كرم نعمة يكتب:
الملابس الثمينة لا تخفي عجرفتنا
استشارتني زوجتي بشأن سؤال تعرضت له يتعلق بأهمية المظهر، ومن حسن الحظ صادف ذلك صدور تقرير نشرته صحيفة فايننشيال تايمز، عن احتماء الأثرياء بالملابس المثيرة للتطفل بشكل دائم.
بإمكان المتابع أن يتعرف على بدلة رئيس دولة أفريقية فقيرة بعد أن ظهر فيها أكثر من مرة، لأن طرازها ليس من الشائع حاليا، فقد تم التخلي عنه ولم تعد تعرضه ماركات الملابس منذ أكثر من عشر سنوات، لكن من حسن حظ الرؤساء المعتنين بقيافتهم، أن اللون الأزرق الغامق هو أكثر شيوعا اليوم في بدلات الرجال فيصعب على المرء التعرف على ما إذا كان الرئيس يرتدي بدلة احتفال الأمس ذاتها أم واحدة جديدة.
لندع الرؤساء، فما يهمنا أكثر أفراد المجتمع وكيف عليهم الاعتناء بقيافتهم بغض النظر عن ثمنها، ألّا تظهر رثا في ملابسك لا يعني أنك ثري، قد ترتدي ملابس رخيصة لكنها مهندمة ومعقولة، وخزانة ثيابك لا تحتوي غير بدائل قليلة. فلا حاجة إلى أن تندب حظك. صحيح أن “الملابس تصنع الرجل” وفق تعبير روجر ستون مؤلف كتاب “60 قاعدة: كيف تربح في السياسة والأعمال والأزياء”، لكنها مصدر قلق للمرأة أكثر من كونها مصدرا للسعادة. لذلك يجادل ستون بأنه يجب على المرء الغني أن يبدو في مظهره مثل أي إنسان عادي “غير لافت للنظر”.
تعزو جو إليسون محررة الموضة في صحيفة فايننشيال تايمز ذلك إلى أن السياسات الوسطية وتراجع العمل اليدوي والتآكل التدريجي لعوامل التمييز الطبقية جعلت الحدود ضبابية بين الأغنياء والفقراء. وتقول “نحن جميعا نبدو إلى حد كبير مثل بعضنا البعض. وبدلا من أن يرمقنا الأغنياء بنظرات ماكرة، فإن الأثرياء يقبعون بيننا الآن”.
الفنان كاظم الساهر ثري إلى الحد الذي بإمكانه أن يقتني عشر بدلات يوميا من أرقى الماركات العالمية، لكنه مصر على اللون الأسود إلى درجة أن الجمهور لا يمكن أن يفرق بين ما ارتداه في حفلة الأسبوع الماضي، وما ارتداه في حفلة الأمس.
ومثل هذا الأمر يجب أن يكون مثالا للحذو حذوه، وألا يزعج المرأة أيضا أن لديها عددا محدودا من الملابس، ويخلصها من أحساس أن الآخرين يدونون كل ما تلبسه بالأمس وعليها ألا تكرره اليوم!
أعدت نصيحة إليسون الثمينة على زوجتي بالقول “في دراما الأزياء العظيمة في الحياة، يمكنك أن تأخذ العديد من الأدوار، ولكن لا يمكن لأي قدر من التهافت على ارتداء الملابس، أن يكون بمقدور الخياطين البارعين إخفاء الشخص المتعجرف المتكبر في الداخل”.
لكن أن يبدو محام ثري رثا في ملابسه ومكتبه فذلك ما يجعل من دراما الملابس طريقا للاستياء أكثر من التساؤل، الإنسان يعبر عن نفسه بتواضعه وهندامه ورائحة جسده، وليس بالماركات الثمينة التي يستعرض بها، لا بأس أن يبقى طموح كل إنسان ارتداء مثل هذه الماركات، لكنها ليست الطريق الصحيح لإخفاء الغرور.