ثامر الحجامي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العراق: دولة أم برج مراقبة ؟!

أغلبنا يجهل تفاصيل معاهدة " صوفا " التي وقعتها الحكومة العراقية عام 2008 مع قوات الاحتلال الامريكي ! وماهي بنودها، وعديد القوات الأجنبية التي ستبقى وصلاحياتها داخل الأراضي العراقية، وفي كل مرة تكثر فيها التساؤلات، يكون الرد بأن الدواعي الأمنية تمنع البوح بذلك.

   لذلك فإن كذبة جلاء القوات الأمريكية من العراق عام 2011 هو مجرد دعاية إعلامية، إنطلت على البسطاء فقط، الذين صدقوا أن هناك حكام لهم من الإستقلالية والخبرة، ما يمكنهم من عقد إتفاقيات تراعي المصلحة العراقية أولا، وتجبر المحتل على مغادرة العراق هكذا؛ دون أن يكون هناك ثمن، وكأنهم يملكون عصا سحرية لإجبارهم على ذلك.

  ما لبثت أن خرجت القوات العسكرية من جنوب العراق، حتى دخلت قوات آخرى بلباس جديد من شماله، مدعومة بالمال والسلاح والإعلام من تلك الدول، عملت بكل مافي قلوبها من حقد وغل، على تمزيق العراق وقتل أبنائه وتشريدهم، وتهديم مدنه وجعلتها أشبه بمدن القرون الوسطى، وكادت أن تذبح العراق من الوريد الى الوريد، لولا أنتفاضة شعبه بأجمعه، وبدعوى الإتفاقية الأمنية، عادت أغلب القوات الأمريكية الى العراق عام 2014، تحت ذريعة محاربة داعش.

   بعد قتال زاد على ثلاث سنوات ونصف أعلن  العراق إنتصاره على الإرهاب بعد ان أعطى ثمنا باهضا من الدماء والأموال، لكن القوات الدولية المنضوية في ما يسمى " قيادة العمليات المشتركة " لم يعرف مصيرها وماهي واجباتها، وماهي قانونية تواجدها على الأراضي العراقية، ولماذا بدأت أعدادها تزداد؟ بعد إنتهاء الحرب على داعش، وذهاب الأوضاع في سوريا الإنفراج والهدوء النسبي.

   دون خجل وبطريقته المعروفة؛ قالها ترامب صريحة واضحة، لاطما بكلماته جميع الأفواه التي إدعت عقدها إتفاقيات الجلاء، او التي تتبجح بمقاومة التواجد الأمريكي، وأعلن أن الولايات المتحدة أنشأت قواعد " مذهلة " في العراق ! تقع في أماكن مثالية لمراقبة دول المحيط الأقليمي لاسيما إيران، وكأن العراق أصبح برج مراقبة للولايات المتحدة، وقاعدة للإعتداء والتجسس على الدول المجاورة؟!.

   يجب أن يكون هناك رد مناسب، تجاه العنجهية والأسلوب الفج، الذي تعامل به ترامب.. يؤكد أن العراق دولة ذات سيادة، تملك القرار الذي يمكنها من جعل القوات المتواجدة على الأرض العراقية، تخضع للدستور والقانون العراقي، الذي يمنع إستخدام أراضي العراق للأعتداء على دول أخرى، مهما كانت طبيعة العلاقة معها، فكيف بالجارة إيران التي تربطها بالعراق مصالح إقتصادية وسياسية مهمة، وكانت الشريك الأبرز في محاربته للإرهاب وعصابات داعش.

  لابد أن يحرص الجميع على عدم جر العراق الى محاور الصراع الدولية، ولاتكون أرضه ساحة لتصفية الحسابات وحلبة للمصارعة بين الدول المتخاصمة، ولن يتحقق ذلك إلا بإقامة علاقات متوازنة مع دول العالم، أساسها المصالح المشتركة، عندها سيثق المواطن بقادته وتحفظ الدولة هيبتها.