د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هذه بضاعتكم قد ردت إليكم يا بعداني !!

 بأسلوب ساخر وتهكم شديد كتب د.كمال البعداني مقالا بعنوان : ( سيناتور أمريكي يتعاطف مع القضية الشمالية ) !!
تحدث فيه ساخرا عن مجموعة من المغتربين الجنوبيين على حد قوله من أنصار المجلس الانتقالي وقال أنهم دعوا سيناتور جمهوري أمريكي للعشاء !!
بقصد طرح مظلومية الجنوب ..وقد لبى دعوتهم وقال البعداني : أنهم بدأوا يشرحون له مظلومية الجنوب وكيف انه مهمش وتم إقصاءه من المناصب وكيف أنهم واقعون تحت الاحتلال الشمالي وأعطوه نبذة عن المجلس الانتقالي وزعيمه عيدروس الذي يناضل من أجل استقلال الجنوب .. وان الرئيس هادي يعمل مع الشمال !!
وواصل البعداني مسرحيته من خياله الخصب أو من واقعنا المرير المؤلم الذي تردى فيه بعض ضعاف النفوس من أبناء الجنوب أمثال هؤلاء الذين باعوا قضية الجنوب واستقلاله ببعض المناصب الشخصية الهزيلة وفضلوا مصالحهم الخاصة على كرامة وطنهم وحرية شعبهم .
وقال البعداني : إن السيناتور الأمريكي تأثر من كلامهم الدرامي وقال لهم : أنا على استعداد لإثارة هذا الأمر داخل الكونغرس ؟؟!!
ولكن لا أدري ماذا سيكون موقف السفارة اليمنية هنا ! ؟؟
فقالوا له : أطمئن السفير من الجنوب ومندوب الأمم المتحدة كذلك ثم سألهم عن سفراء اليمن في الدول الخمس الفاعلة في مجلس الأمن فقالوا له : كلهم من الجنوب وكذلك السفراء في دول مجلس التعاون الخليجي !!
ثم أردفوا بالقول : مندوب الجامعة العربية من الجنوب و 70% من الخارجية والسفارات من الجنوب ... فضحك السيناتور الجمهوري الأمريكي وقال لهم :
ماذا أبقيتم لإخوانكم في الشمال ؟!!
فردوا عليه بالقول عندهم ارتريا وموريتانيا وليبيا وتونس !!
ثم قالوا 70% من أعضاء الحكومة ونوابهم ووكلائهم كلهم من الجنوب حتى في صنعاء الغير معترف بها يرأسها احد أبناء الجنوب .
وقال البعداني: إن السيناتور وقف وقال هل تسخرون مني يا سادة ؟
عن أي مظلومية تتحدثون ؟ !!!
ثم قال لهم إنني سوف أثير الموضوع داخل الكونغرس ولكن القضية شمالية ومظلومية الشمال ( انتهت قصة البعداني )
ونحن نقول للبعداني : إن صح كلامك فيما قلت فأمثال هؤلاء الذين ذكرتهم يا بعداني ما هم إلا من بقايا الحزب الاشتراكي "اليمني" الذين ارتضى قادتهم ببيع الجنوب في مزاد الوحدة الكاذبة مقابل فيلا في صنعاء أو منصب هزيل أو سيارة صالون أبو دبة في التسعينات !!
وهربوا للخلاص من دماء أبناء الجنوب التي لازالت في أعناقهم واحتموا في التسعينات بنظام علي صالح ( الهالك ) ظنا منهم انه طوق نجاة لهم من الحساب من شعب الجنوب الذي ذاق المرارة والألم وسنين طويلة من العقاب الجماعي ثم ساقوه إلى مقصلة الوحدة .
هذا الشعب الأبي الذي يكافح منذ التسعينات لنيل حريته المسلوبة أما من تتحدث عنهم اليوم يا بعداني فقد رهنوا أنفسهم خداما وعبيدا لدهاقنة الوحدة المزعومة و هوامير صنعاء ..فهم مجرد عمال مأجورين ليس إلا .
وسأرد عليك يا بعداني بقصة ليست من وحي الخيال بل من الواقع الذي يتطابق مع وضع هذه الفئة : من (الموظفين الجنوبيين ) الذين ذكرتهم في السلك الدبلوماسي وأقول إن أمثال هؤلاء وحالاتهم تذكرني بقصة حدثت بين ضابط بريطاني ومواطن هندي أثناء احتلال بريطانيا للهند وهي كالتالي :
صفع مواطن هندي مرتين .. فماذا كان رد فعل الهندي في الحالتين ؟
عندما تحترم كرامتك وتراها أغلى ما تملك ستدافع عنها بالتأكيد حتى لو ضحيت بحياتك , ولكن عندما تفرط فيها مقابل مصلحه مهمة كانت لا تستطيع الدفاع عنها حتى ولو بكلمه!!َ!
فقد حكي أثناء وجود الاستعمار البريطاني في الهند , أن أحد الضابط الإنجليز صفع مواطنا هنديا على وجهه وكانت ردة فعل المواطن الهندي صفع الضابط بكل ما يملك من قوة حتى أسقطه أرضا !!
