مشاري الذايدي يكتب:

إردوغان... عش رجباً تر عجباً!

أحسن من وصف حال الرئيس التركي الحالي، رجب طيب إردوغان، هو أستاذ الأمس وعدو اليوم، فتح الله غولن، الذي يطارد إردوغان وأعوانه ظلَّه بكل مكان.
في مطالعة لصحيفة «لوموند» الفرنسية، تحدث الزعيم الديني الاجتماعي التركي الأب الروحي لحركة «خدمة» فتح الله غولن، حديثاً واضحاً، عن أزمة تركيا الحالية تحت قيادة إردوغان.
مما قاله فتح الله عن رجب: «لقد نزع عنها - تركيا - ثوب (النموذج المثالي)، الذي كانت تطمح إليه معظم الدول الإسلامية في المنطقة».
وشرح أكثر المأساة التركية فقال: «أفسد إردوغان الديمقراطية التي كانت بمثابة بشرى خير على تركيا، وذلك من خلال إحكام قبضته على جهاز الدولة، ومصادرة شركات كبيرة ومكافأة المتآمرين معه. كما أعلنني عدواً للدولة، واتهمني والمتعاطفين معي بأننا السبب وراء كل الشرور والمشكلات التي وقعت في التاريخ القريب من تركيا، وذلك من أجل إحكام قبضته على السلطة والتأثير على توجهات الرأي العام التركي».
أما الأرقام بعهد إردوغان، الخطيب الدائم عن الديمقراطية، فهي مخيفة، دونكم إياها:
فقَد أكثر من 150.000 شخص عملهم، وضع أكثر من 200.000 شخص في السجن الاحتياطي، اعتقال أكثر من 50.000 شخص منهم.
ومع ذلك يقدم إردوغان نفسه «الحل الوحيد»، بل ويخيف كل من ينتمي للقاعدة المحافظة التركية، بأنهم، سينتحرون أو ينحرون إذا لم يخضعوا له، موقع «خبر 7» الموالي للسلطة، حسب وصف جريدة «زمان» التركية نقل عن إردوغان هذه العبارة المذهلة: «إما أن يبايعوني أو يُقضى عليهم»!
نحن أمام «حالة» معتادة من هوس السلطة وتوّهم التكليف التاريخي، على طريقة صدام والقذافي وخامنئي، بدمغة «عصمنلية» هذه المرة.
حتى رفاق الأمس، وشركاء النجاح معه، لم يسلموا من أذاه، بعدما ترددت أنباء عن نية الرئيس الأسبق عبد الله غل، ورئيس الوزراء الأسبق، ومنظّر الصعود العثماني الجديد، أحمد داود أوغلو، تكوين حزب جديد، رداً على تهور إردوغان وتفرده، وتعليقاً على هذه الأنباء قال إردوغان: «هؤلاء نزلوا من القطار ولا يمكن أن يصعدوا إليه مرة أخرى»!
عطفاً على كل هذا، فإن رذاذ الشتائم والهجائيات التي يرسلها رجب إردوغان عبر الهواء إلى مصر والسعودية والإمارات، لا تكون غريبة ولا شاذة، الرجل أدمن هذا، ولم يسلم منه الأقربون حزبياً وشعبياً.
إنه يشبه اليوم ملك الشمس الفرنسي لويس الرابع عشر صاحب الكلمة التاريخية: «أنا الدولة والدولة أنا». مع فارق القرون التي عاشها لويس وعدم تشدقه أصلاً بالديمقراطية.
مرة أخرى... عش رجباً تر عجباً!