منى بوسمرة تكتب:

إيران اختارت العقوبات

حانت ساعة الحقيقة التي تهرَّبت إيران من كلفتها، على مدى عقود، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، بعد أن اشتد عدوانها على أكثر من مكان دون أن يوقفها أحد.

هذه الدولة الغنية التي أهدرت ثرواتها على صناعة الحروب وإدارتها، وكانت سبباً في تهديد كل جيرانها العرب والمسلمين، فوق تهديدها الاستقرار العالمي، مختارةً الحرب على السلام، وتسببت في ضنك اقتصادي لشعبها، بعد أن خصصت كل مواردها لدعم الإرهاب، وصناعة السلاح وسفك دماء الأبرياء، دون أن تأبه لكلفة ذلك على شعبها أولاً، وما عاناه المجتمع الدولي نتيجة لهذه السياسة.

موعد الحقيقة التي تتجلى بعد ساعات بعقوبات أميركية شديدة، ضد طهران من أجل ردعها، وعودتها إلى منطق الدول بدلاً من منطق العصابات.

الرئيس الأميركي الذي صرح قائلاً إن الهدف من هذه العقوبات هو إرغام النظام الإيراني على اتخاذ خيار واضح، إما أن يتخلى عن سلوكه المدمر، أو أن يستمر على طريق الكارثة الاقتصادية، وكان ترامب قد حذر مراراً خلال الشهور الماضية من هذا الميقات، إلا أن طهران بدلاً من أن تسعى لإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي الذي انسحبت واشنطن منه، واصلت تحديها للعالم عبر تصريحاتها الفوقية، وتهديداتها وسعيها للعب بورقة الأوروبيين، اعتقاداً منها أن التلويح بالمصالح الاقتصادية، لدول مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، سيؤدي إلى ضغوط أوروبية على واشنطن من أجل التراجع عن العقوبات.

ما يطلبه العالم من طهران ليس صعباً، لكن أصحاب المشروع الإيراني الإرهابي يرفضون صون مصالح شعبهم، وبدلاً من التجاوب مع مطالب العالم، التي تتلخص في تفتيش المواقع النووية الإيرانية، ووقف صناعة الصواريخ الباليستية، والكفّ عن التدخل في الدول العربية، ودعم التنظيمات الإرهابية وغير ذلك، يصرّ هذا النظام على مواصلة برنامجه المدمر.

هذا التعنت الإيراني يعني أمرين: أولهما أن المرحلة المقبلة حساسة على صعيد الأمن الإقليمي، من حيث تهور نظام طهران في ردود فعله ومخططاته التخريبية، وثانيهما أن الشعب الإيراني مقبل على فترة صعبة على صعيد متطلباته المعيشية.

الدول العربية وعلى رأسها الإمارات، كانت وما زالت تحضّ طهران على تحكيم العقل من أجل استقرار المنطقة، في الوقت الذي لا يمكن فيه لوم أحد على هذه العقوبات سوى النظام الإيراني وسياساته المتهورة، وهذا ما نقرأه في تغريدة الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي يؤكد: «مع فرض عقوبات جديدة على إيران خلال أيام، من الضروري أخذ وجهة نظر المنطقة بعين الاعتبار، فسياسات إيران العدائية هي المسؤولة إلى حد كبير عن العقوبات الحالية، والحل النهائي يتطلب معالجة إيران لتلك المخاوف، من خلال مواجهة سياسات إيران الشريرة، لدينا فرصة نادرة لتحقيق استقرار حقيقي في المنطقة وليس مجرد إدارة أزماتها، فوجود إيران طبيعية ومستقرة ونامية جيد لجميع المعنيين».

لقد آن الأوان أن يواجه النظام الإيراني ساعة الحقيقة، فإما أن يعتدل ويتخلى عن إرهابه، وإما أن يدفع الثمن، بعد أن أثبت أنه نظام قاتل بكل ما تعنيه الكلمة.

*البيان