ضرار بالهول الفلاسي يكتب:
تحالف مكة
شكّلت القمم الثلاث التي استضافتها مكة المكرمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين فرصة تاريخية لكي يسمع من به صمم أن العبث بأمن هذه المنطقة ليس مقبولاً، ولا سكوت عليه، وخاصة قد عبرت الدول المشاركة عن رفضها وإدانتها للأعمال الإرهابية الموجهة ضد أمن المنطقة والطاقة والاستقرار، كما في استهداف السفن في المياه الاقتصادية الإماراتية والهجوم على محطتي الضخ السعوديتين.
لقد كان التصعيد الإيراني الأخير في غاية الخطورة، فهي لم تهدد الناقلات الأربع والمحطتين قدر تهديدها لكل سوق الطاقة العالمي وأمن المنطقة سياسياً واقتصادياً، ما يؤكده الإجماع العالمي على إدانة هذه الأعمال، والمبادرة الجماعية إلى تلبية الدعوة السعودية للقمم الثلاث، فالجميع يستشعر خطورة هذه الأعمال وضررها المحتمل على غير صعيد.
من هنا جاءت رسالة الإمارات واضحة وقوية، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس وفد الدولة، إن العرب أمام مسـؤولية تاريخية لبناء موقف موحّد لحفظ أمنهم، وهو ما تجاوبت معه مواقف عربية مهمة وفي مقدمتها موقف العاهل الأردني والزعيمين المصري والسوداني، إضافة بالطبع للموقف الخليجي الموحد والقوي الذي عبرت عنه القمة الخليجية الطارئة.
ولم تتجاهل القمة الإسلامية حدثاً خطيراً مثل هذه الأعمال الإرهابية، وسبق في دورة مضت أن أحبط البعض محاولة جادة لعزل إيران، لكن الموقف الموحد هذه المرة يحمل في مضامينه رسالة قوية وصارمة إلى كل من يستغلون مسمى الأخوة الإسلامية كحجة للتدخل في شؤون الغير والعبث بشؤونهم الداخلية تحقيقاً لأوهام توسعية لا إسلامية.
وقد نجحت المملكة العربية السعودية الشقيقة من خلال هذه القمم الثلاث في توجيه رسائل على غاية من الأهمية وعلى الأخص للجيران المزعجين رعاة الإرهاب، وفي مقدمتهم إيران، فهذه هي الكرة قد أصبحت في ملعبهم. لقد أعلنا موقفنا واضحاً للجميع، خليجياً وعربياً وإسلامياً، والمطلوب اليوم من إيران أن تقنعنا بالفعل لا بالقول بحسن نيتها ورغبتها في حسن الجوار والعلاقات الطبيعية مثلما يحصل بين أي دولتين.
ولنسمِّ الأمور بمسمياتها فالطرف الإيراني المسؤول مباشرة عن هذه الأعمال الإرهابية طرف طالما اختار المماطلة والتسويف والخداع دبلوماسياً وتفاوضياً، وطالما لم تقدم إيران شيئاً جدياً وعملياً يثبت حسن النية فلن يكون من السهل الوثوق بتصرفاتها.
لهذا نقول إن العمل الجاد يبدأ بعد نهاية هذه القمم، فالمطلوب اليوم البناء على هذا الموقف الموحد، وتحويله إلى آلية تنفيذية في وجه كل من يعبث بأمن أي دولة من دولنا، سواء بالمقاطعة الجماعية، دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، أو حتى التحالف الدفاعي المشترك، والمحاجات القانونية الدامغة، والعمل المشترك في المنظمات الدولية.
ولا عزاء لمن شذ في النار.