سمير عطا الله يكتب :

شباب الرياض

أمضيت في الرياض نحو 40 ساعة ملتزماً مدة الدعوة التي تلقيتها لمناسبة مؤتمر الوزراء العرب. وهذه المساحة من الوقت لا تكفي للسرد الانطباعي، ولا للكتابة عما لاحظته من متغيرات. كانت الرحلة أقصر زيارة إلى الرياض في نصف قرن: من المطار إلى الفندق إلى المؤتمر إلى المطار. وتحية إلى الخطوط السعودية على التطور. ومن المطار إلى المؤتمر غلب عندي انطباع واحد: شباب في كل مكان. وفي تنظيم المؤتمر هناك أيضاً صبايا في كل مكان. ومعدل الأعمار ليس في صالح أمثالي.
موظفو المطار دون الثلاثين أحياناً. وموظفات الوزارة دون ذلك بكثير. ووجوه الكتاب الجدد في الصحف جديدة. والمواضيع المطروحة مختلفة. والأساليب مختلفة. لكن الأسف الوحيد أن علامات «فقر الدم» وصلت إلى عدد الصفحات وحجم الإعلانات وحجم التوزيع، مثل باقي صحف العالم.
يحدث هذا الضعف الاقتصادي وقت تجددت فيه الصحف على نحو فائق الأداء والحداثة. وكذلك الصحف الصادرة بالإنجليزية التي خرجت من الشكل التقليدي السابق واتخذت لنفسها صورة شبابية تامة. وقد سألني زميل مصري ماذا أقترح على أهل الإعلام، فقلت إن نوع الشباب ينشؤون صحافتهم ولو أخطأوا. فليس من الممكن أن تتغير جميع المهن الحرة وتبقى الصحافة في قوالبها القديمة. أو في بعض رتابتها المملة، أو في البلادة المهنية التي لا يفلح فيها شيء.
كان مضيف المؤتمر، الدكتور عواد العواد، أبرز رموز هذه الظاهرة الشبابية. وفي الشريط الذي عرض عن تاريخ الإعلام السعودي، شاهدنا صورة أول الوزراء الشيخ جميل الحجيلان، وكان يومها في أوائل الثلاثينات من العمر.
في المشاهدة السريعة ترى مدينة تسابق نفسها نحو المستقبل، وتنمو أفقياً وعمودياً بلا حدود. وصار هناك ظاهرة جديدة اسمها «السياح الأجانب»، وإلى جانب سباق الهجن الذي يخلب الألباب الخليجية، هناك الآن سباق الفورمولا في الدرعية، أكثر المناطق تاريخية في الرياض.
إذا كنت من «قدامى الرياض»، لن تحتاج إلى أكثر من 48 ساعة كي تكوِّن لنفسك انطباع التغيير. رياض جديدة تقوم إلى جانب المدينة الأم، استكمالاً لخريطة عمرانية لا يوازى حجمها في أي مكان.