د. خالد القاسمي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ذكريات من تهامة
كانت بداية علاقتي باليمن في يناير 1986 بدعوة كريمة من مكتب شؤون الوحدة في الشمال بعد إطروحتي حول الوحدة اليمنية
ما إن تحط بك الطائرة اليمنية من الشارقة إلي صنعاء ويتحدث الطيار وصلنا للعاصمة اليمنية صنعاء وأنت تشاهد من نافذة الطائرة متحف تاريخي وكنز أثري رهيب ويحلق بك الفكر إلي ما درسته في كتب التاريخ عن هذه المدينة التاريخية العظيمة
وكانت إقامتنا في فندق تاج سبأ المطل على ميدان الثورة أو ميدان التحرير وأنت تشاهد الأكشاك وأصحاب البسط في الشوارع فعلا منظر جميل
وحينما تتلمسه عن قرب مع نسمات فجر صنعاء الجميل تجد بساطة الشعب اليمني الطيب الكريم وتتجول وسطهم لتجد الصحف والمجلات والكتب القديمة جو رائع للمشغوفين مثلي بالقراءة والإطلاع وإقتناء النادر منها
وعادة ما تكون اللقاءات بالمسؤولين بعد فترة الغداء في مقايل يحضرها فئات مختلفة من الناس بينهم الوزير والمسؤول والموظف وتدور الأحاديث ومناقشة الأوضاع
وبعدها بثلاثة أيام بدأت رحلتنا من صنعاء إلي مأرب ، وإب ، وتعز ، وتهامة
كانت زيارتي أيام أحداث يناير في الجنوب 1986 وكانوا المرافقين والسائق مشغولين بأحداث عدن فهذا عملهم حيث يطلب منهم تقارير حول الأوضاع
أما بالنسبة لي فكان الموضوع لا يهمني وكنت أستمتع بالوديان والسهول اليمنية الجميلة
لكن في قرارة نفسي أقول هل يعقل ما يحدث من مجازر في عدن بين رفقاء السلاح والنضال هل هذا ما تعلمناه في المدارس والجامعات عن الكفاح المسلح في الجنوب
بعد تجوالنا في مأرب وبعدها إب وتعز ومشاهدة المعالم التاريجية والمدرجات الزراعية الجميلة
توجهنا إلي تهامة وتقابلك في طريقك مدن تاريخية وأثرية من : زبيد وبيت الفقيه وصولا إلي الحديدة
بلا شك أن بساطة شعبها الطيب الكريم وترحيبه بالضيف تأسرك أما اللقاء بعلماء زبيد وبيت الفقيه أهل الفكر والثقافة والوسطية الدينية فهذا كنز لا تود مفارقته فالمخطوطات التاريخية والأثرية في مختلف العلوم تجدها عندهم محتفظين بها كما يحفظون أولادهم
فعلا تهامة كنز ثقافي وأدبي لا يعوض وتكررت زياراتي لها بإستمرار لأنهل من هذا المعين التاريخي النادر الذي لا يعوض
وإذا كانت هناك أمنية أن نعود لزيارتها مرة أخرى
متمنيا أن لا تكون يد مغول العصر من ميليشيات الإجرام الحوثية الإيرانية أمتدت إلي هذا الكنز العظيم
* د. خالد القاسمي