ثامر الجحامي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ضخ الأموال القطرية السوداء
صار معتادا عند ذهابنا إلى المولات والأسواق العراقية، أن ترى عمالا أجانب من دول مختلفة، لا سيما من جنوب شرق آسيا، يستقبلونك بإبتسامة عريضة، ولهجة تثير الضحك، يقومون بالعمل في هذه الأسواق، ناهيك عن المطاعم والفنادق، إضافة الى نسبتهم الكبيرة في الشركات الأجنبية العاملة في العراق.
تؤكد المصادر الرسمية العراقية، أن هناك مايزيد على 250 الف عامل أجنبي في العراق، فقط ثمانية آلاف عامل منهم حاصل على رخصة العمل، أما البقية فلا يملكون رخصة عمل رسمية، رغم أن بعضهم دخل العراق منذ سنوات، دون أن يتعرض للمسائلة القانونية، وكأن أجهزة الدولة إتفقت جميعها على غض النظر عن هذه القضية!.. بل لن نستغرب حين ندخل مراكز مهمة في الدولة أن نجد عاملا أجنبيا، لايملك سندا قانونيا لتواجده في العراق.
يحتل القطاع النفطي المرتبة الأولى في تشغيل العمالة الأجنبية، بأعداد تزيد عن المائة ألف عامل، تتصدر الهند المرتبة الأولى بما يزيد على ثلاثة عشر ألف عامل، تليها الصين ومصر ودول أخرى، يتقاضون أجورا كبيرة يصل بعضها الى 20 الف دولار للعامل الواحد، مع تكاليف السفر والعلاج والسفرات السياحية!.. والغريب في الأمر أن أجور العامل الأجنبي في قطاع النفط هي أضعاف أجور العامل العراقي، على عكس ماموجود في الدول الاخرى، التي تعطي إمتيازات للعمالة المحلية أكثر من العمالة الوافدة.
لايخفى التأثير الإقتصادي للعمالة الأجنبية، إضافة الى التأثيرات الأخرى التي تتعلق بالسياسية والأمن، لكن يبقى التأثيرالأهم هو تزايد حجم البطالة في صفوف الشباب العراقي، التي وصلت الى 40% حسب آخر إحصائية من صندوق النقد الدولي، منها 22.6 في الفئة العمرية من 15- 29 سنة، كما ذكرته إحصائيات وزارة التخطيط لعام 2018، لكن هذه الأرقام المرعبة لم تجد صدى لها عند وزارة العمل، أو الجهات المعنية بمعالجة هذه الظاهرة، رغم إنها كانت سببا رئيسيا لخروج الشباب العراقي في مظاهرات عارمة، في أغلب المحافظات العراقية، مطالبين بتوفير فرص العمل؟!
لا يمكن أن تترك ظاهرة العمالة الأجنبية دون وضع قوانين وتشريعات لمعالجتها، وإلزام الجهات المعنية بتطبيقها، فليس منطقيا أن يقف الجميع عاجزا عن معالجة هذه الظاهرة، ويفتح البلد على مصراعيه أمام مشاكل كثيرة، منها الإقتصادية والإجتماعية والأمنية، وأن يصبح أبناءه غرباء في وطنهم، يرون العمالة الأجنبية قد زاحمتهم على فرص عملهم، وعلى إستخدام الخدمات غير المتوفرة أصلا، فالجانب الصحي لايحتمل زيادة ربع مليون نسمة، وكذلك سوق العمل والمرافق العامة الأخرى.
لا ضرر من جلب عمالة محترفة ماهرة، تكسبنا مهارات وخبرات نحتاجها، أما ان يتم جلب عمال غير مهرة أو بتخصصات تتوفر مثلها محليا..فهذا تدمير متعمد لإقتصادنا.