمار والتعمير، أما الخراب والتخريب فصنعةُ غيرنا!