ومن كثر الدهشة انسحب الضابط من المكان وهو يردد : كيف يتجرأ مواطن هندي على ضابط في جيش امبراطورية لا تغيب عنها الشمس وكان متجها إلى مركز قيادته ليحدثهم بما حصل ويطلب المدد لمعاقبة هذا المواطن الذي يراه ارتكب جرما لا يغتفر!!
لكن القائد الكبير هدأ من روعه وأخذه إلى مكتبه وفتح خزينة نقود بها مئات الآلاف من النقود قائلا : خذ من الخزينة خمسون ألف روبية واذهب إلى المواطن الهندي واعتذر منه على ما بدر منك وأعطه هذه النقود مقابل صفعك له!!
جن جنون الضابط وقال : أنا من له الحق في صفعه وإذلاله وقد صفعني وهو لا يملك الحق وهذه اهانة لي ولك ولجيش صاحبة الجلالة بل اهانة لصاحبة الجلالة نفسها !!!
قال الضابط الكبير للضابط الصغير : اعتبر هذا أمر عسكري عليك تنفيذه دون نقاش .
امتثل الضابط لأوامر قائده , واخذ المبلغ وذهب إلى المواطن الهندي وعندما عثر عليه قال الضابط : أرجو أن تقبل اعتذاري صفعتك ورديت لي الصفعة وأصبحنا متساوين وهذه خمسون ألف روبية هدية اعتذاري لك!!
قبل المواطن الهندي الاعتذار والهدية ونسي انه صفع على تراب وطنه مستعمر يحتل أرضه والخمسون ألف روبية في تلك الفترة تعتبر ثروة طائلة .
اشترى المواطن الهندي بجزء من المبلغ منزلا وجزء احتفظ به وجزء اشترى به ( ركشة ) والركشة وسيلة نقل أجرة بثلاث عجل يستخدمها الهنود في تنقلاتهم , اشتغل هذا المواطن واستثمر المبلغ في التجارة وفي وسائل النقل وتحسنت ظروفه وأصبح مع مرور الوقت من رجال الأعمال , ونسي الصفعة لتخليه عن كرامته.
لكن الانجليز لم ينسوا صفعة الهندي للضابط !!
وبعد فترة من الزمن استدعى القائد الانجليزي الضابط قائلا : أتذكر المواطن الهندي الذي صفعك قال : كيف أنسى ؟؟
قال القائد : حان الوقت لتذهب وتبحث عنه وبدون مقدمات اصفعه أمام اكبر حشد من الناس , قال الضابط : لقد صفعني وهو لا يملك شيئا واليوم قد أصبح من رجال الأعمال وله أنصار وحراس ومكناه من قوة لا يحلم بها.. لن يصفعني اليوم فقط بل سيقتلني.
قال القائد : لن يقتلك اذهب ونفذ الأمر بدون نقاش .
امتثل الضابط لأوامر قائده وذهب إلى حيث الهندي وحوله أنصاره وخدمه وحراسه وجمع من الناس ورفع يده وبكل ما يملك من قوة صفع المواطن الهندي على وجهه حتى أسقطه أرضا دون أن يبدي الهندي أي ردة فعل.. بل لم يجرؤ على رفع نظره في وجه الضابط الانجليزي ..!!
اندهش الضابط وعاد مسرعا إلى قائده , قال للضابط : أني أرى على وجهك علامات الدهشة والاستغراب , قال نعم في المرة الأولى رد الصفعة بأقوى منها وهو فقير ووحيد واليوم هو يملك من القوة ما لا يملك غيره ..لم يجرؤ على قول كلمه , فكيف هذا ؟ !!!
قال القائد الانجليزي : في المرة الأولى كان لا يملك إلا كرامته ويراها أغلى ما يملك فدافع عنها , وفي المرة الثانية بعد أن باع كرامته بخمسين ألف روبية لم يستطع الدفاع عنها خوفا على مصالحه !!!.
وقالوا في تراثنا الجنوبي الجميل :
(من باع نفسه وهان يصبر على ذي الهيانة ).
لقد سقنا هذه القصة التي حدثت في الهند لنسقطها على واقع الحال على هذه الفئة من الجنوبيين الذين تربوا على أيديكم يا د. بعداني بعد الوحدة وتطبعوا بطباعكم وقمتم بترويضهم وتدجينهم في حظائركم.. وباعوا الجنوب بمناصب هزيلة أو حفنة من المال حالهم حال الهندي الذي اسقط كرامته وصفعه البريطاني ليس مرة بل مرات عديدة وهو ساكت ...وأمثال هؤلاء الجنوبيين ليسوا محسوبين علينا لأنهم قد استمرؤوا صفعكم وركلكم وقد سقطت كرامتهم !!!
أما أحرار الجنوب الذين أخرجوكم من الجنوب أثناء الغزو الحوثي عام 2015م واستشهدوا وأيديهم على الزناد ستجدونهم أمامكم إذا سولت لكم أنفسكم غزو الجنوب من جديد ... وهيهات أن تصلوا إلى كعب أرجلهم ولن يبيعوا وطنهم وكرامتهم والموت أهون عليهم من أن تدجنوهم في حظائركم .
د.علوي عمر بن فريد